ألمانيا تتصدى لنشر الأخبار الكاذبة بالقوانين والغرامات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

كتبت: مي السيد

تسعى ألمانيا لمواجهة الشائعات والأكاذيب بهدف حماية المجتمع والدولة من خطرها، حيث وصفت عدد من المؤسسات والنقابات أن الشائعات التى تنتشر عن أغلبية قطاعات الدولة فى الفضاء الإلكترونى هدفها زعزعة استقرار المجتمع الألمانى، خاصة الأخبار المزيفة التى تنشر الكراهية والعنف بين أطياف المجتمع الألمانى.
لم تكن الأخبار الكاذبة أو الشائعات أمرًا جديدًا على المجتمع الألمانى، بل عملت الحكومة والبرلمان على التصدى لكل تلك الشائعات عبر المواقع المختلفة، حيث استحدثت قانونًا مضادًا لخطابات الكراهية على الإنترنت، يمنح هذا القانون، المواقع التي تضم أكثر من مليونى شخص 24 ساعة، لكى تحذف المحتوى «غير القانونى»، الذى يدعو إلى الإرهاب أو العنصرية أو الأخبار الكاذبة، وإلا تعرض الموقع إلى غرامة تصل إلى 50 مليون يورو، وفى حالات الأخبار الكاذبة يجب الحذف فى غضون سبعة أيام.

ولكن شهدت ألمانيا الفترة الماضية أسلوبًا جديدًا فى نشر المعلومات المضللة والمحرضة على العنف، حيث انتقلت من المواقع الإخبارية إلى وسائل التواصل الاجتماعى، بعد محاصرتها بالقانون، وذلك حتى تكتسب مصداقية أكثر ويتم تصديقها من غالبية المواطنين على السوشيال ميديا، ويتناقلونها فيما بينهم على أنها أخبار سليمة مائة بالمائة، حيث يتم نشر الأخبار على مواقع إخبارية معروفة ومشهورة تبدو زيفًا أنها حقيقية.
وعبرت وزارة الداخلية الألمانية عن قلقها بعد الكشف عن تلك الحملة الإعلامية التضليلية، بشأن مواقع تبدو حقيقية ولكنها زائفة، تنشر معلومات مضللة ومؤيدة لروسيا، وقالت الداخلية الالمانية؛ أنهم تلقوا بقلق معلومات حول وجود مواقع إلكترونية تبدو حقيقية لكنها مزيفة فى الحقيقة ويجرى ربطها بمواقع إخبارية راسخة عن طريق حسابات مزيفة فى منصات تواصل اجتماعي بعينها.

وأشارت إلى أن هذه المواقع يتم عليها اختلاق أخبار ونشر مقاطع فيديو مزيفة، وقالت الداخلية الألمانية؛ إن الهدف من هذه الأعمال تقويض الثقة فى الساسة والمجتمع والمؤسسات الحكومية»، مشيرة إلى أن ذلك يشير بما لا يدع مجالا للشك أن ألمانيا تواجه خطرًا كبيرًا من المعلومات المضللة.

وأعلنت الداخلية أنها تلقت بلاغات من وسائل الإعلام الألمانية لاستغلال علامتها فى دس الأخبار المزيفة، منها القناة الثانية للتلفزيون الألمانى الإخبارية «تي تايم»، التى أبلغت عن العديد من المواقع الإخبارية المزيفة، التى بدت وكأنها حقيقية، حيث أشارت داخل بلاغها إلى أن محتوى تلك الأخبار غالبا ما يكون مؤيدًا لروسيا ومعاديًا لأوكرانيا.

أيضا مجلة دير شبيجل الإعلامية الشهيرة لم تسلم من تلك الأخبار المزيفة التى تنشر باسمها حيث قالت فى بيان لها؛ إنها كانت من بين وسائل الإعلام التى تم استهدافها «للأسف تتعرض علاماتنا بشكل متكرر لأعمال من هذا القبيل، ونحن ندرس بشكل منتظم الإمكانيات القانونية والتقنية التى يمكن اتخاذها وسنتصدى لهذا النوع من الاستغلال فى الحالات الفردية، مشيرة إلى أن الفاعل مازال مجهولا.

وعن ذلك قالت نقابة الصحفيين الألمانية؛ إن هناك أخبارًا كاذبة غزيرة على وسائل التواصل الاجتماعى ولابد من التصدى لها بكل حسم، مشيرة إلى أن هدف الحملة واضح، وهو زعزعة استقرار المجتمع الألمانى من خلال تشويه سمعة وسائل الإعلام الجادة، ونشر التضليل والكراهية.

اقرأ أيضًا

«فوسن فارما» الصينية تطلب من ألمانيا 100 مليون جرعة «فايزر-بيونتك»

معلومات مغلوطة
وتعتبر الحكومة الألمانية معتادة على الشائعات خلال كل أزمة تمر بها، حيث لم تكن الحملة الخاصة بالحرب الروسية الأوكرانية الأولى من نوعها، ففى السابق كانت تتعرض الحكومة الألمانية لحملات ممنهجة من أجل توجيه المهاجرين إليها من كل حدب وصوب، وهو الأمر الذى دفع الحكومة الألمانية لإطلاق موقع إلكترونى جديد لمكافحة المعلومات المغلوطة التى تروجها عصابات تهريب البشر حول استقبال اللاجئين فى ألمانيا.

وكان الهدف من  الموقع الإلكترونى هو مواجهة تلك الشائعات بالحقائق، وتنشر المعلومات على الموقع باللغات العربية والفرنسية والألمانية، فالدولة أرادت بذلك الحيلولة دون هجرة أفراد فى أوضاع صعبة وهم فى مخيلتهم تصورات حالمة لمستقبل أفضل وتوقعات خاطئة، لذلك تواجه الشائعات المتأججة بمعلومات موضوعية.

ومن أبرز تلك الشائعات على سبيل المثال كان ينتشر أن ألمانيا لديها 800 ألف مكان مخصص للاجئين الأفغان وحدهم، وهذه المعلومة خاطئة، فلا يوجد فى ألمانيا حصص لاستقبال لاجئين من دول معينة، فكل حالة لجوء يتم البت فيها على حدة، وأيضا شائعات مثل أن كل لاجئ يحصل على أموال ترحيب بقيمة ألفى يورو، وأن ألمانيا تهدى كل لاجئ منزلا، وكلا الشائعتين لا تمت للواقع بصلة، بحسب بيانات الموقع.

كما إن فترة انتشار كورونا شهدت كما كبيرا من الشائعات حول اللقاحات المضادة للفيروس، وكانت تنتشر بكثافة على الفيس بوك وتويتر، ومن بين تلك الشائعات أن التطعيم يغير الحمض النووى أو أن الدواء أفضل من التطعيم، ما يعرض صحة الملايين للخطر، ورغم مواجهة الحكومة لتلك الشائعات، إلا أنها واجهت صعوبات فى تطعيم المواطنين.