هويتنا لا تعرف إلا النصر

مصطفى منير
مصطفى منير

‭..‬نحتفل‭ ‬بالذكرى‭ ‬الـ‭ ‬49‭ ‬لانتصارات‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيدة،‭ ‬وعبور‭ ‬رجال‭ ‬قواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬خط‭ ‬بارليف‭ ‬والذى‭ ‬توهم‭ ‬العدو‭ ‬استحالة‭ ‬عبوره‭ ‬مستخدمًا‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الدعاية‭ ‬المتاحة‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لتأكيد‭ ‬هذه‭ ‬الاستحالة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بث‭ ‬الفكرة‭ ‬وتدمير‭ ‬المقاتل‭ ‬المصرى‭ ‬نفسيًا،‭ ‬ولكن‭ ‬معجزة‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الموافق‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973،‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬1393‭ ‬هـ،‭ ‬والتى‭ ‬قامت‭ ‬قواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬بصفعة‭ ‬قوية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬ظن‭ ‬أن‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬ستتعثر‭ ‬فى‭ ‬كبوتها‭.‬

فعلى‭ ‬مر‭ ‬العصور،‭ ‬وهذا‭ ‬الوطن‭ ‬مستهدف‭ ‬لكنه‭ ‬دائما‭ ‬وابدا‭ ‬فى‭ ‬حماية‭ ‬ابنائه‭ ‬الشجعان،‭ ‬تروى‭ ‬كثيرًا‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬حكايات‭ ‬وبطولات‭ ‬رجال‭ ‬مصر‭ ‬الجدعان،‭ ‬فالعدو‭ ‬قد‭ ‬يختلف‭ ‬وأسلوب‭ ‬الحرب‭ ‬ايضًا‭ ‬يختلف‭ ‬بحكم‭ ‬عوامل‭ ‬الزمن،‭ ‬ولكن‭ ‬تظل‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬المحن‭ ‬والشدائد‭.‬

حافظ‭ ‬المصريون‭ ‬القدماء‭ ‬على‭ ‬حضارتهم‭ ‬لآلاف‭ ‬السنين‭ ‬وهو‭ ‬شيء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هينًا‭ ‬او‭ ‬سهلاً،‭ ‬ومن‭ ‬جيل‭ ‬لجيل‭ ‬يحملون‭ ‬صفات‭ ‬واحدة‭ ‬تجمعهم‭ ‬هوية‭ ‬واحدة‭ ‬يتمسكون‭ ‬بها‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬فما‭ ‬سجلته‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ‭ ‬وشهد‭ ‬به‭ ‬العدو‭ ‬قبل‭ ‬الصديق‭ ‬يؤكد‭ ‬عزم‭ ‬المصريين،‭ ‬وعظمة‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المصرية‭.‬

فحروب‭ ‬المصري‭ ‬القديم‭ ‬العادلة‭ ‬أمام‭ ‬الطامعين‭ ‬والواهمين‭ ‬بالسيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة،‭ ‬كان‭ ‬الانتصار‭ ‬فيها‭ ‬مثالا‭ ‬قويا‭ ‬أن‭ ‬للارض‭ ‬المصرية‭ ‬رجال‭ ‬يحمونها‭ ‬وهم‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للتضحية‭ ‬بأرواحهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استمرار‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬أداء‭ ‬رسالتها‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خطر‭.‬

تمر‭ ‬السنوات‭ ‬الهدوء‭ ‬يسود‭ ‬احيانًا،‭ ‬ولكن‭ ‬يعود‭ ‬ويظهر‭ ‬العدو‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬طامعًا‭ ‬فى‭ ‬خيرات‭ ‬البلد‭ ‬وحضارتها‭ ‬ولاهدف‭ ‬أمامه‭ ‬سوى‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬وإن‭ ‬فشل‭ ‬يحاول‭ ‬إيقاف‭ ‬النجاحات‭ ‬وصناعة‭ ‬المستقبل،‭ ‬للأسف‭ ‬هذا‭ ‬حال‭ ‬وقدر‭ ‬أمة‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬الأمم‭ ‬التى‭ ‬عرفتها‭ ‬البشرية‭ ‬‮«‬مصر‮»‬‭.‬

وفى‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬كانت‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيد‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬العزة‭ ‬والكرامة‮»‬،‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬الذى‭ ‬اعتقد‭ ‬أنه‭ ‬وصل‭ ‬لأغراضه‭ ‬وأصبح‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬كما‭ ‬يشاء‭.. ‬كان‭ ‬الغرور‭ ‬يتملك‭ ‬العدو‭ ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬المستحيل‭ ‬قد‭ ‬يتحقق‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬المصريون‭ ‬والرجال‭ ‬الابطال‭ ‬بقواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬استرداد‭ ‬حقنا‭ ‬فى‭ ‬أرضنا‭.‬

وأمام‭ ‬وسائل‭ ‬اعلام‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬كان‭ ‬المستحيل‭ ‬ينهار‭ ‬وغرور‭ ‬العدو‭ ‬يتلاشي‭ ‬فى‭ ‬ساعات،‭ ‬وقواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬المستحيل‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬المستحيل‭ ‬إن‭ ‬وجد،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬الضاربة‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬كانت‭ ‬الإنسانية‭ ‬المصرية‭ ‬غالبة‭ ‬فأثناء‭ ‬عبور‭ ‬الأبطال‭ ‬المصريين‭ ‬وتحرير‭ ‬الأرض؛‭ ‬سجل‭ ‬رجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المصرية‭ ‬نموذجًا‭ ‬شريفا‭ ‬وقويا‭ ‬بقواعد‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬اسرى‭ ‬الحرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬تسعى‭ ‬للحق‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الغير‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬عدوًا‭.‬

تحديات‭ ‬قوية‭ ‬كانت‭ ‬أمام‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬الشهيد‭ ‬محمد‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬ورجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬استطاعوا‭ ‬وقتها‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬والوصول‭ ‬للنصر،‭ ‬وبعد‭ ‬الحرب‭ ‬كانت‭ ‬معركة‭ ‬السلام‭ ‬لتعود‭ ‬سيناء‭ ‬الطيبة‭ ‬لأهلها‭.‬

ومن‭ ‬روح‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيد‭ ‬والذى‭ ‬يهل‭ ‬علينا‭ ‬نسائمه‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬نستمد‭ ‬القوة‭ ‬والتحدي‭ ‬فى‭ ‬معركة‭ ‬صناعة‭ ‬المستقبل‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭.‬