من التعذيب بالكهرباء للحقنة السامة.. سجين أمريكي يثير الجدل نحو طرق الإعدام

الإعدام بالكرسي الكهربائي
الإعدام بالكرسي الكهربائي

كتبت: دينا جلال

حالة من الجدل تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية بسبب طرق الإعدام التي يصفها الكثيرون بوسائل تعذيب غير انسانية، وتسببت قصة السجين آلان ميلر الذي ينتظر حكم الإعدام منذ عشرين عامًا في إثارة القضية بشكل مكثف بسبب قرار إعدامه الذي تأجل اكثر من مرة حتى قرر المسئولون إرجاءه إلى أجل غير مسمى بسبب تعارض طريقة الاعدام مع مطالبه وحالته الصحية.

واقعة السجين ميلر تحمل تفاصيل مثيرة تزامنت مع إعلان ولاية الاباما الأمريكية استعدادها لاتباع طريقة إعدام جديدة لم تتم تجربتها من قبل في امريكا أو العالم تسمى «إعدام النيتروجين» ويتم استبدال الأكسجين بالنيتروجين، وتحدث الوفاة خلال ثواني عبر إجبار النزيل على تنفس النيتروجين في غرفة مخصصة ليفقد وعيه ثم يفقد حياته سريعًا بعد حرمانه من الأكسجين اللازم للحفاظ على وظائف الجسم، وتعد ولاية ألاباما الولاية الثالثة التي تطبق تلك الطريقة بعد تصريح النائب العام للولاية بإتاحتها لإعدام السجناء المنتظرين لتنفيذ حكم الاعدام مؤكدًا أن القرار النهائي لطريقة الاعدام امر متروك لمسئولي الإصلاحيات ومراكز تنفيذ الاحكام.

طلب مفقود
في نفس الولاية أثارت قضية إعدام السجين آلان ميلر حالة كبيرة من الجدل لعدة اشهر حيث كان من المقرر أن ينفذ حكم الإعدام في 22 سبتمبر ولكن السجين اعلن رفضه المثول لتنفيذ الحكم بالطريقة المعتادة بالحقنة السامة مؤكدًا أن إدارة السجن قامت بتوزيع استمارة على السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في عام 2018 لإبداء ارائهم في الطريقة التي يرغبون بها وحينها رفض ميلر الإعدام بالحقنة السامة على الاطلاق، ووقع طلبًا لإعدامه بأى طريقة بديلة، اكد ميلر تجاهل طلبه ليقرر القاضي وقف تنفيذ حكم الإعدام بعد تأكيد مسئولي الاصلاحية فقد الاستمارة الخاصة بطلب السجين.

تأجل تنفيذ الحكم لأكثر من مرة إلى أن صدر قرار المحكمة العليا الأمريكية ليلغي قرار القاضي السابق ويصر على إتمام عملية الإعدام وفقًا للطريقة المعتادة بعد أن اكد المسئولون أن اتهامه لسلطات السجن بضياع استمارة طلباته ما هى إلا طريقة ملتوية لتأخير إعدامه، هنا بدأت الإجراءات المعتادة بتوجيه العائلة ومحامي المتهم إلى جانب وسائل الإعلام بالذهاب إلى غرفة الإعدام بالمنشأة، وقضى ميلر الدقائق الاخيرة في حياته بين افراد عائلته والمقربين منه وقبلها سمحت له إدارة السجن باختيار وتناول وجبته الاخيرة المفضلة لديه، وبدأ الاجراء الاخير الذي استغرق دقائق أثارت الانتباه نحو تأخير عملية الاعدام لينتهي المشهد بالتأجيل مرة أخرى حيث اكد المسئولون انهم واجهوا صعوبة كبيرة في الوصول إلى الوريد أو عروق السجين لحقنها بالحقنة السامة.

اقرأ أيضًا

بعد قرار حظر الإجهاض.. الاحتجاجات تتحول إلى عنف واشتباكات في شوارع أمريكا

فأر تجارب
انتهت الإجراءات بالفشل وعاد ميلر إلى زنزانته وحينها اعلنت السلطات تأجيل الإعدام لأجل غير مسمى لحين إنهاء ازمته، وأشار  جون هام مسئول الإصلاحية في ولاية ألاباما، أن الولاية أوقفت الإعدام المقرر في وقت متأخر من الليل لسبب طبي تعذر معه إتمام العملية.

بحث المسئولون سريعًا عن طريقة بديلة لإتمام المهمة؛ ليصدر قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية أوستن هافكر أمر قضائي جديد يطلب البحث في إعدام السجين ميلر بطريقة إعدام النيتروجين الذي اقرته الولاية حديثًا إلا أن الامور تعقدت مرة أخرى، السجين ميلر أكد عبر محاميه رفضه المثول للاعدام بطريقة لم يتم تجربتها من قبل مؤكدًا؛ أنه لن يكون فأر تجارب  وخاصة أن الولاية لم تنته من لوائح وتجارب تنفيذ الإعدام بتلك الطريقة، وقالت محامية السجين مارا كليبانير؛ إن الفريق القانوني يحتاج إلى المزيد من المعلومات حول عملية النيتروجين التي يتم إجراؤها في غرفة الموت في ألاباما ولن يوافق ميلر عليها بطريقة عمياء دون اختبارها لتصبح القضية اكثر تعقيدًا حيث تواجه السلطات الأمريكية اتهامات بتحويل السجناء الى فئران تجارب لطرق جديدة لم يتم اختبارها من قبل في العالم بأكمله. 

