NETFLIX على أرض الواقع .. معارك و حروب

منصة نتفلكس
منصة نتفلكس

محمد كمال

منذ اليوم الأول وبعد التوسع الكبير في الحركة الإنتاجية التي شهدتها منصة نتفلكس وهي تتعرض لحروب ضارية لا تلخص في الأزمات التي تحدث على فترات التي تتعلق بعمل معين أو مشهد أو قصة محددة فهذه مجرد زوبعات بسيطة تحصل على وقتها ثم تختفي وبالعكس هذه الومضات زادت من الدعاية الذاتية لنتفلكس خاصة وأن تلك الأزمات كانت في الغالب تتعلق بالدول على المستوى المجتمعات الداخلية وليست أزمات عالمية، وحتى على مستوى المشكلات التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية على غرار أزمة النائب توم كوتون عضو مجلس الشيوخ عام 2020 بعد أن طرحت المنصة فيلم “لطفاء” واتهم المنصة بالترويج للبيدوفيليا “الولع الجنسي بالأطفال” واتهم مخرجة الفيلم بالانحراف وانعدام المسئولية، وقدم كوتون ومعه عضو الحزب الجمهوري جيم بانكس طلبا إلى وزارة العدل الأمريكية برفع دعوى قضائية ضد نتفليكس بسبب الفيلم، واتهما المنصة بالاستغلال الجنسي للأطفال، لكنها أيضا كانت أزمة عابرة مرت مثل نظائرها وهذا الأزمات  ساهمت بشكل كبير في الترويج ودعم وجود  المنصة وزيادة شهرتها لكن تظل أزمات البداية أو حروب الأولى لها مذاق خاص فقد كانت حروب من أجل البقاء والحفاظ على المكانة والمصير المستقبلي للمنصة الأكثر شهرة في العالم.

حربان رئيسيتان خاضتهما نتفلكس بعد الطفرة الإنتاجية الكبيرة الأولى التي ارتبطت بالعلاقة المرتبكة بينها وبين المهرجانات الكبرى التي تحمل الصفة الدولية فقد شهدت هذه العلاقة شد وجذب على مدار أعوام فلم تكن الأزمة ظاهرة في البداية بدليل أن فيلم “أوكجا” الكوري الجنوبي قد شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي عام 2017 والذي كان من أوائل إنتاجات المنصة بعد التطوير للمخرج الشهير بونج جون هو، لكن الأزمة حدثت في العام التالي عندما قررت إدارات مجموعة من المهرجانات الكبرى مقاطعة أعمال نتفلكس في مقدمتهم مهرجاني كان وبرلين  وانضم لهما كارلوفيفاري ولوكارنو وظل تورنتو موقفه معلقا أما روتردام فقد أخذ مسار اخر في اختيار أعماله التي أصبحت ترتكز على الأعمال الأولى للمخرجين أو كما يطلق عليهم الهولنديون الأعمال الواعدةفي الكوكب، وكان أهم المبررات التي عبرت عنها تلك المهرجانات أن أعمال نتفلكس تفتقر لأهم شرط يجب توافره في الفيلم السينمائي وهو العرض التجاري.

على النقيض جاء موقف مختلف من الناقد الإيطالي ألأبرتو باربيرا الذي يتولى منصب المدير التنفيذي لمهرجان فينسيا منذ عام 2012 حتى الآن ليتخذ عام 2018 قراره الشهير والجرئ والذي جاء بعيدا عن تكتل المهرجانات الأخرى بأنه أعلن أن الأفلام التي تنتجها المنصات مرحب بها في فينسيا وأن المهرجان يرفض كل أشكال فكرة فرض “كوتة” أيا كان نوعها سواء كانت تتعلق بالأفلام أو باختيار لجان التحكيم، وكان هذا الانتصار الأول الذي تحققه منصة نتفلكس أمام المهرجانات السينمائية الكبرى وما زاد موقف نتفلكس قوة كانت الصورة التي خرجت بها مستوى أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا في هذا العام ومشاركة 3 أفلام من إنتاج نتفلكس هم “روما” المكسيكي لألفونسو كوران والأمريكان “أنشودة باستر سكارجس” و”الأخوان سيسترز” وحصول فيلم روما على جائزة الأسد الذهبي والفيلم الثاني على جائزة أفضل سيناريو للأخوين كوين، وتكرر نفس الأمر قبيل حفل الأوسكار لكن المسألة حسمت سريعا بمشاركة أفلام نتفلكس وبالفعل تواجد “روما” ضمن ترشيحات أفضل فيلم وأفضل فيلم أجنبي.

