شهدت الدعوة الإسلامية إقبالاً متزايداً من الشعوب الأفريقية لما تتصف به هذه الدعوة من السماحة والرفق واللين، وقد أظهر بعض العلماء والدعاة فى العصر الحديث أن هدفهم فى البداية كان تعليم المسلمين فى الدول الأفريقية أمور دينهم، إلا أنهم لاحظوا إقبالاً متزايداً للناس من غير المسلمين على مجالسهم وحلقاتهم، وقد كان العلماء والدعاة يستمعون لأسئلة غير المسلمين بصدرٍ رحب ويجيبونهم عليها برفقٍ ولين ويقدمون لهم الهدايا، وقد كان لما لاحظته الشعوب الأفريقية من الصدق والأخلاق النبيلة للدعاة والعلماء الأثر الكبير فى جذب قلوبهم ودفعهم للتعرف أكثر على حقيقة دين الإسلام ومبادئه وتعالميه، بالإضافة إلى الخدمات التنموية التى كان الدعاة يقدمونها للقرى التى يدعون أهلها إلى الإسلام، حيث يقومون بتأسيس جامع ومدرسة وبئر مياه فى كل قرية يدخلونها.
الصفاء الروحى
ويرجع انجذاب الشعوب الأفريقية إلى اعتناق الإسلام إلى الأمان والصفاء الروحى الذى يشعرون به منذ اللحظة الأولى لدخولهم الإسلام، كما تأثروا بما لمسوه من الأخلاق الحميدة والأمانة التى يتصف بها عامة المسلمين فى تعاملاتهم فى حياتهم الاجتماعية والعملية، إضافةً إلى القيم الاجتماعية السامية التى يتميز بها المجتمع المسلم والتى تدعو إلى التسامح والتعايش على أساس من التآخى ومشاعر المحبة، بالإضافة إلى أن طبيعة الحياة فى المجتمعات الإسلامية والتى تتصف بالهدوء والأمان ساهمت فى جذب قلوب الشعوب الأفريقية من أجل الحصول على الحياة الآمنة فى ظل الصراعات العالمية المتنامية، وقد تظافرت هذه الأسباب فى دفع الشعوب الأفريقية إلى الإقبال على اعتناق الإسلام.
وقد انتشر الإسلام بين الشعوب الأفريقية بصورة متسارعة، فقد أصبحت أفريقيا من أكثر قارات العالم من حيث نسبة المسلمين إلى عدد السكان، حيث تقدر نسبة المسلمين فى أفريقيا بـ 51,7% وهى نسبة تزيد على عدد المسلمين فى قارة آسيا التى تقدر بـ 27% بينما قدرت نسبة السلمين فى أوروبا بـ 5% ولم تتجاوز 1% فى الأمريكيتين، وقد شهدت أعداد المسلمين فى أفريقيا تزايداً مستمراً خلال فترات زمنية قصيرة، حيث كان عدد المسلمين فى أفريقيا فى عام 1931 يقدر بـ 40 مليون نسمة وقد وصل هذا العدد فى عام 1951 إلى ما يقارب 90 مليون نسمة، وفى حلول السبعينيات من القرن الماضى وصل عدد المسلمين فى أفريقيا إلى نحو 150 مليون نسمة، ويزداد إقبال الشعوب الأفريقية على اعتناق الإسلام اضطراداً فى الوقت الحالي، حيث أشارت الإحصائيات إلى أن 90% من الأفارقة الذين يتركون دياناتهم التقليدية يعتنقون الإسلام بينما يتحول 10% فقط إلى المسيحية.
المرتبة الأولى
المرتويحتل الدين الإسلامى المرتبة الأولى بين سكان أفريقيا بنسبة وصلت حسب تقدير بعض الدراسات إلى 60%، وتحتل الديانة المسيحية المرتبة الثانية بنسبة قدرت بـ 35% بينما يعتنق 5% بعض الديانات الوثنية المتوارثة، ويتركز الوجود الإسلامى فى قارة أفريقيا فى مجموعة من الأقاليم حيث تشكل نسبة المسلمين 95% من سكان الشمال الأفريقى و75% من السكان فى شرق وغرب أفريقيا، كما تشكل 25% من السكان فى مناطق وسط وجنوب القارة، ويعتبر المسلمون أغلبية فى العديد من الدول الأفريقية، ففى أثيوبيا على سبيل المثال تجاوزت نسبة المسلمين 65% من عدد السكان إلا أن الأقلية المسيحية تهيمن على الحكم فيها بدعم من أوروبا.
ويواجه المسلمون الجدد فى أفريقيا الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وخاصة فى الدول التى يشكل المسلمون فيها أقليات، ويرجع ذلك إلى سيطرة الدول الاستعمارية على جميع الموارد والثروات الاقتصادية لهذه الدول، وهو ما أدى إلى انتشار العوز والفقر فى القرى الإسلامية وغيرها فى أفريقيا مما ترك آثاراً سيئة على الأوضاع الاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية للمسلمين.
وقد كثف الدعاة المسلمون حملاتهم الدعوية ونشاطاتهم فى قارة أفريقيا من خلال الجمعيات والمشاريع التنموية من أجل المساهمة فى تحسين أوضاع المسلمين الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتفشى الأمية والفقر فى غالبية القرى الأفريقية المسلمة، كما تعانى القرى الأفريقية من قلة المدارس وتردى المناهج التعليمية، وهو ما أدى إلى انتشار الجهل والأمية بين المسلمين هناك.
دور مهم
وتلعب المؤسسات والجمعيات الإسلامية الخيرية دوراً هاماً فى رعاية وخدمة المسلمين الجدد فى أفريقيا، وقد كان نشاط هذه الجمعيات والمؤسسات أحد أهم الأسباب التى أدت إلى انتشار الإسلام والإقبال عليه بين الشعوب الأفريقية، حيث تأسست الكثير من الجمعيات الإسلامية التى تهدف إلى نشر الإسلام فى قارة أفريقيا وتعريف شعوبها بالقيم الإسلامية العظيمة التى تدعو إلى المحبة والسلام، وقد قامت هذه الجمعيات بتقديم المساعدات الإغاثية للقرى الأفريقية بالإضافة إلى تشجيع المبادرات المحلية التى تهدف إلى تحقيق التنمية.
كما قامت العديد من الدول الإسلامية وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية بالمشاركة فى تقديم مختلف المشاريع التنموية التى تهدف إلى تطوير المجتمعات الأفريقية المسلمة وغير المسلمة، وذلك فى سبيل تنمية الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية للمسلمين الجدد، وقد بلغت قيمة المساعدات التنموية التى قدمتها الدول الإسلامية للدول الأفريقية خلال العقود الأربعة الماضية تقريباً 30 مليار دولار.