انتظار طويل
نعود إلى جريمة آلان ميلر، 57 سنة، عامل توصيل طلبات الذي قتل ثلاثة من زملائه في حادث إطلاق نار مأساوي ارتكبه فى عام 1999 حين قرر الانتقام من زملائه بسبب اعتقاده واتهامه الدائم لهم بنشر الشائعات المسيئة ضده، وقتل ميلر زميلين له بسلاح ناري في مقر الشركة في إحدى ضواحي برمنجهام ثم اتجه نحو زميله الثالث في مكان آخر ليطلق النار عليه سريعا، ألقت السلطات القبض عليه في مكان الحادث واستمرت المحاكمات فترة طويلة بسبب تدخل طبيب نفسي للدفاع عن الجاني واشار إلى حالته العقلية المضطربة إلا أن المحكمة اكدت أن حالته لا تصل إلى حد الجنون مثلما بالغ الطبيب بعد تأكيد الشهود عن اوهامه تجاه زملائه، وفشل الطبيب النفسي في إقناع هيئة المحلفين بمعاناة ميلر من مرض عقلي حاد لتشير المحكمة إلى أن حالته لم تكن سيئة بما يكفي لاستخدامها كأساس للدفاع بموجب قانون الولاية، وينتظر ميلر تنفيذ حكم الإعدام منذ اكثر من 20 عاما قضاها في سجن مدينة بيلهام ليصر على رفض إعدامه بالحقنة السامة مؤكدًا انها مؤلمة وغير انسانية، وتشهد الولايات الامريكية حالة من البطء في تنفيذ إجراءات الاعدام بشكل ملحوظ بسبب تأجيل الاحكام بسبب إجراءات حظر وقيود فيروس كورونا بالإضافة إلى تقدم السجناء بطلب إعادة محاكماتهم وإثارة الجدل نحو قضايا السجناء الابرياء فى عدد من الولايات بسبب فساد المحققين ونقص الادلة والاستعانة بشهود الزور لينتهي الامر بسوء تقدير القضاة في عدد كبير من القضايا.

ثلاث ساعات في غرفة الموت.. إعدامات فاشلة ضد الإنسانية انتهت بتعذيب السجناء

تحولت ولاية ألاباما من الاعدام بالكرسي الكهربائي إلى الحقن المميتة منذ عام 2002، وفي عام 2018 وافق المشرعون على استخدام طريقة أخرى بديلة للحقنة المميتة سيئة السمعة بإعدام النيتروجين عبر قناع وجه طبي يفترض أن يفقد السجين وعيه خلال خمسة عشر ثانية، ولم تستخدم أي دولة تلك العملية من قبل، ولم تضع أي دولة بروتوكولا لاستخدامه من قبل.
رفض ميلر للإعدام بالحقنة السامة لم يأت من فراغ؛ فقد تحولت إلى طريقة الإعدام سيئة السمعة فى الولايات الأمريكية بأكملها وتكافح السلطات للبحث عن طرق بديلة عبر غاز النيتروجين القاتل او استيراد عقارات الموت السريعة المستخدمة بسبب فشل عمليات اعدام سابقة.

يرصد الاعلام الأمريكي حالات الإعدام الاكثر فشلا خلال الفترة الاخيرة حيث استغرق تنفيذ إعدام جو ناثان جيمس في يوليو الماضي أكثر من ثلاث ساعات بعد أن واجه المسئولون صعوبة في العثور على وريده، ووصف اهالى المتهم المسئولين بتعذيبه وفشلهم في اعدامه سريعًا لتصبح الحقنة المميتة لجو ناثان جيمس جونيور هى أطول فترة إعدام مسجلة في تاريخ الولايات المتحدة وتسببت في غضب منظمات حقوق الانسان حيث اشارت إلى أن إخضاع السجين لثلاث ساعات من الألم والمعاناة هو ابشع تعريف للعقوبة القاسية وقالت مايا فوا رئيسة منظمة «ريبريف امريكا» التي تطالب بتأجيل العقوبات او وقفها: لا يمكن لامريكا أن تستمر في التظاهر بأن الممارسة البشعة للحقن القاتلة هي أمر انساني،  وقالت رئيسة المنظمة؛ إنها راجعت أكثر من 275 عملية إعدام فاشلة في الولايات المتحدة بإتباع جميع الاساليب على مدار سنوات عديدة.

تعتبر منظمات حقوق الانسان في أمريكا، ان قضية السجين دويل لي هام هى نموذج لفشل عمليات الإعدام بتلك الطرق حكمًا بوقف تنفيذ الإعدام في فبراير 2018 بسبب محاولات فاشلة للوصول إلى وريده وصلت الى ساعتين ونصف تكررت خلالها محاولة إدخال إبرة في عروقه وتوصل إلى تسوية سرية مع ولاية ألاباما بإستبعاد إعدامه مرة أخرى، وتوفى في عام 2021 بسبب مضاعفات متعلقة بالسرطان، وبالرغم من ذلك تكرر نفس الفشل في ولاية اوكلاهوما حيث تسببت الحقنة المميتة في تدهور حالة السجين جون ماريون جرانت في أكتوبر العام الماضي لتصيبه بنوبات تشنج وقئ لفترة طويلة قبل موته لتؤكد عدم انسانية تلك الطريقة لإنهاء حياة السجناء.