خبراء الزراعة : ضرورة التوسع الرأسى .. و زيادة الرقعة الزراعية والتصدى لمافيا الاستيراد

خبراء يضعون «روشتة» للاكتفاء الذاتى..وتحقيق شعار «أكلنا من أرضنا»

 د. سيد خضر- د. محمود محمد إبراهيم - د. نادر نور الدين - د. رشاد عبده
د. سيد خضر- د. محمود محمد إبراهيم - د. نادر نور الدين - د. رشاد عبده

خبراء الاقتصاد: تشديد الرقابة على الأسواق ومواجهة جشع التجار وتخفيض الاستيراد  

فى ظل الأزمات التى عصفت باقتصاد العالم، سواء كورونا مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية والمناوشات الصينية الأمريكية والتى قد تؤدى إلى كارثة اقتصادية عالمية أصبحنا فى اشد الحاجة إلى روشتة علاجية عاجلة تحتوى على حلول ومقترحات للوصول إلى الاكتفاء الذاتى وخطوات جادة تجاه تخفيض الاستيراد وضبط أسعار السوق وخاصة بعد الارتفاع الكبير لعدد من السلع وذلك نتيجة لاستغلال التجار للأزمات المتكررة رغم توافر السلع ..

وبالرغم من جهود الدولة المستمرة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الأساسية ونجاحها خلال السنوات القريبة الماضية فى زيادة الرقعة الزراعية وتضاعف اعداد المحاصيل، إلا ان غياب الرقابة على الأسواق وجشع التجار جعل المواطن لا يستشعر الاكتفاء الذاتى فى بعض السلع التى كان من المفترض ان ينخفض سعرها بدلا من الارتفاع نظرا لتوافرها، مما ادى إلى الحاجة إلى إجراءات صارمة من الجهات المختصة لإعادة ضبط السوق وعدم إضاعة جهود الدولة.

فى هذا الإطار يقول الدكتور محمود عبد المحسن أستاذ متفرغ بقسم بحوث المحاصيل البقولية بمركز البحوث الزراعية أن اهم المحاصيل التى يمكن ان نوفرها فى مصر ولا نستوردها هى البقوليات خاصة أنها كثيرة وتمس المواطن البسيط كالفول البلدى والعدس والترمس والفول الصويا وهو محصول هام للغاية بيتم استخراج الزيت منه والمخلفات الناتجة عنه تستخدم كعلف للمواشي، فبالنسبة لمحصول الفول البلدى يصل متوسط استهلاك الفرد فى السنة 6 كيلو وللوصول للاكتفاء الذاتى مطلوب زراعة 400 الف فدان للفول وهذا ليس متاحا لدينا الآن لأن معظم الأراضى تزرع القمح فهو المحصول الأهم فى مصر ويزرع على مساحة 3ملايين ونصف مليون فدان والبرسيم لأنه هام للمواشى يزرع على مساحة 2ونصف مليون فدان أى هذه المحاصيل تزرع فيما يقرب على مساحة 6 ملايين فدان من اجمالى 9 ملايين فدان.

وتابع : ولكن يمكن أن نستخدم بعض الحلول لزراعة الفول البلدى بطريقة التوسع الرأسى بحيث أن يتم زراعة الفول فى نفس الوقت مع محاصيل شتوية أخرى كبنجر السكر، خاصة وان الفول يخصب الأرض ولا يؤثر على المحصول الاخر، ويمكن أيضًا زراعته مع الطماطم الشتوي، وهذه بعض الأمثلة ويتم توعية المزارع بهذه الطرق لتعميمها على مستوى الجمهورية، وللأسف المساحة الحالية لمحصول الفول وحده تكون من 30 إلى 40 الف فدان وهذا غير كاف.

منع الإستيراد 

موضحاً ان الأزمة ليست فى الزراعة فقط، هناك مافيا للإستيراد على حساب مصلحة الدولة، فالتجار يستوردون وقت حصاد المحصول وهذا يؤدى لتذبذب الأسعار فيجب منع الإستيراد وقت حصاد المحصول للمحافظة على المحلى حتى يتم استنفاده بالرغم من أن المستورد أقل جودة من البلدى بل وبيتم استخدامه كعلف للأحصنة.

