ما سعينا إليه هو وضع رؤية متكاملة للمنظومة الثقافية بمشاركة ست عشرة وزارة وخمسة مجالس قومية وأكثر من 55 جمعية ومؤسسة ثقافية وجماعة ثقافية لتكون موضع التنفيذ، حاولنا قدر المستطاع أن نقيم الوضع الراهن لوزارة الثقافة بجوانب قوتها وضعفها والفرص المتاحة أمامها والتحديات والتهديدات التى تتعرض لها
فتح أبواب المتاحف الفنية والقومية لكل طلاب المدارس مجانا بما يتيح للطلاب التعرف على الأعمال الفنية التشكيلية والذاكرة الوطنية. بالإضافة إلى تنظيم رحلات ثقافية مدرسية لزيارة المتاحف القومية والفنية والمناطق التاريخية، تمتد على مدار العام الدراسى
رحل المبدع والتنويرى الكبير د. جابر عصفور، آخر أيام العام الماضى، وترك لنا إرثاً عظيماً يتطلب من تلامذته، ومريديه أن يكملوا الرحلة، تماماً كما أكملها عن أستاذته د. سهير القلماوى، عن أستاذهما د. طه حسين الذى تعد أطروحاته طازجة ومحل نقاش وبحث إلى يومنا هذا.
عندما تولى د. جابر عصفور منصب وزير الثقافة لمرتين قصيرتين، لم تكن الوزارة بالنسبة له هدفاً أو وجاهة اجتماعية، لذلك قرر أن يسابق الزمن ويترك بصمة حقيقية بوضع استراتيجية ثقافية تليق بمصر، وحضارتها وحاضرها حتى 2030، وقاد ستين مفكراً ومثقفاً ومبدعاً مصرياً فى شتى مناحى الإبداع ليخرجوا جميعاً برؤية هى حاصل جمع رؤى تنويريين وضعوا أصابعهم على أماكن الداء وشخصوا العلاج ووضعوا تصوراً عملياً قابل للتطبيق لكى تعود مصر لريادتها الثقافية كما كانت.. وتزامناً مع انطلاق الحوار الوطني، قررنا أن ننشر فصلاً من هذه الاستراتيجية التى تصدر فى كتاب عن سلسلة كتاب اليوم، مؤسسة أخبار اليوم، تحت عنوان «وصية جابر عصفور».
يبقى أن نشير إلى أن المنشور هنا فى «البستان« له سياقه الزمنى، وبعض ما طالب به من وضعوا الاستراتيجية خرج للنور بالفعل، ولكننا رأينا أن نُبقى على كل شىء مكتوباً كما هو على اعتبار أنه وثيقة تاريخية تخرج للعلن للمرة الأولى.
فى إطار ما تبذله الحكومة حالياً من جهد فى طرح رؤية استراتيجية للتنمية المستدامة - مصر 2030، تسعى وزارة الثقافة إلى طرح خطة استراتيجية ثقافية متكاملة بالتنسيق مع جميع الوزارات والهيئات ومنظمات المجتمع المدنى المعنية بالشأن الثقافى العام، على اعتبار أن النهوض بالشأن الثقافى فى مصر.
لم يعد حكراً على وزارة الثقافة وإنما أصبح يمثل عبئاً ومسئولية مشتركة بين جميع أجهزة الدولة والمجتمع المدنى المعنى بالشأن الثقافى العام على السواء، ولهذا أطلقنا عليها منظومة ثقافية لمصر تسعى الدولة إلى تفعيلها على امتداد الخمسة عشر عاماً المقبلة.
يقصد بالمنظومة الثقافية رؤية قائمة على الشراكة المجتمعية فى الشأن الثقافى، وهى فكرة ليست جديدة، بل هى دعوة سبق أن طرحت أكثر من مرة على مدى الأربعين عاماً الماضية من جانب كثير من المثقفين وبعض من تولوا مسئولية وزارة الثقافة من قبل.
وسبق أن طرحت أفكارا لسياسات ثقافية تتضمن أوجه للتعاون المشترك بين وزارة الثقافة وأطراف أخرى حكومية وغيرحكومية سعياً إلى تعزيز التنمية الثقافية، كما أن عقول كثير ممن عملوا فى إدارة المؤسسات الثقافية مليئة بأفكار مهمة عن التطوير فى العمل الثقافى فى اتجاه التعاون مع الوزارات الأخرى، ولهذا لا ندعى بأى حال من الأحوال أننا أصحاب السبق فى طرح فكرة المنظومة ولا فى طرح أفكار التطوير المتناثرة هنا وهناك فى كثير من أوراق العمل والتقارير والأبحاث والإصدارات والندوات والمؤتمرات الثقافية على امتداد ثلاثة عقود مضت.
كل ما سعينا إليه هو وضع رؤية متكاملة للمنظومة الثقافية بمشاركة ست عشرة وزارة وخمسة مجالس قومية وأكثر من 55 جمعية ومؤسسة ثقافية وجماعة ثقافية لتكون موضع التنفيذ، حاولنا قدر المستطاع أن نقيم الوضع الراهن لوزارة الثقافة بجوانب قوتها وضعفها والفرص المتاحة أمامها والتحديات والتهديدات التى تتعرض لها.
