عبدالله حسن يكتب: إنما الأمم الأخلاق مابقيت

عبدالله حسن
عبدالله حسن

مبادرة جديدة مهمة أطلقتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تدعو المصريين للتجمل بالأخلاق وعودة المجتمع المصرى إلى الأخلاق العالية التى كانت السمة المميزة للمصريين فى تعاملاتهم مع بعضهم البعض ومع الآخرين من الزوار والضيوف والسائحين مهما كانت جنسياتهم، كان المصريون طوال تاريخهم يتميزون بالروح العالية والطيبة فى تعاملاتهم وكان يضرب بهم المثل فى كل شيء، فاحترام الصغير للكبير واجب تربينا عليه منذ الصغر وكان الصغير يترك مكانه فى الأتوبيس عندما يجد رجلا كبيرا لا يمكن أن يظل جالسا ويتركه واقفا وإذا صعدت إمرأة فتجد أكثر من فرد يتنافس فى الوقوف لها لتجلس مكانه، وكانت روح المودة والتراحم هى السمة المميزة للمصريين فى الريف والحضر خاصة فى المناسبات والأعياد والأفراح والأحزان فالجميع متحابون ومتعاونون فى السراء والضراء تجدهم جنبا إلى جنب يفرحون لأفراحهم ويحزنون لأحزانهم.

للأسف الشديد غابت هذه الأخلاق والمشاعر النبيلة فى السنوات الأخيرة عن جميع المصريين إلا قليلا وأصبحت الأنانية هى الغالبة والكل يلهث وراء نفسه لا يهتم بغيره ولافرق فى ذلك بين قريب أو بعيد ورأينا التدهور ف الأخلاق وتفكك العلاقات  فى التعامل حتى بين أفراد الأسرة الواحدة وأصبحت الماديات هى المسيطرة على السلوكيات بعد تراجع المشاعر النبيلة التى كانت تميز المصريين عن غيرهم من الشعوب الأخرى، وتنقل إلينا الصحف ووسائل التواصل الإجتماعى كل يوم العديد من الجرائم البشعة والغريبة على المجتمع المصرى ووصل الأمر إلى أن يقتل الابن أمه أو أباه من أجل بضعة جنيهات أو يحدث الشقاق والخصام بين الأشقاء والأقارب لعدة سنوات لأسباب تافهة أو بحثا عن ميراث بعد رحيل الأبوين أو فى حياتهما، والمأساة الكبرى عند الشيخوخة عندما يعانى كبار السن من الوحدة بعد أن انشغل عنهم الأبناء والأحفاد وتركوهم ينتظرون الموت وكم من مسن أو مسنة ماتوا دون أن يشعر بهم أحد حتى اكتشفت جثثهم ويتصل الجيران بالأبناء ليحضروا جنازاتهم! 

من هنا كانت أهمية مبادرة المتحدة للخدمات الإعلامية (تجمل بالأخلاق) والتى أعادت إلى ذاكرتى القصيدة الرائعة لأمير الشعراء أحمد شوقى والتى نظمها منذ أكثر من نصف قرن وقال فيها: إنما الأمم الأخلاق مابقيت، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا، صلاح أمرك للأخلاق مرجعه، فقوم النفس بالأخلاق تستقم، إذا أصيب القوم فى أخلاقهم ، فأقم عليهم مأتما وعويلا.