كما اوضح أن الأزمة الحالية لبعض المحاصيل بسبب تجريف الأراضى وزيادة عدد السكان ولولا التوسع الحالى فى زراعة الأراضى لكانت الأزمة مضاعفة.

وعن المحاصيل التى سيكون بها اكتفاء ذاتى ويمكن تصديرها أوضح بأن مصر هذا العام سيكون عندها اكتفاء من محصول الأرز وسنصدر أيضًا، خاصة أن محصول الأرز مربح للمزارع ويتم زراعته على مساحات كبيرة هذا العام فى فصل الصيف.

وتابع أن مصر بها نقص فى محصول الذرة الصفراء موضحًا «هناك حل أمثل لزراعتها فهى تقبل زراعة محصول الفول الصويا معها وهذا يتيح للمزارع بأن يستفيد من محصولين فى نفس الوقت بأقل التكاليف وعلى نفس الأرض، وهذا ما اتجهت له الدولة لنشر هذه الثقافة لتكثيف المحصول بأقل التكاليف فهناك مناطق بعينها تمت فيها هذه الطريقة كالمنيا.

ويقول دكتورمتفرغ محمود محمد إبراهيم رئيس  بحوث  بمعهد  وقاية النباتات أن أهم المحاصيل التى تستوردها مصر هى القمح والذرة وبعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتوسع فى الرقعة الزراعية بعدما كانت حوالى 6 ملايين فدان أصبحت 9 ملايين فدان، وهى اهم خطوات تخفيض كميات الاستيراد لمحاصيل الذرة والقمح، فقد امتد التوسع فى اماكن متفرقة منها توشكى وشرق العوينات والوادى الجديد والساحل الشمالي، وفى العام الماضى اضفنا مساحات كبيرة جدًا تفيد مصر حاليًا وفى المستقبل، حيث تم زراعة 280 الف فدان فى شرق العوينات وتوشكى فقط غير الأماكن الأخرى لمحصول القمح أسهمت فى تقليل استيرادنا من الخارج.

ومع الخطوات التى تتم من قبل القيادة السياسية سيتم توسيع الرقعة الزراعية الصالحة للزراعة وزيادة الإنتاجية أيضًا للفدان، وأيضا تم زيادة إنتاجية الأرز للفدان عن طريق معهد البحوث الزراعية وعلمائنا المتخصصين وليس هذا فقط بل استطاعوا زراعة أنواع من الأرز بدون استخدام كميات مياه كبيرة وهذا مبشر جدًا.

الاكتفاء الذاتى

مبينا أن هناك توسعا فى انشاء مصانع بنجر السكر فبعد أن كنا نستورد 22% من استهلاكنا للسكر من الخارج أصبحنا نستورد 8% وفى الطريق للاكتفاء الذاتى من السكر، ولكن يجب تسريع بعض الخطوات فى الزراعة فى توسيع جهود معهد البحوث الزراعية والجامعات ومراكز البحث العلمي، وزيادة الميزانية لهم بالرغم من اهتمام القيادة السياسية بتلك المراكز لكننا نطمح بالمزيد.

فيما اعرب الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية والأراضى عن استيائه الشديد من ارتفاع أسعار بعض السلع التى تحقق فيها الاكتفاء الذاتى بالفعل بالرغم من انها بلا مصاريف نقل ولا بالعملة الصعبة، ومع ذلك وصل سعرها للضعف وهنا يأتى التساؤل ما فائدة الاكتفاء الذاتى بدون رقابة على الأسواق، فمثلا تجار الأرز اشتروا الكيلو من المزارعين بـ 3جنيهات ونصف فى أكتوبر الماضى وتم بيعه بالتموين بـ7 جنيهات ونصف والدرجة الأولى بالمحلات بسعر 10 جنيهات للكيلو.

