مهرجان القلعة 30 l دورة استثنائية ونجاح منقطع النظير

مهرجان قلعة صلاح الدين الدولى للموسيقى والغناء
مهرجان قلعة صلاح الدين الدولى للموسيقى والغناء

عمر السيد

بعد خمسة عشر يوماً من الموسيقى والطرب والغناء المعاصر..اختتم الأربعاء فعاليات مهرجان قلعة صلاح الدين الدولى للموسيقى والغناء،  التابع لدار الأوبرا المصرية فى دورته الـ30. حيث شهد الحفل حفل الختام امسية فنية من نوع خاص، كان بطلها الموسيقار الكبير وصاحب الشعبية العريضة عمر خيرت، بالاشتراك فرقة أوركسترا أوبرا القاهرة السيمفونى العريق  تحت قيادة المايسترو ناير ناجى، بالإضافة الى مشاركة مجموعة التشيللو  “state of harmony” .. كانت احتفالية خير ختام لفعاليات هذه الدورة من المهرجان، والتي حملت طابعا مميزا على كافة المستويات، وكشفت عن العديد من نقاط القوة والجمال التى يمتلكها هذا المهرجان، أو بالأحرى التى حظى بها واكتسبتها إدارته على مدار دوراته السابقة، والتى جعلته ينال وبجدارة لقب المهرجان الشعبى الأول والأوحد على أرض المحروسة.

عناصر الإبداع، والتفوق الفنى، وحسن الإدارة والتنظيم. كانت أهم ملامح الصورة النهائية التى خرج بها المهرجان فى دورته الجديدة، وكلمة السر وراء مصطلح “ الدورة الاستثنائية”.. العنوان الأنسب لهذه الدورة، لما ظهرت به من مقومات عديدة.. بداية من التنظيم الجيد الذى وضعت خطته مسبقا- قبل بدء الفعاليات - بالتعاون بين وزارة الثقافة وإدارة الأوبرا المصرية برئاسة د.مجدى صابر، ود. خالد داغر رئيس البيت الفنى للموسيقى والأوبرا والبالية، وأشرف على تنفيذها  كل أبناء وجنود الأوبرا  بدقة متناهية  منذ اليوم الأول من الفعاليات وحتى الختام .

وكذلك الصورة الحية و المبهجة ايضا، التى ظهرت بها فعاليات المهرجان على مدار لياليه، وتضافرت بها جهود كل هؤلاء الى جانب وزارة السياحة المصرية والقائمين عليها، حيث برز نجاحهم فى حسن استغلال مركز ومكانة “قلعة صلاح الدين” كمكان اثرى له قيمته وتاريخه، وظهورها فى أبهى صورها طوال أيام المهرجان.

هذا بالإضافة الى البرنامج الفنى لفعاليات المهرجان، والذى شهد العديد من المفاجآت، بضم نجوم جدد الى قائمة مطربي المهرجان السابقين، الى جانب كونه جاء متوازنا بقدر كبير، مستوعبا كافة الأنماط والألوان الموسيقية والغنائية التى يفضلها الجمهور بمختلف أذواقهم وفئاتهم العمرية..

التواجد المصري

سمات وإيجابيات عديدة اتفق عليها كل من تابع المهرجان، وكذلك  المتخصصون والمهتمون بمتابعة المجال الموسيقي فى تقييم هذه الدورة من المهرجان، كما ذهب بعضهم للتطرق إلى نقاط إيجابية أخرى لهذه الدورة ، ومن بينهم الموسيقار منير الوسيمى، الذى حرص فى بداية حديثه على الإشادة بدور دار الأوبرا المصرية والقائمين على المهرجان لحسن تنظيمهم لهذه الدورة، والمستوى الجديد الذى ظهرت به على من الناحية الفنية والتنظيمية،  وهو ما أوضحه قائلا : شاهدنا خلال فعاليات هذه الدورة العديد من النقاط الايجابية التى أصبحت تحسب للمهرجان ولإدارته، فكانت دورة ناجحة بكل المقاييس، سواء على المستوى الفنى والجماهيرى والذى يمكن التأكيد عليه بحجم الحفاوة والحضور الجماهيري لحفلات المهرجان منذ انطلاقه.

 أما من الناحية الفنية فقد شهدت حفلاته قدر كبير من الثراء، والتنوع الفني كعادة كل عام. اضافة الى نجاح إدارته الملحوظ فى التوسع والانفتاح بشكل كبير لاستيعاب كافة الفنون الموسيقية والنجوم العرب، كـ مشاركة المطربة اللبنانية نوال الزغبى التى شاهدناها لاول مرة فى هذه الدورة من المهرجان، دون الإخلال بتواجد ومكانة نجومنا المصريين خلال فعاليات المهرجان.

