المرض النفسي أحياناً شماعة المجرمين.. 45 يومًا تحت الملاحظة تكشف الحقيقة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب: شريف عبدالله

45.. يوما تحت الملاحظة هى ايام معدودة يعيشها المتهم داخل وحدة الطب الشرعي النفسى بالعباسية مراقبًا بالكاميرات ليلا ونهارا فى انتظار تحديد مصيره، إما قفص الاتهام والسجن ليحاسب على جريمته وإما دخول السراية الصفراء كما يطلقون عليها ليوصم امام المجتمع  بأنه مريض عقلى غير مسئول عن أفعاله، ولكن مع ظهور جرائم ارتكبت فى الفترة الاخيرة ويطلق على اصحابها «مرضى نفسيين» يرى خبراء الطب النفسي أن معظم المتهمين يحاولون الإفلات من العقاب بادعاء المرض النفسى والمبالغة فى إظهار الاعراض للهروب من العقوبة رغم ان المريض العقلى لا يعفى من المسئولية، تفاصيل اكثر نعرضها فى السطور التالية.

 

«التحقق والاستعلام عن الحالة العقلية والنفسية للمتهم»، جملة للنيابة العامة كانت آخرها فى واقعة شهدتها محافظة القليوبية عندما تلقت الأجهزة الامنية بلاغًا من شرطة النجدة بقيام مختل عقليا ومريض نفسي مدمن مخدرات بمهاجمة أسرته ببنها، مما أسفر عن مصرع والدته ووالده لاعب الزمالك الأسبق لكرة القدم والذي توفي متأثرًا بجراحه، واصيبت  جدته ونجلة شقيقته، وضبط المتهم الذي تبين أنه مريض نفسي نتيجة تعاطي المواد المخدرة، وتبين ايضا من التحريات الأولية، أن المتهم مريض نفسي ويخضع للعلاج من إدمان المخدرات وأنه أصابته حالة هياج وحاولت أسرته السيطرة عليه لكنه هاجمهم مما أسفر عن مصرع والدته وإصابة والده الذي توفي فيما بعد داخل المستشفى، وكذلك إصابة جدته، ونجلة شقيقته، وألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهم.

د.جمال فرويز:مراقبتهم من خلال الكاميرات على مدار الساعة

24 ساعة
وكثيرا ما نسمعها فى معظم الجرائم وهو ما يطرح معه الكثير من التساؤلات؛ هل مرتكبى هذه الجرائم مجرمين أم مرضى نفسيين؟!، حيث يرى الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسي أن القانون يعطى للمتهم 45 يومًا لايضاح الصورة التى تعكس حقيقة مرضه من عدمه موضحًا؛ ان القضاء يلجأ فيه إلى المجلس الاعلى للصحة النفسية بمستشفى العباسية ويوجد ايضا بمستشفى العباسية وحدة الطب الشرعى النفسى، حيث يوضع المتهم تحت الملاحظة وهى عبارة عن ملاحظات بداية من استيقاظه من النوم وانتهاء بنومه واكله وسلوكه فى تعاملاته مع الآخرين وهو بيحاول الخداع ويظهر بصورة عكس الحقيقة ربما تلقاها من آخرين للهروب من العدالة بادعاء المرض النفسي.

 

واوضح فرويز أنه يتم ايداع المتهم داخل الوحدة وتتم مراقبته بالكاميرات 24 ساعة ويمنع عنه الزيارات الاسرية أو خروجه من الوحدة، كما يقوم التمريض بعمل تقرير ويضع كل من الأخصائي النفسي والاجتماعى تقريرهما إلى جانب الاختبارات وخلال هذه المدة يتم عمل اختبارات نفسية من خلال الاخصائيين النفسيين وقد نحتاج لعمل رنين مغناطيسى على المخ أو اشعة مقطعية على المخ ورسم مخ أو ابحاث على الكبد لانه احيانا توجد حالات عضوية تعطى صورة نفسية لازم تستبعد كل الاسباب العضوية طبقا لما يتراءى إلينا أثناء البحث وبناء عليه يتم انتداب استاذ جامعى سواء دكتور من جامعة القاهرة أو عين شمس أوالازهر حسب مايتراءى للجنة انتداب اساتذة مع أطباء الوحدة وبعدها يتم عرضه على لجنة ثلاثية مرة واثنين وفى المرة الثالثة اللجنة تضع تقريرها، هذا التقرير غير ملزم للقضاء فهو رأي استشارى والقرار للقاضي وهى مسئولية تامة للقضاء وتابع، أن المحكمة لها رؤيتها من كافة الجوانب من الناحية الطبية والاسرية والاجتماعية.

 

واشار د.فرويز؛ إلى أن الاضطراب النفسي غير المرض النفسى،الاضطراب يكون فى الشخصية من الوراثة من التربية من الخبرات الحياتية أو شخصية هيسترية أو سيكوباتية أو مضاده للمجتمع وهذا لا يعفى من المسئولية نهائيًا، وهناك آخرون تعاطوا المخدرات وظهرت عليهم اعراض مرضية وهى اعراض ذهنية ناتجة عن تعاطى المخدرات وهي لا تعفى من المسئولية.