واوضح أنه وبعد الحرب الروسية الأوكرانية تفاجأئ الجميع بزيادة فى سعر الأرز المصرى للضعف ليصل لـ 20 جنيها للكيلو بالرغم من الاكتفاء الذاتى واعلن وزير التموين بأن تسعيرة الأرز ارتفعت لتصل 15 جنيها للدرجة الأولى، ولكن الأغرب ان أسعار الأرز فى البورصة العالمية ارخص من مصر فالأرز الفيتنامى الفاخر المساوى للمصرى فى الجودة سعر الطن 9 الاف جنيه والمصرى حسب تسعير وزير التموين يصل ل 15 الفا فى الطن وتساءل متعجبًا اذا لماذا لا نستورده ونوفر المياه؟!

فالمتعارف عالميًا أن السلع الغذائية لا تتعدى أرباحها الـ 25% ولكننا نرى هنا انها قد تتعدى ال 100%، فالربح كله يذهب للتجار والخسارة للمزارعين.

الانضباط فى الأسواق 

وتحدث نور عن اكتفاء مصر ذاتيًا من البطاطس متعجبًا من وصول سعر الكيلو ل 12 جنيهًا بالرغم من شراء التاجر للكيلو من المزارع ب جنيه فقط فسعر المحصول زاد 12 ضعفا، فيجب على وزارة التموين حكم الانضباط فى الأسواق فلا يعقل أن يكسب طرف على حساب طرف والمقصود أن التاجر يكسب على حساب المزارع حتى لا يتحول الفلاح لتاجر والضحية فى النهاية المواطن، بالرغم من أن القانون الدولى سمح لكافة الدول وقت الأزمات العالمية بأن تضع تسعيرة لضبط الأسواق داخليًا.

وأول الحلول تشديد الرقابة اولًا وبدونها لا نستطيع ضبط الأسعار، ويجب تنشيط التعاونيات التى كانت موجودة فيما مضى والتى كان شعارها من المنتج للمستهلك فهى كانت من الفلاح للمحل مباشرة، فمن فوائد الاكتفاء الذاتى أن يكون ثمن السلعة أرخص من مثيلتها عالميًا لكن ما يحدث حاليًا العكس .

يقول الدكتور رشاد عبده خبير اقتصادى « ان الاقتصاد هو تعظيم المكاسب والاختيار الأمثل حسب الموارد المتاحة وإتاحة الفرص للكفاءات فى المواقع الصحيحة مثلما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى من قبل» من يضع شخصا فى موقع ليس مناسبا له فهو نوع من أنواع الفساد».

وهذا مانسعى لتطبيقه كى نصل لمرحلة الاكتفاء ثم التصدير ومن ثم الانتعاش الاقتصادى والحصول على العملة الصعبة..

مضيفا ان أى دولة يجب أن تمتلك خريطة اقتصادية وزراعية مكلفة بها وزارة الزراعة متمثلة فى الوزير وذلك فى ضوء الاحتياجات لنوع محصول معين وكميات المياه المتاحة، والتصدير وعلى هذه الخطط أن تراعى الأولويات هذا ما يسمى العلم.

المحاصيل المطلوبة عالميًا 

وزارة الزراعة تمتلك مراكز بحثية كبيرة تستطيع دراسة الأمر ووفقًا للتقارير الصادرة منها يتم وضع الخريطة الزراعية لمصر حسب الأولوية الاستراتيجية للدولة، ومن الممكن أن يتسبب العجز فى العملة بتغيير هذه الخطط بحيث يمكننا زراعة أحد المحاصيل المطلوبة عالميًا بسعر مرتفع وبثمنه يمكننا أن نغطى التكلفة وسعر أحد السلع الاستراتيجية المطلوبة.

