كورديليا بوتكين.. صاحبة أول جريمة قتل بـ«البريد»

كورديليا بوتكين
كورديليا بوتكين

لم تكن تحب سوى نفسها لدرجة الغرور، فعلى الرغم من كونها ليست الأفضل ضمن معايير الجمال إلا أنها لم تر نفسها يوما سوى الأجمل والأجدر بكل جميل، ولهذا أرادت الدفاع عن كرامتها التي تعرضت لإهانة الرفض من رجل أراد استكمال حياته مع زوجته لترسل لها الموت عبر البريد محققة هدفها بالانتقام.


تلك هي «كورديليا أديلايد بوتكين»، التي كسرت حاجز التوقعات بارتكابها جريمة قتل عن بعد لتكون جرائمها غير مسبوقة تاريخيا ليس لعدد ضحاياها ولا لأسلوبها في القتل وإنما للأدوات التي استخدمتها في القتل فحبها لنفسها اتفق مع ذكائها في ارتكاب أول جريمة قتل عبر البريد متخطية ولايتين قضائيتين.


فلك أن تتخيل كيف سيطر الحقد على «كورديليا» لدرجة أن ترتكب جريمة قتل وهي جالسة في منزلها متخطية المسافات الطويلة دون أن تهتز شعرة منها.. فإذا كنت من عشاق الإثارة فعليك أن تستعد لدخول عالم القتل الأنثوي. 


طفولة وزواج


لم تكن كورديليا منذ ولادتها في عام 1854 ونشأتها بمنزل والديها في مدينة كانساس سيتي بولاية ميسوري الأمريكية تمتلك أي علامات استثنائية تؤشر على أنها ستصبح قاتلة حتى اعتزازها الشديد بنفسها والذي ظهر لتمضية الكثير من وقتها في محلات التصوير وتجميع صور لها لم يفسره أحد بأنه مبالغ فيه وسيكون السبب في ارتكابها جرائم قتل مستقبلا ولكن رأوا أنه مجرد اهتمام وثقة المراهقة وفقا لموقع ميديم.


وبمرور الايام وتحديدا في عام 1872 تزوجت كورديليا من "بوتكين" لتبدأ حياة جديدة في منزلهم بستوكتون بولاية كاليفورنيا حيث كان يعمل بوتكين كوسيط حبوب وأنجب الزوجان ابنهما "بيفرلي" ولكن لم يدوم هذا الزواج طويلا ففي عام 1895 انفصلا الزوجان برغبة من كورديليا التي التقت بـ "جون بريستون دانينج" ذلك الصحفي الذي افتتن بها رغم أنها تكبره بـ 10 سنوات.


ولكن هذا الفارق العمري وايضا زواجه أو زواجها لم يمنعهما من الارتباط بشكل سري.


جون بريستون دانينج


"جون بريستون دانينج" لم يكن شخص عابر في حياة كورديليا فعلى قدر ما كانت تحب نفسها المتغطرسة كانت تحب " جون" أكثر من نفسها فمع لحظة تعرفها على جون أثناء ركوبه دراجته في جولدن ستايت بارك وهي وقعت في حبه وافتتن هو بها.


وعلى الرغم من أنه أصغر منها بـ 10 سنوات ومتزوج من "ماري إليزابيث بينينجتون دانينج" ابنة جون براون وريبيكا بروان بينينجتون أعضاء الكونجرس ولديه طفلة تدعى "إليزابيث".


وايضا مدمن على الكحول ومقامر شهير تم طرده من عمله كرئيس مكتب الأسوشيتد بريس في سان فرانسيسكو بعدما تم ضبطه وهو يختلس أكثر من 4000 دولار لسداد ديونه المتعلقة بالقمار إلا أن كل ذلك لم يمنعه ولم يمنعها من الدخول في علاقة عاطفية استمرت 3 سنوات حتى عام 1896 عندما علمت زوجة جون " ماري" بالعلاقة.


وهنا تحول هذا الحب إلى حقد ملأ قلب كورديليا انتقاما لمكانتها المزورة التي رسمتها بعدما تم رفضها من قبل جون حفاظا على استقرار علاقته مع زوجته.

