يوميات الاخبار

هيا إلى الملعب

سمير الجمل
سمير الجمل

يكتبها اليوم: سمير الجمل

المرأة بدون رجل (أب / زوج / أخ / ابن) فعل ناقص والرجل بدون حواء (يتيم / جاف /  مبعثر) هى كلمة السر فى ارتفاعه أو نزوله الى الحضيض.

«فتحت التليفزيون بالصدفة.. وقلبت القنوات بحثا عن شىء.. يأخذنى إلى الدهشة والمعرفة والجديد.. وعندما قادنى البحث إلى مباراة فى كرة القدم.. توقفت بين فريقين واضح أنهما من الأجانب وسرعان مادلت البيانات الموجودة على الشاشة.. إنها فى كأس العالم للكرة النسائية.. الكرة تجرى بين أقدامهن باحترافية قد تفوق بعض فرق الخناشير واللاعبات وطاقم التحكيم غابت عن أغلبهن العلامات الدالة على الانوثة.. الصدور وقد تم حبسها بإحكام حتى بدت مسطحة تحت القمصان.. والشعر أغلبه قصير أو معقود بطريقة لم تعد حكرا على بنات حواء وحدهن ولا بأس من شد وضرب.. لكن بدون عض أو صراخ.. فكل شيء على أرض الملعب يتم بخشونة تبدو فى أغلب الأحيان متعمدة.. حتى يدرك كل «خنشور» إنها قادمة فى كل حتة وكل شغلته تقود التريللا والدبابة كما تقود زوجها.. وتعمل فى الحدادة والنجارة والسباكة والميكانيكا حتى إن وجودها فى صالونات الحلاقة الرجالى موضة قديمة.
- وطى قفاك شوية يا أمور!!
هى لا تقولها باللسان لكن الأنامل يكفيها دفعة بسيطة من مؤخرة الرأس.. حيث الإذعان التام.. وهى ترتدى قفاز الخشونة تماما مثل بنات الملعب. وعلى عكس «توتو» الكوافير الحريمى الذى تجده فى ليدنة وطراوة الخس البلدى أو الفجل الورور.
وبعيدا عن كرة النساء ماذا لواخذتك معى فى الاتجاه العكسى.. وفى البداية انظر جيدا إلى هذا الفتى العشرينى بشعره الذهبى وقد عقده من الخلف.. لكنه يا سيدى الفاضل «وابور زلط» كل عشر لعبات على مرمى الخصم قد يسجل منها دستة كاملة غير منقوصة.. باليمين بالشمال بالرأس بالأنف والأذن والحنجرة.
إنه فتى مانشستر سيتى «هالاند» وطريقته اقرب إلى السويدى «ابراهيموفتش» المظهر لا يدل على الجوهر.. وإذا كانت هذه ثقافتهم.. يضعون الحلى فى الأذن والصدر وهم أحرار فيما يفعلون.. لكن على خيبة ايه تقلد الشكل وهم فى سابع سما.. والمقلد فى البدروم.. طيب وحياة أغلى حاجة عندك.. الم تفكر لحظة وتسأل نفسك: لماذا تقلدهم فى كل ما هو هايف وعبيط وغريب.
ولا نقلدهم فى جدية الشغل.. واحترام القانون واستخدام الضمير بأقصى طاقة ممكنة.. هم ينتجون ونحن نستهلك.. هم يصنعون ونحن «نتصنع».. هم يشتغلون ونحن نتشاغل.. موجاتنا كأنها المكرونة متداخلة فى بعضها وقت النوم شغل.. ووقت الشغل لعب.. ووقت اللعب نوم.. ووقت الهزل جد.. ووقت الجد هزل وقد نجح محمد صلاح فيما فشل فيه غالبية كباتن الاحتراف «المصاروة» لأنه ذهب إليهم وليس أمامه ولا من خلفه.. إلا حلمه الذى يسعى إليه بكل ما يمتلك من إرادة وطاقة وصبر.. أخذ من فشل غيره.. درسا لنجاحه واستمراره.. وطبق قانون المنطاد من اجل الارتفاع الأعلى لابد من إلقاء شكائر الرمل التى هى أشبه بالتخفف من كل المعوقات والتفاهات والصغائر فذهب بعيدا.. رغم أن موهبة بعض من سافروا قبله قد تكون اكبر.
شباب.. المكرونة!!
