علاء عبد الهادى يكتب : الثقافة.. باب ذهبى لتطوير التعليم

علاء عبد الهادى يكتب : الثقافة.. باب ذهبى لتطوير التعليم
علاء عبد الهادى يكتب : الثقافة.. باب ذهبى لتطوير التعليم

[email protected]

الثقافة.. باب ذهبى لتطوير التعليم 
الحديث عن التعليم فى مصر، حديث له شجون، وهموم ، وتجارب أغلبها للأسف فاشلة، أو غير مكتملة.
الحديث عن التعليم ليس قضية خاصة بوزير التعليم أو حتى الحكومة،أو أولياء الأمور الذين يوفرون قوت يومهم من أجل تعليم أولادهم.
الحديث عن التعليم هو فى حقيقة الأمر حديث عن مستقبل هذا الوطن، الذى إذا أردنا له نهضة حقيقية فلن تكون بغير تعليم جيد، ينتج عنه خريج قادر قولا وفعلا على قيادة هذا الوطن نحو المستقبل، والوصول به إلى المكانة المتحضرة التى يستحقها.


كثير هى التجارب ومحاولات التطوير التى فشلت فى العقود الثلاثة الأخيرة لعيب فيها، أولعدم وجود الإمكانيات، أو لوجود تحالف قوى على أرض الواقع أقوى من أى وزير يحاول أن يغير الواقع المرير الموروث الذى يصب فى مليارات الجنيهات يستفيد بها قلة، والوطن هو الخاسر أولا وأخيرا.


التغييرات الوزارية الأخيرة شملت حقيبة التربية والتعليم، ذهب د. طارق شوقى، وجاء نائبه د. رضا حجازى.. ذهب د. شوقى بعد خمس سنوات خاض خلالها معارك من العيار الثقيل، لتغيير ما اعتاد عليه كل أطراف المجتمع من سلوكيات خاطئة مارسها الجميع : المعلم والطالب وأولياء الأمور، ووسائل الإعلام.

وكانت المحصلة سلبية كما نعلم جميعا، يحسب لشوقى أنه وضع يديه فى عش الدبابير، حرك المياه الراكدة فى مشروع تطوير التعليم الذى أمر الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يكون أولوية، على رأس تكليفات الحكومة.


الأسبوع الماضى حل وزير التربية والتعليم الجديد ضيفاً على الهيئة الوطنية للصحافة بقيادة م.عبد الصادق الشوربجى، وبحضور عدد من أعضاء الهيئة ورؤساء تحرير الصحف والمجلات القومية، تحدث الوزير فى كل شىء بصدر رحب وعقلية مفتوحة عن كل الاقتراحات التى أكد أنه لن يضعها منفردا، تحدث الزملاء بروحين : بروح أولياء الأمور الموجوعين والقلقين على مستقبل أولادهم.

وبروح رؤساء التحرير والكتاب الذين تتعلق فى أعناقهم أمانة إيصال صوت الرأى العام للمسئول الأول عن ملف التعليم فى مصر، ومحاولة إيصال فكر ورؤية الوزير الجديد، حتى تنجح تجربته وتكتمل وتؤتى ثمارها، ولا تلحق بسابقيها بعد عدة سنوات عندما يرحل الوزير، ويغادر مقعده.


ماقاله الوزير كثير، ولكن سأقف هنا عند عدد من النقاط التى تعرض لها، وأرى أنها تتقاطع مع اهتمامات قارئ  أخبار الأدب. 
قال د. حجازى ما معناه إن تطوير التعليم يبقى قرار دولة، وليس وزير، وأنه لم يأت لكى يهدم ما بدأه سابقه د. شوقى الذى حرك العجلة المتكلسة لتطوير التعليم، ودوره الآن هو أن يواصل الدفع فى نفس الاتجاه.

وقال إنه قد يختلف عن سابقه فقط فى آلية تحقيق التطوير، مثل عدم الاعتماد الكلى على التصحيح الإلكترونى الذى سيكون نتيجته أن يكون لدينا خريجون لا يمتلكون مهارة الكتابة أو التعبير عن أنفسهم أو حتى أفكارهم، بمعنى آخر ستكون هناك مستقبلاً نسبة أكبر للأسئلة المقالية، وتأجيل موضوع الامتحان الإلكترونى، وغير ذلك الكثير.