بداية الانتقام 


بعدما علمت ماري زوجة جون بعلاقته السرية قررت أن تذهب إلى والديها في " دوفر" مع وضع شرط بعدم الرجوع إليه إلا بانتهاء علاقته مع كورديليا وبالفعل قرر جون إنهاء علاقته السرية والعودة إلى زوجته بعد الانتهاء من عمله الصحفي بتغطية الحرب الإسبانية الأمريكية ولكن هذا لم توافق عليه حب كورديليا لنفسها ولهذا قررت الانتقام بإرسال الموت إلى ماري زوجة جون.


ففي لحظة من التفكير للانتقام تذكرت كورديليا أن في وقت ما خبرها جون أن زوجته تعشق الشوكولاته وأنها لديها صديقة في سان فرانسيسكو تدعى " كوربالي" ترسل لها الشوكولاته من وقت لآخر وهو ما استغلته كورديليا لتحقيق هدفنا بقتل ماري.


الموت بالبريد 


بدأت كورديليا خطتها بإرسال خطابات ساخرة لزوجة جون تحذرها فيها من اتخاذ أي خطوة تجمع من خلالها شمل العائلة ولكن لم تؤتي هذه الخطابات ثمارها ليكون الخطاب الاخير هو ارسال الموت بالبريد.


ففي عام يوليو من عام 1898 قررت كورديليا شراء علبة من الشكولاته وطلبت من البائع أن يتم تعبئتها في علبة عادية لا يوجد عليها شعار المحل مع ترك مساحة داخل العلبة خالي لإضافة هدية وبعدها اشترت منديل من محل آخر وكتبت عليه " مع الحب لنفسك ولطفلك.. السيدة. ك".


واعدت كورديليا الهدية الفاخرة بدقة منديل مسجل عليه الرسالة مع إمضاء " السيدة. ك" حتى تعتقد زوجة جون أنها من صديقاتها كوربالي وقطع الشوكولاته المحشية بكميات كبيرة من الزرنيخ وحتى لا يتم الاشتباه بها مع موت ماري طلبت كورديليا من موظف البريد ارسال الطرد دون عنوان المرسل.


وفي أغسطس استقبلت ماري زوجة جون طرد البريد ولم تشك ولو للحظة أن هناك شخص يمكن أن يرسل لها حلوى مسمومة وكون أن الحلوى لا يمكن أن يتم تناولها دون مشاركة فتشاركت ماري مع شقيقتها إيدا وابنائها الشوكولاته وبعد تناولها بوقت قصير شعر الجميع بآلام شديدة بالمعدة وبسبب أن ماري وشقيقتها هما من تناولا الكمية  الأكبر.


توفت ماري على الفور وفي اليوم التالي توفت شقيقتها وتم إسعاف الاطفال.


التحقيق والمحاكمة 


بعد وفاة ماري وشقيقتها قرر والدهما أن يبدأ التحقيقات التي توصلت إلى أن خط اليد المكتوب به الرسالة على عبوة الحلوى تتطابق مع الرسائل المجهولة التي تلقتها ماري من قبل ومع فحص الشوكولاته تم التأكد على أنها تحتوي على الزرنيخ.


ولأن لكل مجرم خطأ يتغافله تنهي قصته لم تنتبه كورديليا أن المنديل في زاويته السفلية مطرزة بعبارة "مدينة باريس" اسم المحل لتتمكن الشرطة من تحديد هوية القاتل بعد التحقيقات مع أصحاب المحل وكاتب البريد وتعرفوا على أوصاف كورديليا ليتم القبض عليها ومحاكمتها بجرائم غير مسبوقة من حيث أنها حدثت عبر البريد عبر ولايتين قضائيتين.


وفي ديسمبر من عام 1898 أقرت المحكمة بذنب كورديليا وتوجيه تهمتين بالقتل من الدرجة الأولى وفي 4 فبراير 1899 تم الحكم عليها بالسجن مدى الحياة وفي 7 مارس 1910 توفت كورديليا في السجن بعد إصابتها بالاكتئاب وذكرت شهادة وفاتها أن سبب الوفاة هو تليين الدماغ بسبب الكآبة.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا