باحثة أثرية: أرض الأسماك بالدقهلية تكشف أهمية الصيد في مصر القديمة

موضوعية
موضوعية

كانت للأسماك أهمية كبيرة في مصر القديمة، فقد عُرفت في النصوص المصرية القديمة باسم rmw، وعرفها المصري القديم منذ عصور ما قبل التاريخ، وذلك لأنه كان يسكن في الأماكن القريبة من نهر النيل، فأعتمد في غذاءة اعتمادً كبيرًا على صيد الأسماك، وعرف عدة أنواع منه كالبلطي، والبوري، والقرموط، والبياض، والبساريا، وغيرهم، وكان يطهوها بطرق مختلفة كالشي أوالتمليح أو غيرهما. 

اقرأ أيضا

خبير آثار فى عيد وفاء النيل: لولا النيل ما كان الهرم الأكبر 

تقول الباحثة الأثرية د. مي شريف العناني مفتشة آثار الدقهلية أنه نتيجة لأهمية الأسماك في مصر القديمة فقد اتخذها المصري القديم رمزًا للمعبودات المصرية القديمة كالمعبود أوزير، والمعبودة التي ترمز لمهنة الصيد وهي المعبودة حات محيت تلك المعبودة التي عُبدت بمدينة منديس "تل آثار الربع حاليًا" التابعة لمركز تمي الأمديد بمحافظة الدقهلية، وكانت عضوًا في الثالوث الخاص بمنديس والذي يتكون من "بانب جد، حات محيت، حربرقراط"، تلك المدينة العظيمة التي كانت عاصمة الإقليم السادس عشر من أقاليم مصر السفلي، وكانت حات محيت رمزًا لهذا الإقليم. ونتيجة لأهمية الأسماك الدينية في مصر القديمة فقد لجأ المصري القديم إلى تحنيطها، ويحتفظ المتحف المصري بميدان التحرير حاليًا بنماذج من تلك الأسماك المُحنطة. 

أما عن أرض الأسماك بالدقهلية فهي "تل المقدام" التابع لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، والذي أُطلق علية في النصوص المصرية القديمة اسم tA rmw أي "أرض الأسماك"، حيث تعد تلك المدينة مصدرًا هامًا للأسماك والثروة السمكية بالوجة البحري، وكانت عاصمة الإقليم الحادي عشر من أقاليم مصر السفلي في العصر البطلمي، كما عُرف أيضًا تل المقدام باسم "ليونتوبوليس" أي "مدينة الأسد"، وكان شعار هذه المدينة الأسد. كما عبدت في المدينة المعبودة "باستت" وهي أم "ماي حسي"، كما عُبد المعبود "أوزيزيس"، و"آمون"، و"سوبك" والذي ذكر في بردية امهرست بأنه nb tA rmw أي "سيد أرض الأسماك". 

ومن أهم الآثار التي عثر عليها في تل المقدام بقايا تمثال للملك سنوسرت الثالث، وقاعدة تمثال للملك رمسيس الثاني من الجرانيت الأحمر، وتمثال للأمير نملوت ابن الملك شاشانق الأول من الأسرة الثانية والعشرون. وفي عام ١٩١٥م اُكتشف بالمكان مقبرة "كاروماما الثانية" من عصر الأسرة الثانية والعشرون، والتي عثر بها على جعران يحمل بعض أجزاء من الفصل ٢٦ من كتاب الموتى، كما عثر بمقبرتها على مجموعة رائعة من الحلي منها قلادة من الذهب واللازورد، وأسورتان من الذهب المطعم بالأحجار الملونة والمنقوشة بأشكال الجعران وعين الأودجات والكوبرا. أما في عام ١٩٢٢م اُكتشف بالتل تماثيل للأسود من البرونز محفوظة حاليًا بمتحف بروكلين بالولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة لتمثال رائع من الجرانيت بشكل الأسد يُزين حديقة المتحف المصري، ويفوق حجمه الحجم الطبيعي. 

وتلفت د. مى العنانى إلى أن للأسماك أهمية كبيرة في مصر القديمة فقد عرفها المصري القديم منذ عصور ما قبل التاريخ، واعتمد عليها في غذاءه، وصنعوا تمائم، وصلايات من الاردواز تستخدم لصحن الكحل بشكل سمكة، وكانت رمزًا للمعبودات المصرية القديمة، لذا لجأ المصري القديم لتحنيطها. 

تعد محافظة الدقهلية من المحافظات الهامة في الوجة البحري، وذلك لإحتوائها على مواقع أثرية تُشكل أهمية كبيرة في التاريخ المصري القديم، بالإضافة إلى انه عاش على أرضها أعظم ملوك مصر، كما خرج منها آثار هامة محفوظة حاليًا بالمتاحف المصرية، ومتاحف العالم، بالإضافة إلى أنها تحوي ثلاثة عواصم هامة من عواصم أقاليم مصر السفلى.