نجاد البرعى يكتب: «رجل أقام مجده بنفسه»

نجاد البرعي
نجاد البرعي

في ١٧ أغسطس ٢٠١٦ غيب الموت جسد عبد العظيم مناف عن عمر يزيد علي خمسه وسبعين عاما.

اعرف الرجل منذ عام ١٩٧٨ اي بعد تخرجي بعام، ويعرف أبي وأمي مناف وعائلته منذ ربما أربعينات القرن المنصرم.

كان يسكن في منزل لأبي في السيدة زينب؛ ثم لما أفاء الله عليه من رزقه قرر أن يشتريه، جاء إلي مكتب أمي - كمحامية - لتكتب العقد. كنت متخرج من كليه الحقوق قبلها بعام، التقيت الرجل وأنا مندهش أن أمي وأبي يعرفانه حق المعرفه، كان وقتها يصدر مجلة الموقف العربي، والتي كان شعارها "صوت مصر في العالم العربي وصوت العرب في مصر" كان ناصريا كلاسيكيا؛ وكنت شابا مبهورا بتجربه عبد الناصر، من اليوم الذي دخل فيه مكتب أمي كي يكتب ذلك العقد تلاقت أرواحنا؛ أحببته كأخ أكبر واحبني كابنه . عملت معه كمحام وتعلمت منه كانسان قبل ان اتعلم منه الكتابه والخطابة .كان ازهريا يكتب بالعربية ويتحدث بها علي ارقي ما يكون . دخلت منزله وعرفت ابناؤه وبعضهم صغير يحبو . كل من عرفتهم من قاده الناصريين كان في مكتبه بشارع القصر العيني . كتاب كبار حسنين كروم الذي كان كتابه "عبد الناصر المفتري عليه " قد اصبح من اكثر الكتب مبيعا ...محمد عوده صاحب "الوعي المفقود". عبد الله امام . يوسف الشريف ؛ اللواء كمال حافظ ؛ الاستاذ ضياء داوود ؛الاستاذ محمد فائق الاستاذ عبد العظيم المغربي الاستاذ فريد عبد الكريم . احتاج ايام وايام لا عدد افضال هذا الرجل علي وربما علي جيلي كله ...ايامي مع عبد العظيم مناف وحسنين كروم هي ايام حياتي  . كنت معه في كل مكان ..كان يناديني "ابو ناصر" قبل ان انجب ابني "فاصبح يناديني "ابو كريم" .عندما اهتممت بحقوق الانسان لم يكن مرتاحا - كان يدعوني الي العشاء - مع حسنين كروم طبعا بشكل شبه يومي . ثم يظل يهاجم حسنين كروم رحمه الله لانه كان ينتقد تجربه عبد الناصر السياسيه في بعض جوانبها ويهاجمني لانني اهتم ب"حروق الاوطان" وهي اسم الدلع ل"حقوق الانسان" . كنا نضحك وحسنين كروم يقول له "حقك مدام هتدفع الحساب ". لازالت اذكر اخر مره رايته فيه ممدا علي سرير في احد المستشفيات الصغيره بجوار منزله في الروضه  ؛ ابتسم عندما رآني وقال "انت فين يا ابو كريم "..كانت الدنيا قد شغلتني عنه وشغلته عني في سنوات الارتباك ما بعد ٢٠١١ ابتسمت وقلت له ."تحت النظر شد حيلك بقي عايزينك ترم عضمنا بعزومه من اياهم "؛ قال بصوت واهن في حضور ابنه وليد "خلاص بقي".بعدها بيوم واحد نعي الناعي لمصر كلها عبد العظيم مناف . 
رجل اقام مجده بنفسه من بائع متجول الي اكبر مثقف موسوعي ناصري في زمنه . يوم مات التقيت حسنين كروم عليه رحمه الله ..قلت له "مات الكرم يوم مات مناف " فقال لي .ماتت الجدعه والاخوه يوم مات مناف" عليهما رحمه الله .