ناهد العشري تكتب: الحوار الوطنى.. عقد اجتماعى جديد

ناهد العشري
ناهد العشري

بقلم: ناهد العشري - وزيرة القوى العاملة الأسبق

(الحوار) حقيقة اجتماعية وإنسانية، فأينما وجد المجتمع البشرى وجد الحوار لأن اللغة قاسم مشترك بين البشر ويعرض فيه الإبانة عن المواقف، والكشف عن خبايا النفس.
والحوار هو نمط حياة، وأسلوب تفكير، وقد أولى القرآن الكريم عناية كبيرة بالحوار، فهو الأسلوب الغالب فى قصص الأمم السابقة، وهو الأداة الأولى للأنبياء وأتباعهم فى نشر الدعوة.
 وقد أشارت المعاجم اللغوية، وبعض المؤلفات المعتبرة فى المعنى اللفظى للحوار أو إلى مفهوم الحوار كلغة إلى انه يعنى التحادث، والتجاوب القولى، فالمحاورة تعنى حسن الحوار وهى تعطى فى طياتها دلالة خلقية تتعلق بكيفية الحوار وآدابه، فالحوار لا يتم إلا بين طرفين أو أكثر ولا يتم الا فى جو أدبى يتيح السمع والقول بين المتحاورين ومن ثم تعديل الرأى أو الرجوع عن مواقف أو أمور تبعا لمستجدات فى العقل أو الحياة أو الأحداث.

وقد لا أكون أول من أشار الى أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى ليست الأولى فى تاريخ الوطن معه فقد سبقتها دعوات على مر حكم رؤساء الدولة السابقين.
فقد جاءت الدعوى الأولى للحوار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى مايو 1962 خلال المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية والذى انتخب فيه حوالى (1500) عضو يمثلون كل القوى الاجتماعية، وتم خلاله الحوار حول تصور القيادة السياسية (لميثاق العمل الوطني) وتشكيل (الاتحاد الاشتراكي) وإجراء انتخابات عامة لمجلس الأمة ووضع الدستور المصرى الدائم عام 1964.

كما جاءت الدعوة الثانية للحوار للرئيس الراحل محمد أنور السادات فى إبريل 1974 عن مسمى (ورقة أكتوبر) والتى حدد فيها مستقبل مصر حتى عام 2000، وإستراتيجية العمل الوطنى والتى أدت الى التحول التدريجى الى اقتصاد السوق وتحقيق السلام مع إسرائيل.

وجاءت الدعوة الثالثة للحوار فى عام 1982 للرئيس الراحل محمد حسنى مبارك على ثلاث صور الأولى منها كانت فى عام 1982 حول الأهداف الاقتصادية للبلاد، وجاءت الثانية عام 1986 والتى دعا فيها سيادته الى حوار وطنى حول مشكلة الدعم، أما الأخيرة فقد جاءت عام 1988 حول قضايا الإصلاح السياسى، وقانون الانتخابات الرئاسية ومعايير انتخاب رئيس الجمهورية.
وأيا كانت الأصوات والآراء التى تدعى إخفاق الحوار الوطنى على مر السنوات الماضية فالحقيقة المؤكدة هى أن معظمها يرجع الى رغبة القيادة السياسية فى إشراك القوى الاجتماعية والسياسية، والتخطيط لمستقبل وطن. 

وإن دعوة الرئيس السيسى والذى حرص فيها على إطلاقه فى كافة المحاور هى امتداد أصيل لفكر مصرى تتطلبه حقيقة المرحلة وإن نجاحه مرهون بتكاتف وتضافر كل الجهات والجهود فالتوازن المنشود، والمستقبل المرتقب هو محصلة لتفاهم وتشاور فى صورة (عقد اجتماعى جديد) يتوافق عليه كافة الأطراف وسوف يكون لهذا الحوار أبعاد سياسية، واجتماعية، واقتصادية.