مخاوف الطلب تطغى على تعاملات سوق النفط العالمي

صورة موضوعية
صورة موضوعية

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع جديد جراء ارتفاع الدولار الأمريكي وضعف البيانات الاقتصادية في الصين، وهي أكبر مستورد للنفط الخام عالميا، إضافة إلى جانب توقعات "أوبك" في تقريرها الشهري تباطؤ نمو الطلب على النفط.

ويقاوم التراجعات التوترات بين واشنطن وبكين حيال تايبيه، التي تعزز المخاطر الجيوسياسية في أسواق الطاقة إلى جانب استمرار المخاوف من شح الإمدادات النفطية، في ضوء العقوبات على روسيا وإقرار "أوبك +" زيادة محدودة سبتمبر  المقبل لا تتجاوز 100 ألف برميل يوميا. وقال محللون نفطيون: إن العقود الآجلة للنفط الخام تراجعت في ظل مزيد من عمليات جني الأرباح، لافتين إلى توقعات صادرة عن بنك "كومرتس" تتضمن خفض أسعار خام برنت بنهاية العام الجاري إلى 90 دولارا للبرميل.

وأكدوا أن أسعار النفط الخام سجلت مكاسب أسبوعية في الأسبوع الماضي على الرغم من انخفاض الأسعار في ختام تعاملات الأسبوع، وذلك بعد أن تحسنت احتمالية نمو الطلب.

وأشار المحللون إلى زيادة المعروض النفطي من جانب روسيا بمستوى أكثر مما كان متوقعا، فضلا عن ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ما شكل ضغوطا هبوطية على الأسعار، حيث سادت القناعة بأن سوق النفط مزودة بوفرة في الوقت الحالي.

النفط يواصل التراجع.. وأرامكوا: مستعدون لزيادة إنتاجنا لـ12 مليون برميل يوميا

وأوضح روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن مخاوف الركود لاتزال تؤثر بقوة في حركة الأسعار، حيث أدت إلى تراجع ملحوظ في بداية الأسبوع خاصة مع توقعات بزيادة مخزونات النفط العالمية بمقدار 900 ألف برميل يوميا هذا العام.

وأضاف أن حالة المعنويات في سوق النفط الخام وفي الأسواق المالية الأوسع لا تزال ضعيفة، وعدم اليقين يسيطر عليها خاصة مع وجود مؤشرات توفر نظرة متباينة بشأن فرص نمو وتعافي الاقتصاد الأمريكي بوتيرة سريعة، لافتا إلى تأكيد مؤشر ثقة المستهلك في جامعة ميشيجان، أن التعافي في الاقتصاد الأمريكي لا يزال يسير على المسار الصحيح.

من جانبه، ذكر ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن "أوبك" توقعت في تقريرها الشهري الأخير حدوث فائض في سوق النفط، ما أثار تكهنات المراقبين بأنها ربما تستعد لتعديل مستويات الإنتاج بشكل جديد في الشهور المقبلة، مبينا أن الطلب لم يتعاف بعد بشكل كامل، حيث تستمر توقعات عودة ظهور قيود جائحة كورونا، إضافة إلى الشكوك الجيوسياسية المستمرة، وفي مقدمتها التدخل العسكري في أوكرانيا. وأضاف أن معظم أعضاء "أوبك" بالفعل - ولا يزالون - أقل أداء من أهداف الإنتاج الخاصة بهم، جراء نقص الاستثمار والعقوبات على روسيا والصعوبات التشغيلية في بعض دول الإنتاج، ما جعل "أوبك +" تقرر أخيرا إضافة 100 ألف برميل يوميا فقط إلى إجمالي الإنتاج، ما عده تجار النفط مفاجأة غير متوقعة. من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، إن الانخفاضات السعرية في بداية الأسبوع هي رد فعل لبيانات اقتصادية صينية ضعيفة إلى جانب انتعاش الدولار الأمريكي، والذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط، لكن الطلب عموما على النفط الخام يظل قويا، ما جعل كبار المنتجين يتعاملون بحذر مع فكرة الاستعانة بالطاقة الإنتاجية الفائضة للنفط، حيث تحفظوا على هذه الدعوة مؤكدين عدم الاستعانة بهذه الطاقة في الظروف الراهنة، لكن عدم استبعاد الفكرة نهائيا والتفكير في الأمر عندما يصبح الوضع مع إمدادات النفط العالمية حرجا.

وأوضح أن المخاوف السابقة المرتبطة بحرب أوكرانيا تتقلص خاصة بعد أن أعلنت تقارير دولية أن تأثير العقوبات الغربية في إنتاج النفط الروسي وصادراته كان أقل حدة بكثير مما كان يخشى، معتبرة أن هذا يمهد الطريق لسوق نفط توفر احتياجات المستهلكين بشكل أفضل مما كان يتوقعه الكثيرون قبل شهرين فقط.

بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط فى الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن بعض الدوائر التحليلية ترى أن ارتفاع الأسعار يؤثر سلبا في الطلب ويدفعه إلى الانخفاض، ولكن هناك في المقابل عديدا من العوامل الداعمة لقوة الطلب وأبرزها فى المرحلة الراهنة التحول السريع من الغاز إلى النفط، لاسيما في أوروبا فى ظل معاناة عديد من المرافق الحيوية مع أسعار الغاز القياسية.

وسلطت الضوء على توقعات صادرة عن شركات التكرير ومشغلي خطوط الأنابيب في الولايات المتحدة ترجح طلبا قويا على منتجاتها في النصف الثاني من العام الجاري، على الرغم من ارتفاع الأسعار، مشيرة إلى توقعات صادرة عن بنك "جولدمان ساكس" ترجح عودة أسعار النفط إلى 130 دولارا للبرميل بحلول نهاية العام خاصة مع تأكيد "أوبك" أن الطاقة الاحتياطية محدودة، وأن معظم الأعضاء لا يستطيعون الوفاء بحصص زيادة الإنتاج.

وفيما يخص الأسعار، انخفض النفط أكثر من أربعة دولارات للبرميل أمس وسط مخاوف بشأن الطلب بعد أن جددت بيانات اقتصادية صينية مخيبة للآمال المخاوف من حدوث ركود عالمي.

وبحسب "رويترز"، تراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 4.75 دولار أو 4.84 في المائة إلى 93.40 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس بعد انخفاضها 1.5 في المائة عند الإغلاق الجمعة.

وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 4.52 دولار أو 4.91 في المائة إلى 87.57 دولار بعد هبوطه 2.4 في المائة في الجلسة السابقة.

وخفض البنك المركزي في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، أسعار الإقراض لإنعاش الطلب بعد أن أظهرت بيانات تباطؤ الاقتصاد بشكل غير متوقع في يوليو مع تقلص نشاط المصانع والبيع بالتجزئة جراء سياسة بكين الصارمة (صفر كوفيد) وأزمة عقارات.

وأظهرت بيانات حكومية تراجع إنتاج المصافي في البلاد إلى 12.53 مليون برميل يوميا في أدنى مستوى منذ مارس 2020. وقلص بنك آي.إن.جي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في 2022 إلى 4 في المائة بانخفاض عن التوقعات السابقة البالغة 4.4 في المائة، محذرا من احتمال خفض التصنيف بدرجة أكبر.