قلم على ورق

مبروكة خفاجى

محمد قناوى
محمد قناوى

فى الوقت الذى انتشرت فيه الفتاوى المخربة والآراء التى تصل إلى حد التطرف والإرهاب تهدد كيان الاسرة المصرية، وتعمل على هدم أواصر العلاقات الزوجية، ولاعلاقة لها بحقوق المرأة من قريب أو بعيد، نجد الكاتب والسيناريست الكبير محمد جلال عبد القوى يسافرإلى إحدى قرى مركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ ليجمع معلومات حقيقية وصادقة عن نموذج للمرأة المصرية الحقيقية المضحية، وهي «مبروكة خفاجى» نموذج لامرأة فقيرة وفلاحة بسيطة أمية ربت وكبرت ابنها بعد طلاقها، حتى أصبح أول عميد مصرى لكلية الطب بجامعة فؤاد الأول «القصر العيني»و رئيساً للجامعة، ثم وزيرا للصحة وأسس نقابة الأطباء ونقيبهم الأول فى تاريخها، وأيضا عضوا فى البرلمان المصرى.

سيدة مصرية فلاحة بسيطة، قدمت نموذجا من التضحية من أجل ابنها حتى صار فى أعلى المناصب، هذه هو النموذج الذى يجب أن نقدمه، بدلا من الفتاوى الشاذة والآراء المتطرفة التى يسعى أصحابها للشهرة على حساب كيان الأسرة المصرية وترابطها.

ولكن من هي «مبروكة خفاجي» الذى يكتب الاستاذ محمد جلال عبد القوى قصتها فى عمل درامى ليخلدها، بعد أن خلدتها أفعالها وتضحياتها فى تربية ابنها، هى فلاحة بسيطة من إحدى قُرى مركز دسوق محافظة كفر الشيخ، فى عام 1879 تزوجت بـ «إبراهيم عطا» فلاح كان يعمل بالأجرة وبسبب ضيق الحال طلقها رغم أنها كانت حاملا فى الشهور الأخيرة، انتقلت مع والدتها وأخويها إلى الإسكندرية وأنجبت ابنها «على إبراهيم عطا»وقررت أن تفعل كل ما بوسعها لتربيته وتعليمه على أحسن وجه، وكان لديها مائة سبب وسبب لتندب حظها، وترفض أرضاع ابنها كما أفتت المحامية الشهيرة إلا اذا حصلت على أجرها نظير رضاعته، وتتركه يبيع المناديل فى الإشارات أو يشرد فى الشوارع، ولكن «مبروكة» لم تفعل ذلك بل عملت بائعة جُبن فى شوارع الاسكندرية وأدخلت ابنها مدرسة رأس التين الأميرية وبعد أن حصل على الإبتدائية ذهب والده ليأخذه ويوظفه بالشهادة الإبتدائية، لكن الأم كان حلمها أكبر بكتير فهربت به إلى القاهرة وأدخلته المدرسة الخديوية وعملت لدى أسرة غنية كخادمة لتستطيع أن تنفق على تعليمه، الأبن تفوق ودخل مدرسة الطب ونبغ وذاع صيته حتى أصبح الطبيب الخاص للسلطان حسين كامل بعد أن عالجه من السرطان ومنحه البكاوية، ومنحه الملك فؤاد الأول الباشاوية، وتقلد العديد من المناصب العليا . 

 حكاية «مبروكة» الفلاحة، الأُمّية، المُطلقة، ليس بطلها الوحيد الابن المتفوق والنابغ ولكن البطل الحقيقى نموذج المرأة المصرية المكافحة.