إنهــا مصـــــــر

خدعة المصالحة مع الإخوان

كرم جبر
كرم جبر

لا توجد دولة محترمة فى العالم تتصالح مع جماعات تقتل وتخرّب وتتآمر، وتقود حربا شعواء من الشائعات والتشكيك ضد بلدها، ولا توجد دولة تحترم نفسها تقبل تفصيل نظامها السياسى على مقاس جماعة بعينها تحت دعوى المصالحة الكاذبة.

المفترض ان تدخل كل الجماعات والفئات تحت عباءة الدولة، ولا تدخل الدولة تحت عباءة جماعة ارهابية، ومصر ليست فى حرب فيها منتصر ومهزوم، وتبرم المصالحات والاتفاقات والتسويات واقتسام المغانم والمغارم مع تلك الجماعة، التى اذاقت البلاد اهوالا منذ نشأتها.

الدستور والقانون يحتكم إليهما الجميع ويخضعون لنظام يطبق على كل المصريين دون تمييز أو إقصاء ولا سبيل لنجاة هذا البلد إلا بتعظيم القانون والعض بالنواجذ على هيبة الدولة واحترام نظامها.

الذين ينادون بالمصالحة مع الاخوان، يضربون ركائز الدولة المصرية، ويفتحون الطريق أمام أى جماعات شاردة لتنتهج نفس المسلك، فتكافأ على جرائمها، وفى ذلك ذبح لسلطات الأمن والقضاء التى أخذت على عاتقها مهام تحقيق الأمن والاستقرار وإقرار العدالة، ومصر ليست الدولة التى تُحكم بالهوى والمزاج وتخضع للابتزاز ولى الذراع.

لولا أننى أحفظ تاريخهم الأسود وجرائمهم الدموية، لكنت من المنادين بإعطائهم فرصة للانخراط فى الحياة السياسية، ولكنهم يكمنون عندما تشتد قبضة الدولة، ثم يعودون اكثر عنفا وشراسة، وفعلوا ذلك مع جميع حكام مصر ملوكا ورؤساء.

هى جماعة يستحيل أن تستظل براية مصر أو تنضوى تحت علمها أو تخضع لقوانينها، ووضعت نصب أعينها منذ نشأتها هدفا ثابتا هو الوثوب إلى السلطة، كنقطة انطلاق للتغلغل فى سائر دول المنطقة واستعادة حلم الخلافة، وما مصر عندهم إلا مجرد محطة ترانزيت لبعض الوقت، فلا يؤمنون بثقافتها وحضارتها وتاريخها ومثقفيها وفنانيها وعلمائها وقوتها الناعمة، وقلبوا سماحة الإسلام تشدداً ووسطيته انغلاقا وسلامه قتلا.

اصبح حاضر مصر ومستقبلها مرهونا باستكمال معركة التنوير، وتطهير العقول المخدوعة والمختطفة من أفكارهم ومعتقداتهم، التى تفوق خطورتها الديناميت والمتفجرات، وكان هذا هو رأيى الذى لم أحد عنه منذ أكثر من 25 سنة.

ولا أفهم سر المنادين بالمصالحة فى هذا الوقت بالذات، والبلاد تبذل قصارى جهدها للخروج من الظروف الدولية الصعبة، وهم يعلمون جيدا ان اى مصالحة ستكون هدنة مؤقتة تعقبها اعمال عنف غير مسبوقة، فالهدف النهائى هو اقتناص السلطة والحكم.

مخطئ من يتصور أن الخطر قد زال أو تراجع، فالداء كامن تحت الجلد، وبنو وطنى فيهم قلة تروج بحسن نية او بسوء قصد لفكرة المصالحة، حتى يعود الإخوان من جديد ولو من خرم إبرة.