فعلى سبيل المثال بعد ان كانت مصر احدى اكبر الدول المنتجة للقطن طويل التيلة استطاعت الهند وباكستان بمساعدة الهندسة الوراثية زراعة قطن متوسط الجودة وبالمعالجة تم تعديله ليكون به نفس خصائص القطن طويل التيلة الأغلى عالميًا وللأسف بعض مصانع القطاع الخاص قاموا بتعديل الماكينات لتتوافق مع هذا النوع من القطن.

وارجع الخبير الاقتصادى ارتفاع أسعار بعض السلع لغياب الرقابة واتجاه بعض التجار للتصدير لجنى الأرباح بسبب ارتفاع سعر الدولار على حساب متطلبات السوق المحلي، مما أدى لارتفاع سعر المنتج محليًا لعدم توافره بشكل كاف، وجشع بعض التجار فى تخزين السلع كالسكر حتى يرتفع سعره ليتساوى مع السعر العالمى والمواطن هو من يدفع الثمن.

ومن جانبه يقول الدكتور سيد خضر الخبير الإقتصادى « ان من أهم أولويات الحكومة فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى هو التوسع فى القاعدة الاستثمارية فى الإنتاج الزراعي، حتى يكون هناك تحقيق للاكتفاء الذاتى وذلك تمثل بشكل احترافى فى مشروع الصوب الزراعية الذى نفذ فى عدة مناطق منها مدينة العاشر من رمضان، وبرج العرب، وسيناء ومستهدف زراعة أكثر من مليون فدان متنوع أهمها القمح، خاصة واننا الدولة الوحيدة التى تمتلك اكتفاء ذاتى لمدة 6 أشهر بالرغم من الظروف السياسية التى يشهدها العالم عقب الحرب الروسية الأوكرانية خاصة وانهم سلة القمح للعالم كله، ولولا كورونا والأزمات المتلاحقة كنا حققنا الاكتفاء الذاتى على مدار العام، ولكن خلال عامين نستطيع تحقيق هذا الهدف.

الإصرار على النجاح 

ويتابع بأنه سينعكس على المواطن ويشعر به من خلال الصادرات وتوفير العملة الصعبة، وخلال الفترة القادمة سيتم التوسع فى هذه الخطوات، ونمتلك الإصرار على النجاح والعبور بمصر لبر الأمان، فمصر خلال ال 10 سنوات الأخيرة تعرضت للكثير من الأزمات كالتخريب والاشاعات الهدامة وبالإضافة للأزمات الخارجية وبالرغم من كل ذلك فلأول مرة تكون لمصر رؤية اقتصادية واضحة للنهوض بالاقتصاد المصرى وجعل الدولة ذات كيان اقتصادى مستقل.. وأضاف بان المشكلة فى الاستصلاح الزراعى الموسع الذى يتم الأن بأنه يحتاج وقت ليؤتى ثماره ولكن بعض المناطق بدأت فى الإنتاج الوفير وسيظهر تباعًا نتائج المجهود المبذول فى هذا المجال.

وكشف بأن بسبب أزمة نقص المياه تم تقليل مساحات الزراعات لمحصول الأرز وذلك للتوازن فى استخدام المياه خاصة وان هذا المحصول يتطلب كميات مياه كثير خلال فترة زراعته، ولكننا عندنا اكتفاء من الأرز، ولكننا نحتاج تشديد الرقابة على الأسواق والتجار حتى لا نثقل على المواطن، خاصة وان الفترة القادمة صعبة جدا بسبب الصراعات الخارجية فبعد الحرب الروسية الأوكرانية هناك صراع محتدم بين الصين وأمريكا خاصة، وأن الأول هو على مستوى العالم لتصدير المواد الخام بالإضافة لسعى الصين لإنشاء بنك يضم 75 دولة سيكون التعامل فى حركة التجارة الخارجية بعملتها، وهذا سيؤثر على الاقتصاد العالمى والدول الناشئة، ويجب ضبط الأسواق الفترة المقبلة ويجب ترشيد الاستهلاك من المواطن والدولة أيضًا .

إقرأ أيضاً|«تموين الدقهلية» يتسلم 140 طن أرز.. واستمرار التوريدات لـ15 ديسمبر