بدون تردد

الجمعيات الأهلية والمدنية «1»

محمد بركات
محمد بركات

من القضايا المُسلم بها فى زمن الأزمات الاقتصادية، زيادة الحاجة لدور الدولة فى التصدى لجنوح وشطط بعض التجار، ممن يستغلون الظروف ويحاولون احتكار السلع أو رفع الأسعار بصورة مُبالغ فيها، وهو ما يؤدى لزيادة معاناة المواطنين بصورة حادة.


هذا طبيعي، ولكن ما يجب أن نُدركه حتى تكون الصورة كاملة وصحيحة، هو أن هناك مسئولية كبيرة تقع على المجتمع المدنى وعموم المواطنين، فى التصدى لجنوح وشطط بعض التجار المستغلين.


وفى ذلك لابد أن نقر بغيبة الدور المؤثر والفاعل، لجمعيات وهيئات ومؤسسات المجتمع المدنى عندنا، فى مراقبة الأسواق والتصدى بجدية للسلبيات والشوائب الطافية على السطح، نتيجة جشع التجار وما ينتج عنه من ارتفاعات عشوائية فى الأسعار.


ولابد من الاعتراف بأننا نشهد موقفًا سلبيًا، من جانب هذه المؤسسات وتلك الجمعيات المدنية والأهلية، تجاه ظاهرة الارتفاع العشوائى للأسعار غير المبرر، وغير المستند إلى أسباب واقعية أو طبيعية تستدعى هذه الزيادة المُبالغ فيها فى الأسعار، سوى الجشع والاستغلال.


وفى هذا السياق نرى هذه الجمعيات وتلك المؤسسات التى تقول إنها تمثل المجتمع المدني، وتهدف للدفاع عن حقوق المواطنين المستهلكين للسلع والخدمات، مشغولة بأشياء أخرى غير ما تقول به.


وفى الغالب والأعم للأسف نجد هذه الجمعيات وتلك المؤسسات مشغولة بالحديث عن القضايا السياسية، والبحث المستمر عن التمويل الداخلى والخارجي، ولا تولى اهتمامًا كبيرًا بقضية الأسعار ومُعاناة المواطنين من ارتفاعها العشوائي.

ولعلنا لا نبالغ إذا ما قلنا إن سلوك هذه الجمعيات وتلك المؤسسات المدنية فى هذا الخصوص، سلوك فقير وغير رشيد، ولا يقوم بما يجب أن يقوم به فى الدفاع عن حقوق المستهلكين، وحمايتهم من جشع التجار واستغلالهم.

وذلك يدعونا للشعور المُزدوج بالألم والأسف معًا لحال هذه الجمعيات، إذا ما تمت المقارنة بينها وبين سلوك وتصرف نظرائها من الجمعيات والمؤسسات المدنية فى الدول الأخرى، إذا ما واجهت مثل ما نواجهه الآن من جشع لبعض التجار وزيادة عشوائية للأسعار، حيث تقوم هذه الجمعيات باتخاذ مواقف إيجابية وقوية فى التصدى لجشع التجار والزيادة العشوائية للأسعار.
«وللحديث بقية».