في عام 2019 بدأت المهرجانات الكبرى تغيير نظرتها تجاه نتفلكس لكن بحذر شديد حيث شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان فيلما من إنتاج نتفلكس وهو الأمريكي “ذات مرة في هوليوود” للمخرج كوانتين تارنتينو بينما تواجد في دورة فينسيا 4 أفلام دفعة واحدة هم “الجوكر” و”قصة زواج” و”الغسالة” و”شبكة الدبابير” وحصل الفيلم الأول على الأسد الذهبي، وفي هذا العام قدمت المنصة الفيلم الشهير للمخرج الكبير مارتن سكورسيزي والذي حمل اسم “الأيرلندي” الذي شارك في بطولته روبرت دي نيرو وآل باتشينو وجو بيتشي، وأيضا فيلم “الحجر الكريم” بطولة آدم ساندلر وشارك في إخراجه الأخوين بيني وجوش صافدي.

الحرب الضارية الثانية التي واجهتها نتفلكس كانت مرتبطة بعدد من المخرجين وصناع الأفلام الذين هاجموا البدايات ومن أهم تلك الأسماء المخرج الكبير ستيفن سبيلبرج الذي انتقد عام 2018  السياسة التي تتبعها نتفلكس من أجل الترشح لجوائز الأوسكار، وهي عرض أفلامها في دور العرض السينمائية لمدة أسبوع لاستيفاء شروط أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، وقال أن نتفلكس تفرض ضغوط  لأن بالتدريج، سيواجه صناع الأفلام صعوبات في جمع الأموال أو المنافسة في مهرجان مثل صندانس وأن الكثير منهم سيسمحون لشركات البث حسب الطلب بتمويل أفلامهم. ربما مع وعد بطرح الفيلم في دور العرض السينمائية كي يكون مؤهلا لموسم الجوائز لكن في الحقيقة، بمجرد الموافقة على معايير التليفزيون “فأنت فيلم تليفزيوني”، ووقال ساخرا بالتالي هذا العمل الجيد يستحق جائزة إيمي وليس الأوسكار.

ونفس الأمر تكرر مع المخرج الشهير كريستوفر نولان الذي بدوره قدم انتقادات واسعة لمنصة نتفلكس تحديدا رغم دفاعه عن منصة أمازون وكان مبرره أن نتفلكس تحمل كراهية غريبة تجاه دعم دور السينما حيث وصفهم بأنهم يتبعون سياسة طائشة تنص على أن كل شيء يجب أن يطرح ويعرض على شبكات النت في وقت واحد حيث يرى نولان أن هذا النموذج يعارض فكرة العرض السينمائي لهذا فهم ليسوا جزء من اللعبة وفي المقابل يجد نولان أن منصة أمازون برايم لم تقع في نفس الخطأ لأنها أولا تعرض انتاجها على شاشتها بالتزامن مع العرض السينمائي وهذا ما أعمال محددة أما معظم أعملها فتقوم بطرحها في دور العرض قبل 90 يوما من العرض على الإنترنت ويرى نولان أن هذا النموذج هو الأكثر قابلية للتطبيق وليس ما تقدم عليه نتفلكس.

أما المخرجة الأمريكية صوفيا كوبولا فقد ناشدت الجماهير من محبي السينما بمشاهدة الأفلام في دور العرض فقط وعدم الخضوع لسيطرة منصتي نتفلكس وأمازون لأن المكان الوحيد الذي يجب ان تشاهد فيه الأفلام السينما فقط دون غيرها لأن إذا حدث غير ذلك لم يعد فيلما، ورغم الهجوم الكبير الذي قدمته كوبولا عام 2018 على منصة نتفلكس إلا أن فيلمها الذي قدمته عام 2020 والذي حمل اسم “على الصخور” من إنتاج منصة “أبل تي في” ولم يطرح في دور العرض من الأساس، وتقوم كوبولا بالتحضيرات النهائية لفيلم جديد من إنتاج أبل تي في أيضا ويحمل اسم “عرف البلد”.