كتب توفيق الحكيم (الايدى الناعمة).. لكى يقول ان ثورة يوليو.. جاءت تنصف العامل والفلاح وكل الشغيلة حسب تخصصهم.. ورأينا تحول البرنس احمد مظهر بعد ان رأى الدنيا تتغير من حوله.. وفى هذا التوقيت اخترعوا شخصية «ميمى بيه» ذلك المدلل الذى يعيش على قفا ميراث باباى وماماى.. وكانت تلك دعواهم أن أعملوا.. فإن العمل هو كرامة الانسان.
وانتهى زمن الاقطاع والباشوات لكن (ميمى بيه) عاد بقوة.. أخذ من أخته ديل حصانها ونافسها فى إطالة شعره واستخدام التوكة.. ومعها ترك لحيته حتى يوهم الناس بأنه يقلد «البنوتة» بطريقة صبيانى.. حتة من هنا وحتة من هناك.. وقد تزين صوره بالسلاسل والتعاليق وحول معصمه منها المعدن والبلاستيك والخرز.. خوفاً من عين الحسود.. لكن كل هذا ممكن ان ترميه جانباً إذا كان الحليوة منتجاً.. وكيف يفعلها من انشغل بالمظهر على حساب الجوهر.. والنهارده شعر طويل وزعرورة.. وغداً أحمر فوق الشفاه وحلق فى الاذن.
وعندما ظهر النجم الأمريكى «جيمس دين».. وتدلت خصلة من شعره على جبهته.. وانفتح قميصه اقل قليلاً من فتحة قميص احمد رمزى.. الذى أخفى صلعته بباروكة لكى تكتمل صورته على الشاشة.. لكن غالبية الشباب المصرى فى هذا الوقت من ابناء الطبقة العاملة سخروا من هذا «الجيمس» واستبدلوا لقب «دين» ليصبح «دون» كرد فعل على هذا المنتج الأمريكى.. البلد الذى ربط بين التدخين والفروسية بصورة الكاوبوى يركب حصانه وسيجرته فى فمه تنافس مسدسة فى خصره.. وكلها اسلحة منها ما يقتل فى الحال.. أو بعد شوية وتحولت المظاهر الى حرب بين الطبقات بدأت منذ عام 1919.. اصحاب الجلاليب الزرقاء فى مواجهة.. أصحاب القمصان البيضاء.. ومع الفاشية فى إيطاليا.. ظهر اصحاب (القمصان البنية).. ومع النازية تحولوا الى (القمصان السوداء).
حتى أوروبا سخرت من ميوعة الشباب ورقصهم على السلالم.. بين رجولة تقتضى الخشونة بعض الشىء.. وإن كانت الملابس حديثة وبسيطة وفخمة.. وبين انوثة.. بدأت هى الأخرى تتمرد على ما يميزها قصت الشعر.. ولبست البنطلون اكتر من الفستان والجيب ورفعت الأثقال ومارست البوكس والمصارعة وكأنها ستفتح «عكة».
منذ 250 سنة تقريباً ظهر فى بريطانيا تعبير اجتماعى عنوانه (شباب المكرونة).. مع أن ايطاليا هى بلاد المكرونة.. وقد جاءت إليها من الصين وألمانيا من بعدها واحتكرتها لنفسها وقدمتها فى أشكال وألوان.. مثلما فعلنا مع الباشا فول.. بالبيض بالطماطم بالبسطرمة.. بالسجق بالسمنة.. بالزيت.. بالطحينة.. وبكل حاجة.. فهو الحضن الكبير الذى يستوعب الجميع.. بارك الله لنا فيه فى الوجبات الثلاث ابن حلال الفول، اما عن شباب المكرونة فقد كانت قمصانهم بيضاء وبنطلوناتهم وحول العنق.. منديل أحمر فاقع وعلى الصدر وردة.. يحبون التسكع والبصبصة..!!
إنه القلق والتوتر والحياة التى يريدها كل رجل وامرأة على مزاجه ومقاسه.. وفى ذلك قال الكاتب الكبير انيس منصور ان المرأة ظلت تطالب بالحرية والمساواة.. وأخذت ما أخذت ولم تشبع ولم تسكت ولن تقول كفاية.. فهل هى مثل نار جهنم دائماًِ ما تنادى: هل من مزيد؟!
لقد ارتدت ملابس الرجال وقصت شعرها ثم احتجت على المجتمع الذكورى الاب والزوج والابن والأخ.. ثم كشفت صدرها إعلانا منها انها لا تعتز بهذا الصدر الذى يميزها عن الرجل وكفراً بتلك الانوثة وسخطاً على مقصوف الرقبة الرجل الذى لا يرى فيها إلا جسداً.. وتحولت ملكات الاثارة فى الستينات مثل صوفيا لورين وجين فوندا إلى تربية العضلات فهى ليست ضعيفة أو مكسورة الجناح.. داست على الخجل الجميل وتنكرت للحياء.. ثم وصلت إلى مرحلة تنادى فيها بعضهن.. بأن كل شىء له ثمن.