واستكمل الوسيمى حديثه قائلا : التواجد المصرى فى مهرجان يقام على أرض مصر أمر فى غاية الاهمية، ولذا لدى مقترح لادارة المهرجان يمكن الاستفادة منه فى هذا الغرض، يتمثل فى إقامة مسابقة رسمية على هامش المهرجان لاختيار مجموعة من المواهب والأصوات الطربية الشابة، يتم اختبارها وأمام لجنة من كبار الموسيقيين ليتبناهم المهرجان ويمنحها فرصة الظهور خلال فعالياتها. وهذا قد يساهم بشكل كبير بتعزيز دور المطربين المصريين من ناحية، ويساعد من ناحية أخرى فى تعزيز تواجد الفن الهادف، وضخ دماء جديدة للساحة بشكل مستمر . 

خطة ذكية

على الجانب الآخر اعتبر الموسيقار صلاح الشرنوبى ان نجاح هذه الدورة من عمر المهرجان كان نجاحا منقطع النظير، وعلى كافة الاصعدة. وهو ما أكده قائلا: على المستوى الفنى، فقد نجح المهرجان هذا العام من خلال برنامجه المميز، فى ضم كوكبة من ألمع نجوم الطرب على الساحة المصرية، بالاضافة إلى بعض نجومها من الشباب. أما على مستوى الإقبال و التجاوب الجماهيري ، فقد اصبح المهرجان يحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة، هي فى تزايد مستمر من عام الى آخر. وهو ما  استطاعت معه الأوبرا خلال هذه الدورة ان تحقق هدف آخر اسمى واغلى بكثير، يخدم بدرجة كبيرة خطتها بالتعاون وزارة الثقافة،  فى نشر الوعى الفنى والتثقيفي لدى الجماهير، الفئة الشعبية منهم على وجه التحديد. إذ أن إصرار القائمين على المهرجان على ان تظل  أسعار بيع تذاكر حفلاته بهذا الثمن الزهيد، على الرغم من الارتفاع الملحوظ والمبالغ فيه فى أسعار تذاكر الحفلات الغنائية بشكل عام، يعتبر من أهم إيجابيات هذه الدورة، لما ترتب عليه من شدة ارتباط الجمهور بالمهرجان وتمسكهم به .

فرصة ذهبية

واتفق معه فى الرأى د.عاطف إمام العميد الأسبق لمعهد الموسيقى العربية ، حيث أوضح قائلا: الى جانب النجاح الكبير وكم الثناء التى حصلت عليها هذه الدورة من المهرجان من الناحية الفنية، هناك اختبار آخر نجح فيه المهرجان هذا العام، وهو الحفاظ على شعبيته وجماهيريته التى حققها على مدار السنوات الماضية، إن لم تكن قد تضاعفت مع هذه الدورة، التى منحت قطاع عريض من أبناء الشعب المصرى “فرصة ذهبية” ومنفس لتذوق الفنون على اختلافها، والاستمتاع بها ضمن مهرجان قوى كهذا.

وأضاف: من البداية كان اختيار الأوبرا لمنطقة القلعة لتشهد إقامة هذا المهرجان منذ دورته الاولى، اختيارا موفقا بدرجة كبيرة. لأن سكان هذه المنطقة وما حولها من المناطق المجاورة هم أناس بسطاء، قد لا يقدرون على دفع ثمن تذكرة واحدة لحضور حفل لاى مطرب خارج إطار المهرجان. خاصة وان جميع من ظهروا خلال فعالياته نجوما كبار، واسعار حفلاتهم فى تزايد مستمر.

لذا اعتبر ان حرص الأوبرا على اقامة هذا المهرجان  بشكل سنوي وبنفس القيمة المادية لأسعار التذاكر، وببرنامج فنى متطور من عام لآخر. هو إنجاز عظيم يحسب لها. اتمنى ان تسعى الأوبرا خلال الدورات المقبلة لزيادة أيام الفعاليات، -كما كان مقرر لهذه الدورة قبل حادث كنيسة ابو سيفين- لأن مهرجان كهذا له قيمة فنية وتثقيفية وخدمة كبيرة لا بد من دعمه، خاصة فى ظل حالة الاهتمام الجماهيري المتزايد بالمهرجان.