جلال عارف يكتب: على ماذا تراهن أمريكا؟!

جلال عارف
جلال عارف

فى الوقت الذى كانت الصين تتجه فيه نحو التهدئة فى حرب أوكرانيا، والرئيس الروسى بوتين يقر بوجود خلافات فى الرأى حول هذه الحرب مع الحليف الصينى.. كان الرئيس الامريكى «بايدن» يرسل بنفسه رسائل هامة فى اتجاه معاكس.

إلى موسكو .. كانت رسالة «بايدن» هى التحذير القوى للرئيس بوتين من استخدام أسلحة كيمائية أو نووية فى حرب أوكرانيا: «لاتفعل.. سيتغير وجه الحرب كما لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية».  هكذا جاء تحذير بايدن وهو يعلم أن استخدام مثل هذه الأسلحة لن تكون روسيا بعيدة عن آثاره المباشرة كما هو الحال مع أمريكا التى تبعد آلاف الأميال!

وإلى بكين.. جاءت رسالة «بايدن» بالتأكيد على أن الولايات المتحدة ستدافع عن «تايوان» إذا تعرضت للغزو من الصين التى تعتبر «تايوان» إقليميا تابعا لها وإن تمتع بالحكم الذاتى. وهو الوضع الذى كانت تعترف به السياسة الأمريكية منذ إنهاء القطيعة بين واشنطون وبكين!!

التصعيد الأمريكى ضد الصين وروسيا فى وقت واحد يثير العديد من التساؤلات.. كانت سياسة الغرب «وأمريكا بالذات» تراهن دائما على أن تظل هناك مسافة بين بكين وموسكو، وعلى ألا يجد الغرب نفسه فى مواجهة مع جبهة تضم الدب الروسى والتنين الصينى معا.. فهل انتهى هذا الرهان بالنسبة لأمريكا؟!

وهل تريد واشنطون أن تستفيد من اصطفاف الحلفاء الأوروبيين معها فى حرب أوكرانيا، لكى تنقل هذا الاصطفاف معها إلى صراعها القادم مع الصين؟.. أوربا نفسها مازالت تقاوم هذا التوجه الأمريكى، والصين ـ من ناحيتها ـ تعمل على إفشاله.. سواء بالحفاظ على علاقاتها الاقتصادية الواسعة مع أوربا أو بموقفها الذى يحاول «فرملة» الاندفاع الروسى فى حرب أوكرانيا.. لكن ضغوط واشنطون لاتتوقف فى كل الاتجاهات، ومن أجل أن تمتد الجبهة من أوكرانيا إلى تايوان.

التصعيد سهل، لكن الكل يعرف أن العالم لم يعد يحتمل المزيد ربما نكون أمام التصعيد الذى يسبق التهدئة ويفتح أبواب التفاوض حين تدرك أطراف الصراع أنه لم يبق إلا خطوة على الصدام المباشر الذى لاتتحمل أى قوة كبرى تكاليفه ولا أحد سيظل بعيدا عنه!!