فلا يدهشك إذا جلست إحداهن امام خطيبها تسأله: سنكتب فى العقد المبرم بينى وبينك ومحدد المدة والسنة بالشىء الفلانى مع زيادة 10٪ كل سنة.
العيال لهم حضانة ولبن صناعى.. والأكل دليفرى.. والنظافة لها شركة تطلبها وتدفع.. وبالبلدى كده:
- أنا مش شغالة عند سيادتك يقول لها المسكين: ولكنى شغال عندك ولأجلك.. وينشط لها الذاكرة بأمه وجدته. تغسل على الطشت وتخدم الكل.. وتعمل فى الغيط.. وهى وتد البيت لا تكل ولا تمل ولا تقدم فى كل خطوة فاتورة.
ونسأل الله ألا نبلغ مرحلة الزوجة الكارت التى يجب شحنها مقدماً مثل عداد الكهرباء والغاز.
المعاش المبكر أو مصيدة عاطف عبيد ملك الخصخصة حول الرجال الى دكة الاحتياط.. والأهمال والضعف والمسكنة والمذلة مع سبق الاصرار والترصد حتى اختلطت الحدود التى تفصل بين الرجل والمرأة والعيال فكانت تعاسة الكل.
ورسمت السينما صورة سوسو ولولو الذى يجيد الرقص «سنجل» أو مع واحدة.. ليست شرطاً أن تكون خطيبته أو زوجته.. يكفى ان ينحنى امامها.
- تسمحيلى بالرقصة دى يا هانم!
وأبداً لم يكن جوابها على طريقة فردوس محمد الرائعة.
- ما ترقص يا خويا..حد حايشك!
لكنها بإشارة من بعلها تنهض وتتهادى إلى (البيست) أو حلبة الاحتضان والدلع.. ولا يكتمل المشهد الا بسيجارتها بين شفتيها والكأس بين اصابعها واسمع التوبة على حق ورقصنى يا جدع.
والادهى والاخطر والافظع ان يسقط ذلك الخط الفاصل بين ما هو رجالى وما هو حريمى.. قدمت السينما الشواذ على أنهم فئة موجودة.. وكان الكلام عنهم يتم فى الخفاء ثم على المشاع.. وخرجوا بأعلامهم فى أوروبا.. يعلنون عن انفسهم أنهم يزيدون فى العدد وفى البجاحة.. حريتك الخاصة فى غرفة مغلقة وحسابك عند ربك الذى حرم اللواط فى دياناته السماوية لانها ضد فطرة الانسانية.
ميمى من تانى
ماذا لو عاد الزمن فلاش باك وفكر (على أمين) مع الرسام الكبير (رخا) فى رسم صورة حديثة لهذا (الميمى).. فى تصرفه وسلوكه وليس فى اسمه.. فى ايامنا هذه وقد دخلت اخلاقيات «التوك توك» على الخط.. فقد حوله صبيانه من وسيلة للمواصلات وأكل العيش الى اسلوب حياة.. وإذا كان (ميمى بيه) صورة للرجل الملبن الطرى المنعنع.. (حلبسة) سائق التوك توك.. رجل قبل الاوان.. سجائر ومخدرات وبلطجة.. وصورى يا سينما وهلل يا جمهور.. وافرح يا تريند.. وقد قال الحكيم قديماً:
● عندما تربى رجلاً فأنت تربى شخصا واحداً..
وعندما تربى امرأة.. انت تربى اسرة
وحواء تدرك جيداً انها مهما تحررت لا تشعر بأنوثتها إلا مع رجل.. يحتويها.. و«الخنشور».. مهما بلغت به القوة يعرف أنها أمه.. وسره.. وعونه على الحياة.. أو الانتخة والقانون الوحيد الذى يؤمن به الرجال والنساء (لا أحبه ولا أقدر على بعده).
وعندما قالت استاذة الجامعة:
- اضع حذاء زوجى على رأسى
كان جوابه فى التو واللحظة:
وأنا أضعك انت وكل ذرة تراب تمشين عليه فوق دماغى.
كن رجلاً.. حتى تكون هى امرأة.. لأن خلط الأوراق يجعل الحياة مسرحية هزلية فارغة عنوانها (بزرميط)
- تعرف يعنى إيه «بزرميط» يا شباب المكرونة.