يوميات الأخبار

الحقائق.. والأكاذيب والشائعات

محمد بركات
محمد بركات

«الهدف الرئيسى وراء موجات الشائعات والأكاذيب التى نواجهها، هو إشاعة اليأس وزرع التشكيك فى كل الإنجازات وكل الرموز».

اخبار كثيرة وقصص عديدة يتم تداولها وتناقلها وسريانها عبر الفضائيات وعلى صفحات التواصل الاجتماعى وموجات الشبكة العنكبوتية، فى كل يوم وعلى مدار الساعة، بافتراض انها حقائق ثابتة وروايات حقيقية، بينما هى للأسف مجرد افتراءات مختلفة، وأكاذيب مضللة لا أساس لها ولا وجود على أرض الواقع.

 والخطورة من وراء هذه الظاهرة السلبية التى تفشت مؤخرا بيننا، هو أن الكثيرين منا يأخذون ما ينشر وما يتم تداوله على الشبكة العنكبوتية على أنه حقائق مؤكدة ويجب تصديقها لمجرد وجودها وتداولها على الشبكة، هذا فضلا عن عدم استعداد الغالبية العظمى منا للأسف للتدقيق فى صحة ما يتم تداوله، وتبيان مدى صحته ومصداقيته أو تأكيد كذبه وبهتانه.

أما الأخطر من ذلك فهو أن هذه الظاهرة السلبية، تحولت إلى سلاح تستخدمه الجهات والقوى الساعية لنشر وترويج ما تريد من افكار وايديولوجيات، تخدم اغراضها وتحقق أهدافها الشريرة والخطرة فى مجتمعنا، سعيا لزرع الفتنة وإثارة القلاقل ونشر الاحباط واشاعة الفرقة والخلاف فى صفوف المواطنين.

وفى ذلك لعلنا نلاحظ جميعا ما يجرى الآن ومنذ فترة ليست بالقليلة، من محاولات مكثفة لقوى وعناصر داخلية وخارجية لاستخدام الشبكة العنكبوتية، للبث والترويج لموجات من الأخبار والوقائع المفبركة والمضللة والكاذبة، سعيا لإشاعة الاحباط واليأس ونشر الفتنة بين الناس وهز الاستقرار وتهديد السلام المجتمعى.

موجات الشائعات

وللحقيقة فإن ما نتعرض له ليست موجة واحدة من الشائعات فى كل يوم وليلة، طوال الأيام والاسابيع والشهور الماضية والممتدة لبضع سنين خلت، منذ تخلصنا بعون الله وتوفيقه من الكابوس الاسود، الذى كان قابضا على رقبة البلاد والعباد قبل الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، ولكنها مجموعة من الموجات المتتالية والمستمرة دون انقطاع أو توقف، تحمل فى طياتها سيلا ضخما ومتدفقا من الأخبار الكاذبة والأنباء المفبركة والادعاءات الباطلة.

وإذا ما فكرنا مليا لوجدنا الغاية واضحة والأهداف معلنة، من وراء هذه العاصفة الهوجاء من الشائعات والاكاذيب، وهى اشاعة اليأس ونشر الاحباط وزرع التشكيك فى كل الانجازات وكل الرموز،....، أى محاولة النيل من مصر وشعبها بكافة الوسائل والطرق مهما كانت الوسائل قذرة أو الطرق دنيئة ووضيعة.

وعاصفة الضلال والهدم والتيئيس الذى نتعرض لها، تضم فى مجموعها كل ألوان الطيف من الخداع والاكاذيب والافتراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بلا ضابط ولا رابط سوى الرغبة المريضة فى النيل من الوحدة الوطنية للامة كلها، وبث سموم الشك والفرقة بين صفوف المواطنين، بدافع الكراهية العميقة لمصر وشعبها.

وهذه الموجة كما هو واضح تنبعث فى اطار حملة الكراهية البغيضة والحقد العميق ضد الوطن والدولة  والشعب، فى اطار الحملة الممنهجة والمنظمة التى تشنها علينا جماعة الشر وفلول الضلال وجماعة التكفير والتفجير، أملا فى تقويض الامن وتهديد السلم الاجتماعى وهدم الدولة المصرية، بتفجيرها من الداخل بعد ان فشلوا فى النيل منها واسقاطها فى هوجة أو عاصفة الربيع المزعوم، طبقا لما كانوا يأملون وماخططوا له وما شرعوا فى تنفيذه بالفعل، لولا أن الله سبحانه احبط مسعاهم بثورة الشعب غيرالمسبوقة فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ وانحياز الجيش لإرادة الامة وأوامر الشعب.

الكراهية والحقد

وفى مواجهة هذه الهجمة الشرسة، علينا أن ندرك أنه من الخطأ تصور أن هناك سقفا وحدودا لحجم الكراهية والحقد، الذى تكنه جماعة الشر وفلول الافك والضلال ضد مصر وشعبها.

بل ومن الخطأ الجسيم أن نتصور وجود حدود للتدنى الاخلاقى، الذى يمكن ان يصل اليه هؤلاء المرضى فى تهجمهم على مصر وشعبها، وسعيهم الدائم للمساس بأمن وأمان واستقرار الدولة والشعب.

وفى هذا الاطار علينا أن نكون على وعى كامل واستعداد تام لمواجهة عواصف الحقد وموجات الكراهية التى يتوجهون بها إلينا فى كل يوم وليلة، من خلال آلاف الشائعات الكاذبة والأخبار المفبركة والادعاءات الباطلة التى يطلقونها علينا فى كل لحظة.

وعلينا أن ندرك بوعى أن عواصف الضلال والتيئيس الموجهة إلينا من هذه الجماعات وتلك الفلول، والتى تضم فى ثناياها كل ألوان الطيف من الخداع والاكاذيب والافتراءات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بلا ضابط أخلاقى أو رابط قيمى ستستمر بلا توقف، لانها تنبعث وتعبر عن رغبات مريضة للنيل من وحدة الامة وثقة الشعب فى رموزه وقيادته.

وعلينا أن نعى بوضوح ان هذه الشراذم المضللة والكارهة للدولة والشعب، والحاقدة على رموزهم الوطنية، لديها هدف واحد تسعى اليه دون هوادة، وهو تقويض أمن مصر وتهديد استقرارها، وزرع اليأس والاحباط فى نفوس المواطنين بكل الطرق والوسائل مهما كانت دنيئة وغير شريفة.

وفى ذلك علينا أن نؤمن ونوقن بأنهم لن يستطيعوا الوصول لاهدافهم الدنيئة بإذن الله ووعى الشعب، ووقوفه صفا واحدا وعلى قلب رجل واحد لدحرهم واحباط اهدافهم، وذلك بالحرص الدائم على كشف الاكاذيب وتبديد الشائعات، بنشر الحقيقة كاملة.

الحقائق الكاشفة

وهناك حقيقة لابد من ادراكها بوعى كامل وإيمان راسخ، وهى أن الوسيلة الناجعة الكفيلة بمواجهة هذه الهجمة الدنيئة من الشائعات الكاذبة والادعاءات المضللة، هى نشر وإعلان الحقائق الكاملة بصفة دائمة وفورية، انطلاقا وتأسيسا على القاعدة الراسخة والصحيحة التى تقول وتؤكد، بأن شمس الحقيقة تبدد دائما ضباب الشائعات وتكشف كذب الادعاءات وزيفها.

وانطلاقا من هذه الحقيقة، تأتى أهمية وصحة ما قررته «الشركة المتحدة للخدمات الاعلامية» منذ يومين بإذاعة نشرات متخصصة على مدار اليوم للرد على هذه الشائعات وتلك الأكاذيب وكشف مدى الإفك والضلال الذى تحتويه.

مكان للمشاعر 

يرى البعض منا، وربما الكثيرون ممن نعرفهم ونتعامل معهم فى كل  يوم، انه لم يعد هناك مكان فى زماننا هذا للمشاعر الانسانية، أو الافكار الرومانسية والعواطف الجياشة،....، ويرون أن تلك اشياء مضى عهدها واصبحت من تراث الماضى وطبائع القدامى من البشر الذين انقرضوا أو كادوا ينقرضون.

وهؤلاء ينظرون الى هذه الافكار وتلك العواطف على انها قيم بالية، ويرون انها بضاعة بلا ثمن ومجرد كلمات وأقاويل بلا معنى وبلا مضمون، وانها فى واقعها وحقيقتها اصبحت مجرد سلع فات أوانها وبضاعة بارت فى يد اصحابها ولم ولن تجد من يشتريها.

والبعض منهم يؤكد أن كل هذه الافكار وكل تلك المشاعر مجرد خيالات وردية وأوهام مخملية تتراءى للبعض من ضعاف الحيلة، فى غفوتهم أو نومهم لتمسح عنهم مهانة الضعف وقلة الجهد وانعدام الحيلة.

ويؤكدون أن الاحلام لو راودت بعض الناس فى يقظتهم، لكانت عوارض مرض كامن أو مبادئ سقم فى النفس الواهنة، ونذير غياب للعقل قادم لا ريب فيه، وكلاهما أمر لا يستحب الرضاء به أوالسكوت عليه، بل لابد من علاجه قبل أن يستفحل ويصعب السيطرة عليه والخلاص منه.

رؤية أخرى

وفى مقابل ذلك هناك رؤية مختلفة للبعض الآخر ممن يرون بعكس ما يقول به هؤلاء المناهضون للمشاعر الرومانسية، فهم يؤكدون ايمانهم بهذه المشاعر وميلهم اليها والنزوع اليها وفقا للفطرة الانسانية، التى تهفو للسمو بالنفس البشرية وللارتقاء بها، فى مواجهة جفاف الواقع وخشونة التعاملات اليومية.

ويقولون أنهم يستلهمون رؤاهم المستقبلية فى الغد الافضل لكل البشر، من خلال هذه المشاعر الانسانية التى تسعى بالخير للجميع، وتحلم بواقع اقل سوءاً ومستقبل اكثر اشراقا وجودة وحداثة وتطورا للكل.

وانهم يتمسكون بحلمهم ويؤمنون به ويسعون لتحويله الى واقع ملموس وقائم، وهم يدركون بوعى ان حلمهم هذا هوالطريق والوسيلة الصحيحة والسليمة المحققة لتطلعاتهم، وانهم فى ايمانهم بالحلم وقدرتهم على الامساك به ووضعه دائما نصب اعينهم، انما ينسجون المناخ اللازم لصناعة الامل، ورسم ملامح الصورة المأمولة لما يريدون تحقيقه ويسعون اليه.

وهؤلاء الحالمون يحاولون دائما زرع الامل والتبشير بفجر جديد قادم فى الطريق، تلوح ملامحه فى الافق لكل المؤمنين به والساعين اليه والعاملين على الوصول اليه بجهد واخلاص وهم فى ذلك يؤكدون انهم رغم ادراكهم للواقع وإلمامهم به، يدركون فى ذات الوقت كم هى قاسية تلك الحياة، وكم ستكون جامدة وجافة، إذا ما فقد الانسان فيها القدرة على الحلم بامكانية التغيير الى الافضل.

ويرون أن القوة الحقيقية ليست فى التمسك بالواقع، بل فى امتلاك الحلم والامساك بالأمل.