فى الصميم

الوفاء لأكتوبر العظيم..

جلال عارف
جلال عارف

الوفاء لأكتوبر العظيم يعنى ـ قبل كل شىء ـ أن نستوعب الدرس وأن نواصل السير فى الطريق الذى عبرناه من هزيمة لا نستحقها إلى نصر صحح التاريخ وفتح أبواب المستقبل بكل جدارة.

الرحلة إلى النصر العظيم بدأت مع الخروج التاريخى لشعب مصر تحت قصف قنابل الأعداء فى التاسع والعاشر من يونيو لتعلن الملايين رفضها للهزيمة وإصرارها على الثأر، ولتبدأ على الفور ملحمة السنوات الست التى خاضها الشعب والجيش معاً حتى تحقق العبور إلى النصر والثأر من هزيمة ظن الأعداء أنها يمكن أن تكسر إرادة مصر.

لم يكن سهلاً أن يفيد بناء الجيش فى ظل أقسى الظروف. لكننا ـ فيما يصل إلى الإعجاز ـ بنينا جيش المليون مقاتل، وجهزناه بالسلاح وبالعلم الذى جعله يقهر كل التحديات ويحقق العبور العظيم ويحطم خط بارليف فى ساعات، وينتصر فى أول حرب إلكترونية يشهدها العالم.. ومازالت المعاهد العسكرية الدولية تدرسها ضمن المعارك الفاصلة فى تاريخ البشرية.

كان العدو يملك ترسانة سلاح متفوق، لكننا كنا نملك الإصرار على النصر والإيمان بأن أرض مصر لن تخضع لاحتلال مهما كان الثمن. وكنا نملك العلم والتخطيط السليم والجيل الجديد من المقاتلين الذين أهلتهم ثورة يوليو بالتعليم الجيد والثقافة الوطنية.

وكنا ـ قبل ذلك كله ـ نملك هذا التلاحم الفريد بين الشعب وجيشه والذى كان أحد تجلياته إقامة حائط الصواريخ العظيم الذى كان «بشارة العبور» والذى تم بتضحيات هائلة من الجنود والعمال الذين لم يدخروا جهدا لإتمام المهمة تحت قصف القنابل الإسرائيلية.

الوفاء الأعظم لأكتوبر يكون بالسير على طريقها.. الإيمان بالهدف والوحدة من أجل تحقيقه. العلم والتخطيط السليم والمتابعة الدقيقة لكل التفاصيل.. إدراك الجميع أنها معركة وطن وأنه لا بديل عن تحرير الأرض واستعادة الكرامة.

بعد كل هذه السنوات يبقى درس أكتوبر حياً. الأعداء يجاهدون حتى لا يروا «أكتوبر» مرة أخرى، ونحن نريده الطريق الذى نسير فيه نحو الانتصار فى كل معاركنا.. بالعلم والتخطيط والتحديد السليم للأولويات ثم حشد كل الجهود من أجل تحقيقها.

كل أكتوبر، ومصر ـ شعباً وجيشاً ـ قادرة على العبور إلى الأفضل.