بعد انعكاس الأزمة العالمية على مصر.. المصريون يبتكرون لمواجهة ارتفاع الأسعار

ترويض الغلاء - على سليمان - سيد محمود- زينب بدر الدين
ترويض الغلاء - على سليمان - سيد محمود- زينب بدر الدين

زينة: ابتعدت عن العروض والتسوق «أون لاين» 
سيد: مقاطعة السلع مرتفعة السعر و«بلاها تدخين»
رضوى : «مفيش دليفرى» .. و محمد: الجلوس على المقهى ممنوع

لا شك أن الأوضاع الاقتصادية فى العالم أجمع ألقت بظلالها على المجتمع المصرى باعتباره جزءا من هذا العالم..

ولا يخفى على القاصى أو الدانى حقيقة الأوضاع الصعبة للاقتصاد العالمى بسبب جائحة كورونا وما أعقبها من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية التى أدت إلى مزيد من الغلاء ووقف تصدير واستيراد سلع أساسية وبالتالى ارتفعت الأسعار ووصل سعر الدولار إلى عنان السماء وما دونه من عملات وصل إلى سابع أرض..

وأمام كل ذلك فإن المواطن المصرى على موعد مع العذاب بسبب ما آلت إليه الأسعار ولكن حنكة المصريين فى التعامل مع الأزمات أظهرت معدنهم الأصيل فى الصبر والمقاومة والتكيف والتأقلم مع الأسعار الجديدة لحين إشعار آخر بتحسن الأوضاع داخلياً وخارجياً وإرتفاع قيمة الجنيه وزيادة الصادرات وتشغيل المصانع وتراجع التضخم وتحسين معدلات النمو.

«الأخبار» فى هذا التحقيق التقت بعدد من المواطنين فى الشارع المصرى وسألتهم عن كيفية مواجهتهم لارتفاع الأسعار والغلاء الذى طال كل شيء.

البداية كانت من أمام محل ورد بوسط البلد حيث وقف صاحبه محمد ورده كما يطلق عليه منتظراً الزبون الذى لا يعرف متى سيأتى سألناه عن حاله وعن كيفية مواجهته لارتفاع الاسعار فقال إن الاسعار اصبحت بلا ضابط أو رابط فى كل السلع الأساسية خاصة الغذائية حتى ان الغلاء طال الورد الذى يبيعه فكان منذ عدة سنوات يبيع بوكيه الورد بـ100 او 150 جنيها أما الآن فالأسعار ارتفعت لتبدأ من 300 أو 400 جنيه قياسا على ذلك ارتفعت كل الأمور المعيشية من مياه وكهرباء وغاز طبيعى وفواتير.

وعن مواجهته للغلاء أوضح محمد انه اضطر للتكيف والتأقلم مع الغلاء واتبع سياسة المثل القائل «اللى يعوزه بيتك يحرم على الجامع» مشيرا إلى انه كان يوميا يقوم بالجلوس مرة او مرتين على المقاهى عقب عودته من العمل كنوع من الاسترخاء والاستجمام ولكنه تنازل مجبراً عن هذه الرفاهية حتى يدخر أموالها لمصروف البيت مضيفا انه يأكل لحمة مرة واحدة فى الشهر او كل شهرين اما عن الدواجن والأسماك فمرة واحدة على الأقل كل أسبوع حتى يستطيع مقاومة أعباء الحياة ويوفر متطلبات اولاده خاصة ان لديه ثلاثة من الأبناء جميعهم فى مراحل تعليمية مختلفة.

 

وعلى ناصية احد الشوارع الرئيسية فى ميدان التحرير يقف عم «على سليمان» تحت اشعة الشمس الحارقة ليبيع الجرائد فى محاولة منه للحصول فى نهاية اليوم على بعض الجنيهات يسد بها رمق اولاده موضحا انه يعول 4 أبناء فى مراحل تعليمية مختلفة، وحتى يواجه الغلاء قرر عدم إعطاء أولاده دروسا خصوصية فى كل المواد باستثناء بعض المواد الأساسية التى تحتاج الى فهم وتركيز على حد قوله مثل الرياضيات ومادة اللغة الاجنبية.

 

 

اللجوء للوكالة

وأضاف «علي» أن أولاده ليس لهم متطلبات باستثناء المأكل والمشرب وكل فترة يقوم بشراء ملابس لهم مع كل بداية دخول عام دراسى جديد حيث يذهب الى الوكالة بوسط البلد لشراء تلك الملابس فهى على حد تعبيره على اد الايد وبها ملابس ذات جودة جيدة الى حد ما، معربا عن امنياته بتخطى مصر موجة الغلاء التى تشهدها حاليا وانعكست على قدرة المواطن الاقتصادية والشرائية.

