آمال عثمان تكتب: فرصة ثانية للحياة!

آمال عثمان
آمال عثمان

فى مرحلة متقدمة من العمر، تتضاءل نظرتنا إلى أشياء فى الحياة، وتتبدل بعض الاهتمامات والقناعات، وتتغير قائمة أولوياتنا، نندم على كل لحظة حلوة تسربتْ من بين أيدينا، ويظل يتردد بداخلنا سؤال: ماذا لو عاد بنا الزمن وأعطينا فرصة ثانية للحياة؟

الكاتبة الأمريكية «أرما بومبك» أجابت على هذا السؤال وهى على فراش الموت، ولكن دعونى فى البداية أقص عليكم حكاية تلك الكاتبة، صاحبة المقالات الجادة الممزوجة بروح الفكاهة، والتى منحها أسلوبها الساخر وبلاغتها شهرة وشعبية واسعة، وبلغ عدد قرائها 30 مليون قارئ، وحققتْ مؤلفاتها أعلى المبيعات.

عاشتْ طفولتها تتنقل بين منزل شقيقتها وبيت جدتها، عملتْ فى العديد من الشركات، والتحقتْ بجامعة أوهايو بالمال الذى حصلت عليه، لكنها غادرت بعد أول فصل دراسى حينما نفدت أموالها، ثم التحقت بعدها بجامعة دايتون، وتزوجت زميلاً من الجامعة، وحينما أخبرهما الأطباء بعدم قدرتهما على الإنجاب تبنتْ طفلة، وتخلت عن مهنتها كصحفية، ورغم كلام الأطباء أنجبتْ طفلين، وبعد10سنوات عادتْ لكتابة عمود أسبوعى مقابل3 دولارات، وبعد عام طلب منها صاحب الجريدة مزيداً من المقالات مقابل50 دولاراً، وسرعان ما أصبحت تنشر ثلاثة مقالات أسبوعية فى الصحف الأمريكية.

نجتْ من السرطان بعد استئصال الثدي، لكنها أصيبت بفشل كلوى، وخضعت لعملية زراعة، توفيت إثر مضاعفاتها عن عمر69عاماً، وقبل رحيلها سُئلت: لو عاد بك الزمان هل ستعيشين حياتك بنفس الطريقة؟. أجابتْ: إننى غير نادمة على أى شيء فعلته، لكنى لن أقضى شهور الحمل فى الشكوى، وسأستمتع بأنى جزء من تلك المعجزة الإلهية، وسبب خروج روح أخرى إلى العالم، لن أغلق نوافذ سيارتى حتى لا يُفسد الهواء شعري، سأستمتع بدعوة أصدقائى إلى بيتى أكثر، وأسمح لنفسى بالأكل فى غرفة المعيشة، وأمرح مع أولادى على الحشائش، وإذا شعرت بالإرهاق سأذهب إلى فراشي، ولن أتوهّم أن العمل سيتضرر إن تغيبت يوماً، وإذا ارتمى ابنى فى أحضانى لن أبعده لأنى مشغولة، وسأعبر أكثر عن مشاعرى لمن أحبهم، وأعتذر أكثر لمن أسأت إليهم، وأنصت أكثر لمن يحدثني، لو أعطيت فرصة ثانية للحياة، سأراها وأحياها وألمس كل لحظة فيها.

حقاً حينما نتقدم فى العمر نُدرك أن الحياة لا تمنحنا كل شيء، ونعى أن السعادة لا تتوقف على الظروف المحيطة، وإنما تنبع من أنفسنا، ومما تبقى فى قلوبنا من النقاء والرضا وتقدير الذات.