ولكنى سوف أقف هنا عند عدة أشياء فى غاية الأهمية تحدث فيها الوزير، أولها كعنوان عريض يتمثل فى عودة الأنشطة المدرسية فعلا لا قولا، وذلك بالتنسيق مع وزارتى الثقافة والشباب والرياضة للاستفادة من إمكانياتهما المهولة، فى وقت تكاد تنعدم فيه إمكانيات المدارس الحكومية.

وقال الوزير  إن اشتراك الطالب فى إعداد مسرحية جيدة يعادل فى رأيى منهجاً دراسياً كاملاً، لأن الطالب، والكلام من عندى وقتها سيقرأ، ويعرف ماذا يعنى المسرح، ويتعرف على أسماء كبار الكتاب فى مصر والعالم العربى، وسوف يعتمد على نفسه، ويبحث عن معلومة، يدققها، ويتعرف على الموسيقى، ويشارك فى تشكيل الديكور، ورسم الشخصيات، أنت اذن أمام عمل إبداعى خلاق بمعنى الكلمة.


الوزير- الذى بدأ حياته معلما – قال إن دور المعلم والمدرسة هو البحث عن الموهوب ورعايته، مبكرا، وإلا يكون قد ضاع من أيدينا، لذلك فتح الوزير قناة للحوار والتعاون مع د. نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة للاستفادة من امكانيات الوزارة فى تنفيذ الأنشطة التى تكشف مبكرا عن الموهوبين فى إلقاء الشعر، وفى كتابة القصة والرواية، وكافة صور الإبداع، وسوف يكون هناك يوم للنشاط، ثقافياً أو فنياً أو رياضياً، ويتم تنظيمه بين الوزارات الثلاث.


لايفرق هذا التوجه عن الإستراتيجية الثقافية التى أشرف على وضعها الراحل د. جابر عصفور وقت أن كان وزيراً للثقافة، وتضمنت فى أحد محاورها الرئيسية، ضرورة التعاون الحقيقى على الأرض بين الوزارات المعنية، ولا نعمل بنظرية الجزر المنعزلة، فهى فى النهاية إمكانيات دولة، توجه لصالح المواطن.



عندما كنت فى المرحلة الابتدائية لم يكن فى مدرستى الصغيرة مكان يكفى لممارسة نشاط رياضى، فكانوا يأخذوننا الى ستاد شبين الكوم، لكى نمارس الرياضة، بالزى الرياضى الذى كان لا تساهل فى ارتدائه حتى فى الأيام المطيرة، ومن آن الى آخر كانوا يأخذوننا الى مبنى الوسائل التعليمية فى وسط المدينة نشاهد الأفلام العلمية على شاشة كبيرة، ورغم صغر حجم المدرسة.

وأنها كانت تعمل لفترتين، كانت هناك حصة مكتبة، نقرأ، ونلخص ما نقرأ، كانت هناك حصة للموسيقى، ورغم فشلى فى التدريب على أية آلة موسيقية أصر معلم الموسيقى أن يكون لى دور فى الفرقة، وتدربت على العزف على المثلث الموسيقى.


كان الوزير محقا عندما قال إن مردود مسرحية جيدة قد يعادل منهجا كاملا، وأنا أضيف أن كل طفل نكسبه فى عالم القراءة، هو مكسب حقيقى لتطوير المنظومة، القراءة بمفهومها الأشمل والأوسع، الذى يتجاوز الكتاب المدرسى الى عالم أكثر رحابة، لذلك لابد من عودة حقيقية لمكتبة المدرسة.

ولحصص المكتبة، ولابد من مشروع قومى يحفز على القراءة، واستعارة الكتاب، واقتنائه، هذه أكبر حصانة للمستقبل، وأعظيم تحصين للعقول ضد الأفكار الظلامية، املأوا عقول أبنائنا صغاراً ولا تتركوهم نهبا للظلاميين عندما يكبرون.


وباسم دور النشر، أدعو الوزير الى عودة الوزارة الى اقتناء الكتب والإصدارات الجديدة الجيدة لتزويد المكتبات المدرسية بها،بعد توقف الوزارة لسنوات طويلة، لكى يقرأها أولادنا، وتعود ثقافة استعارة الكتاب وقراءتها.​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​

اقرأ ايضا | وزيرا التعليم «الحالى والسابق» يكشفان لـ «الأخبار» موقف منظومة التعليم الجديدة