وعلى عربة تين شوكى يقف «أيمن صلاح» ينادى بصوت عالٍ «يا حلو يا تين.. قرب وجرب»، وبالفعل اقتربنا منه وسألناه عن حاله ووضعه المادى فأجاب بأن الحياة أصبحت فى منتهى الصعوبة والقسوة وانه لا سبيل للنجاة منها إلا بالعمل على مدار 14 ساعة واتباع سياسة التقشف حيث انه جاء من أسيوط إلى القاهرة لبيع التين الشوكى حيث إن لديه ولداً واحداً يريد ان يراه فى أعلى المناصب والمراتب لذلك هو يعمل ليلا ونهاراً حتى يوفر له متطلباته وحتى لا يشعر باى نقص عن زملائه واقرانه فى المراحل التعليمية.

وقال ايمن إن الغلاء طال كل شيء حتى ان الواحدة من التين الشوكى سعرها وصل الى 5 جنيهات بعد ان كانت بجنيه واثنين فى بعض الاحيان موضحا ان من كان يشترى بـ10 جنيهات منه اصبح يشترى بـ5 فقط وهذا هو حال الكثير من الأسر المصرية التى لجأت الى تقليل الكميات من الاحتياجات الاساسية.

تراجع الشراء

أما زينب بدر الدين جزارة فتقول ان الوضع اصبح صعبا للغاية وانه لا يخفى على احد ارتفاع الاسعار وهو ما انعكس على المواطن فى قدرته على الشراء، موضحة ان المواطن الذى كان يشترى 2 كيلو لحوم فى الشهر الواحد اصبح يشترى كيلو واحد بعد ان وصل سعره الى 180 جنيها وبالطبع هذا التراجع فى الشراء انعكس عليها وعلى اسرتها ودخلها الشهرى واصبحت غير قادرة على الوفاء بمتطلبات الحياة خاصة انها تعول بنتين إحداهما متزوجة ولديها اولاد.

وتضيف زينب انها تقوم بعمل جمعية كل فترة مع عدد من صديقاتها وافراد المنطقة التى تعيش فيها حتى تستطيع دفع مصروفات المدرسة لابنتها الثانية.
ويقول سيد محمود تاجر خضراوات إنه يلجأ الى التوفير من خلال الابتعاد عن كل ما هو غال ويتبع اسلوبا ناجحا فى ذلك هو المقاطعة لكافة السلع التى ترتفع اسعارها وهو ما حدث مؤخرا مع البيض واللحوم ويكتفى بشراء الدواجن فقط كبروتين له ولأسرته.

اما محمد عبده بائع حلوى فيقول ان الأسعار ارتفعت بشكل رهيب خاصة المواد الخام التى تدخل فى صناعة الحلوى مثل السكر والزبد والزيت وهو ما ادى الى ارتفاع اسعارها وتراجع الاقبال عليها وهو ما اثر على دخله بشكل كبير مضيفا انه اعتمد على السلف الفترة الاخيرة من بعض زملائه حتى يستطيع توفير نفقات اسرته.

وقال محمد السيد موظف ان الشعب المصرى يعلم الأزمة التى يمر بها العالم وليست مصر فقط، فنحن نعيش فى ازمة اقتصادية لا نعلم متى تنتهى ولكن الشعب المصرى يستطيع التحامل والمعايشة مع جميع الاوضاع موضحا انا مثلا أستطيع توفير احتياجات بيتى على مدار الشهر من خلال الاستغناء عن بعض الأشياء التى لا تدخل فى بند الرفاهيات وليس الأساسيات، فأنا الآن استخدم المواصلات بدلا من استخدام سيارتى العجوزة خاصة ان دخلى لا يتعدى 3 آلاف جنيه شهريا ولا استطيع توفير البنزين لسيارتى خاصة ان هذا المرتب يكفى لمنتصف الشهر فقط، وباقى الشهر احاول ان احصل على ما يكفينى من ابى واصدقائى مختتما حديثه قائلا «طول ما الرزق فيه بركة متخافش من اى حاجة».

قائمة مشتريات

وقالت زينة محمد ربة منزل إنها بدأت تتعامل مع ارتفاع اسعار الغذاء والملابس بتقليل كمية المنتجات التى تشتريها وتوفير اولوياتها مع الغلاء فى الوقت الحالى حيث قامت بعمل ميزانية شهرية وتحديد قائمة المشتريات وكافة الاحتياجات وفقا لدخلها الشهري.

واضافت زينة انها ابتعدت عن العروض التى تقوم بها المحلات والامتناع عن التسوق أون لاين بسبب زيادة تكلفة الشراء بجانب مصاريف الشحن.

بينما قالت رضوى السيد ربة منزل انها امتنعت هى واسرتها عن شراء وجبات الدليفرى من المطاعم لأنها تهدر مصاريف المنزل بسرعة شديدة كما استغنت عن الخادمة التى كانت تساعدها فى اعمال المنزل وبدأت تعد بعض الأطعمة فى المنزل بعد ان كانت تشتريها من السوبر ماركت مثل الفول والجبن بالإضافة الى تقليلها استهلاك الكهرباء بلمبات موفرة وتعتمد على شراء الملابس لأولادها أوقات الأوكازيون والتصفيات.

إقرأ أيضاً|ارتفاع معدلات التضخم عالميا إلى مستويات قياسية| فيديو

 

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي