أسباب تراجع الحكومة البريطانية عن خفض ضرائب الأثرياء

لهذه الأسباب تراجعت الحكومة البريطانية عن خفض ضرائب الأثرياء
لهذه الأسباب تراجعت الحكومة البريطانية عن خفض ضرائب الأثرياء

تخلى وزير المالية البريطاني كوازي كوارتنغ عن خطته الرامية إلى إلغاء المعدل الضريبي البالغ 45 في المئة والمخصص لأصحاب المداخيل الكبرى ليتحول إلى ضريبة دخل بالنسبة العادية (20 في المئة) بعد اعتراض حاد في صفوف المحافظين، وذلك في تراجع مهين خلال مؤتمر الحزب.

فبعد 24 ساعة فقط من إصرار ليز تراس على المسير قدماً بخطة الخفض– الذي يستهدف أغنى أغنياء بريطانيا الذين يكسبون أكثر من 150 ألف جنيه (170 ألف دولار) سنوياً– تراجع وزير المالية تحت ضغوط شرسة.

وقال السيد كوارتنغ، "فهمنا وأصغينا"، واصفاً إلغاء ضريبة 45 في المئة بأنه "إلهاء عن مهمتنا الطاغية المتعلقة بالتصدي للتحديات التي تواجه البلاد".

ويأتي هذا التراجع بعد أن تحدث كل من مايكل غوف وغرانت شابس، وهما من كبار المعترضين على الخطوة من بين المحافظين، عن منح الأغنياء مكافآت ضخمة في حين ستنخفض المساعدات الحكومية على أرض الواقع.

وبرز احتمال متزايد بتعرض الخطة إلى هزيمة في مجلس العموم، مع تنامي الاعتراض بين صفوف المحافظين – على الرغم من تأجيل التصويت إلى العام المقبل تقريباً.

وسيثير هذا المناخ تساؤلات جديدة حول مستقبل السيد كوارتنغ، بعد أن قالت تراس لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، إن إلغاء ضريبة 45 في المئة كانت فكرته وحده.

ودعاه زعيم الليبراليين الديمقراطيين السير إد دايفي إلى الاستقالة، قائلاً إنه "فقد كل الصدقية".

وستأمل الحكومة أيضاً في تهدئة الاضطرابات في الأسواق المالية، على الرغم من أن التكلفة البالغة ملياري جنيه التي كانت ستترتب على إلغاء ضريبة الـ45 في المئة لم تكن تشكل سوى جزء صغير من الزيادة الهائلة في الاقتراض الحكومي.

وكانت المشكلة الأكبر سياسية– ركزت الانتقادات الموجهة من قبل العديد من المحافظين على أن الخطوة مثلت هلاكاً انتخابياً للحزب وطمست الترحيب بتجميد [سقف ارتفاع] فواتير الطاقة.

فالأحد، حذر السيد غوف من أن إلغاء ضريبة 45 في المئة أظهر "القيم الخاطئة"، قائلاً إنه لن يصوت لصالح الخطوة، في حين وصف السيد شابس الإلغاء بأنه "خطأ غير قسري يضر بالصدقية الاقتصادية للحكومة".

وفي أعقاب التراجع قال السيد غوف، إنه بات الآن قادراً على دعم حزمة الميزانية المصغرة، لكنه أشار إلى أنه قد يعارض أي محاولة للتراجع عن تعهد رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون بزيادة تضاهي معدل التضخم في المساعدات الحكومية المخصصة لمن هم في سن العمل وتقدر بنحو 10 في المئة في أبريل (نيسان) المقبل. وأكدت السيدة تراس أن الزيادة قيد المراجعة، وسط تقارير عن أنها تفكر في ربطها بمعدل زيادة الأجور وذلك عند نسبة تبلغ ستة في المئة تقريباً.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان سيصوت ضد الحكومة إذا لم ترفع المساعدات الحكومية بما يواكب معدل التضخم، قال غوف لـ"تايمز راديو": "سأنتظر حتى أرى الحزمة بالكامل... اعتقادي في الإجمال هو أن موقف بوريس كان صحيحاً، وأنا في حاجة إلى قدر كبير من الإقناع لتغيير اعتقادي هذا".

وقال السيد شابس، إنه مسرور لرؤية السيد كوارتنغ "يقر بأنهم فهموا أنها كانت خطوة خطأ ويعملون على إصلاح هذه المشكلة".

وكان لزاماً على السيد كوارتنغ أيضاً أن يعيد كتابة خطابه إلى المؤتمر الحزبي، والمقرر أن يلقيه يوم الإثنين، بعد أن أعلنت وزارة المالية أنه سيظل على المسار نفسه" في ما يتصل بسياساته.

ولا يزال يواجه الوزير مزيداً من الاعتراضات حول التخفيضات في المساعدات الحكومية والإنفاق، التي تلوح في الأفق– والمخصصة للمساعدة في تمويل تخفيضات ضريبية أوسع– ورفضه الكشف عن موقف مكتب مسؤولية الميزانية في بريطانيا Office for Budget Responsibility في شأن خططه.

وحاول وزير المالية عدم الاكتراث بسؤال عما إذا كانت مصداقيته قد سقطت الآن، زاعماً ما يلي: "نركز 100 في المئة على خطة النمو".

وقال لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، "وضعت العديد من السياسات التي تنصت فيها الحكومة إلى الشعب وقررت تغيير رأيها"، مضيفاً "قررت رئيسة الوزراء عدم المضي قدماً في إلغاء الضريبة" – قبل أن يتراجع ليقول "لقد قررنا معاً، نحن متفقان".

ورحب السيد شابس بالتراجع "الحتمي" قائلاً، "كانت سياسة ذات تأثير سيئ. هذه الاستجابة معقولة وسعدت بأن الحكومة تحركت بسرعة".

والأحد، سئلت السيدة تراس عما إذا كانت "ملتزمة تماماً بإلغاء ضريبة 45 في المئة المفروضة على الناس الأكثر ثراءً"، فأجابت: "نعم، هذا جزء من حزمة إجمالية تتلخص في جعل نظامنا الضريبي أكثر بساطة وأقل عبئاً".

وفي تغريدة صباحية مبكرة، رددت رئيسة الوزراء موقف وزير ماليتها إذ قالت إن الحكومة "أصغت"، مضيفة "ينصب تركيزنا الآن على بناء اقتصاد مرتفع النمو يمول خدمات عامة عالمية المستوى، ويعزز الأجور، ويولد الفرص في مختلف أنحاء البلاد".