واكد د.فرويز؛ أن الوحيد الذى يُعفى من المسئولية لحظة ارتكاب الجريمة هو المرض العقلى النشط، ويحدد هذا الطبيب النفسى، وطبقًا لتقرير الشرطة أثناء القبض على المتهم هل كان يهذى ببعض كلمات غير مفهومة أو عمل تصرفات غير مفهومة مضيفًا ان معظم المتهمين يدعون بالتمثيل المرض النفسى والمبالغة فى إظهار الاعراض للهروب من العقوبة.

د.عبد الرحمن حماد: 87% من الجرائم سببها المخدرات

مدمن المخدرات
الدكتورعبدالرحمن حماد المدير السابق ومؤسس وحدة الإدمان بمستشفى العباسية يؤكد قائلا؛ان متعاطى المخدرات يكون عرضه للمرض النفسى لحدوث اضطرابات نفسية مثل نوبات الهوس والاكتئاب وهى تحدث نتيجة لتعاطى المخدرات، واوضح؛ أن متعاطى المخدرات لا يعفى من المسئولية فى حالة ارتكاب جريمة إلا فى الحالات التى حددها القانون وهى أنه اخذ المخدرات قهرًا عنه  اوانه اخذها باختياره مثلما حدث فى حادث الاسماعيلية الذى فصل رأس الضحية وسار بها فى الشارع، فالقانون يحاسبه على افعاله واضاف؛ أن كثيرًا من المتهمين يحاولون الهروب من المسئولية بادعاء المرض النفسى.

 

وأشار حماد إلى دراسة أعدها صندوق مكافحة الإدمان على نزلاء المؤسسة العقابية الارتباط الوثيق بين تعاطى مخدر الحشيش وجرائم بعينها تفجع المجتمع المصرى الآمن بطبعه حيث تشير النتائج إلى أن 86% من مرتكبى جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش وأن 58% من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون مخدر الحشيش وأن 23,7% من مرتكبى جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر الحشيش وأن 24,3%من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيشوتشير النتائج إلى أن 56,7 %من مرتكبى الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات، وهذا مؤشر قوى على العلاقة الوثيقة بين تعاطى المخدرات ووقوع الجرائم، كما اوضح حماد أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن 87% من الجرائم غير المبررة يأتى تعاطى المواد المخدرة كمحرك رئيسي لها.

ونوه حماد إلى وجود علاقة بين المخدرات والجرائم العائلية ونتذكر عندما لقيت أسرة «الزوجة ووالد المتهم ووالدته» مصرعهم متأثرين بإصابتهم البالغة في حادث مروع في دشنا بمحافظة قناعلى يد الابن ٢٩ سنة وذلك بإطلاقه أعيرة نارية عليهم، كما تسبب الحادث في إصابة شقيقة المتهم وزوجها، وأشارت التحريات الأولية إلى أن المتهم كان من مدمنى الشابو المخدر ومسجل خطر له سجل جنائي وكان مسجونا على ذمة قضايا وخرج من السجن بعد قضاء فترة عقوبته، وأدمن الشابو المخدر الذي أصابه بحالة نفسية وحاول الاهل إبعاده عن المخدر إلا أنهم فشلوا، ليست هذه الجريمة الاولى من نوعها ولن تكون الأخيرة للأسف الشديد فقبل ذلك في الشهور القليلة الماضية كانت هناك حوادث مشابهة تكلمت عنها الصحف في المنصورة والإسماعيلية والجيزة والفيوم وسوهاج وغيرها، مضيفا؛ أن كثيرا ما نؤكد ان  وجود مدمن نشط في البيت يتعاطى المخدرات كارثة بكل المقاييس لان مفيش مكان للمدمن النشط إلا العلاج؛ لأنه تحت تأثير الرغبة الملحة والعنيفة القاتلة للتعاطي ويفعل المدمن اى شيء يُحدث العنف والهياج عندما يحين وقت الضرب والاحتياج للمخدرات أو وقت معاناته من أعراض الانسحاب أو بسبب التأثيرات العنيفة للمواد المخدرة مثل الشابو المتسبب في هذه الجرائم البشعة أو غيره من أنواع اخرى من المخدرات،وحينها قد يفعل أي شيء يسرق أو يكسر أو يضرب أويقتل أي شخص امامه، خطورة وجود مدمن نشط في المنزل تعود على ايذاء نفسه أولا في كل لحظة يعرضها لمخاطر الجرعة الزائدة،ومخاطر أن يأذى نفسه تحت تأثير المخدرات.

أيمن محفوظ: حيلة يستخدمها بعض المحامين

وسيلة ولكن!
ايمن محفوظ المحامى يؤكد؛ أن لجوء البعض من المحامين إلى عرض المتهم على الطب النفسي هو دور مشروع للدفاع عن موكله ويكون إما لتخفيف العقوبة أو اثبات أنه ارتكب الجريمة وهو فاقد للوعى والإدراك، واضاف محفوظ؛ أن القانون لا يعفي المريض النفسي المتهم من العقوبة على الاطلاق، فلها حالات يحددها الطبيب النفسي، أما متعاطي المخدرات الذي يعفى من العقوبة يجب ان يكون  اخذ المخدرات قهرا عنه.