وحاولنا قدر المستطاع أن نقرأ كل ما كُتب حول تطوير العمل فى وزارة الثقافة والسياسات الثقافية والاستماع لآراء كثير من المهمومين بالعمل الثقافى والفنى فى مصر، وأن نستلهم من كل الأفكار ما يمكن أن يمثل وثيقة ممكن التوافق حولها مجتمعياً للنهوض بالعمل الثقافى فى مصر.
ومن كل هذا الحصاد توصلنا إلى صياغة رؤية ثقافية جديدة نحو مستقبل أفضل لمصر ككل، لضمان تمكين المواطن المصرى من حقه فى الحصول على المعرفة والاستمتاع بالفنون والارتقاء بالأذواق وتحسين نوعية الحياة والتعبير عن التنوع الثقافى وإطلاق حرية الإبداع المسئولة لكل المواهب والطاقات الإبداعية للمصريين ودون أى قيود.
بحيث يمكن أن نعيد معاً بناء مؤسسات ثقافية متعددة ومتجددة، تستوعب كل المصريين دون إقصاء لتأكيد معانى التضامن والتعايش المشترك وتحقيق الاندماج الاجتماعى والثقافى.
كانت نقطة البداية تشكيل وحدة جديدة فى وزارة الثقافة لتطوير المنظومة الثقافية منذ شهر يونيه 2014، والعمل من خلالها لدراسة الوضع الراهن لوزارة الثقافة والاطلاع على المحاولات السابقة لتطويرها.
وتشكيل مجموعة من ورش العمل شارك فيها كثير من قيادات وزارة الثقافة وأعضاء المجلس الأعلى للثقافة وعدد كبير من المثقفين لمناقشة فكرة المنظومة الثقافية الجديدة، كما تم عقد لقاءات تشاورية مع وزارات التربية والتعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة والأوقاف والآثار.
باعتبارها الوزارات المعنية بالعمل الثقافى بمفهومه الأوسع، وتم توسيع دوائر التشاور مع الوزارات الأخرى التى تمثل أبعاداً مختلفة للشأن الثقافى العام مثل: وزارات السياحة، التطوير الحضرى والعشوائيات.
التنمية المحلية والإسكان، الصحة، التضامن الاجتماعى، والقوى العاملة، إلى جانب كثير من الجمعيات والمؤسسات الثقافية وجميع المجالس القومية، وأسفر ذلك عن رؤى مشتركة تم تضمينها فى مذكرات تفاهم مع هذه الأطراف.
وقد ساعدت تلك الاتفاقيات على بلورة كثير من المشروعات والبرامج والأنشطة القابلة للتنفيذ فى السنوات المقبلة بشراكة مجتمعية كاملة.
تعتمد المنظومة الثقافية على رؤية وأهداف وقيم محورية ومبادئ عامة ومحاور للتطوير أفقية ورأسية وبرامج عمل تفصيلية مع الشركاء، وكل ذلك ينبع من تعريف محدد للثقافة سبق منظمة اليونسكو أن تبنته منذ عام 1982 يرى أن الثقافة هى: «مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التى يتسم بها مجتمع أو جماعة اجتماعية بعينها.
ويتضمن مفهوم الثقافة إلى جانب الفن والأدب، أساليب الحياة وطرق العيش المشترك، وأنساق القيم، والتقاليد والمعتقدات.
وتجدر الإشارة إلى أن أغلب ما تم التوصل إليه من رؤى وأهداف تم بمشاركة أطراف حكومية متعددة أهمها الوزارات المعنية بالشأن الثقافى العام، بالإضافة إلى بعض منظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الثقافية التى تم التواصل معها.
أما فيما يتعلق بترجمة تلك الرؤى والأهداف فى أنشطة ومشروعات قابلة للتنفيذ، فإن الوثيقة التى نحن بصددها الآن تضم جميع أوجه التعاون الممكنة مع الوزارات وعدد محدود من المجالس القومية والمؤسسات الثقافية، فضلاً عما أثير من مقترحات عملية من واقع الحوار الذى أجريناه مع مجموعات من الخبراء والمثقفين حول المنظومة الثقافية المقترحة.
وفى هذا الصدد أجرينا حواراً مع بعض الجمعيات والمؤسسات للتشاور حول مضمون المنظومة الثقافية المشتركة وأوجه التعاون الممكنة، وعلى ضوء تلك المشاورات القائمة أدخلنا تعديلات على صياغة المنظومة الثقافية للدولة كى تعبر عن كل أطياف وأطراف العمل الثقافى فى مصر.
ومن الممكن أن تستوعب الاستراتيجية المقترحة عندئذ، أفكاراً فى التطوير ومشروعات للتنفيذ بمشاركة المجتمع المدنى، ويمكن أن يتخلل التواصل مع المجتمع المدنى فى هذا الشأن إبرام اتفاقيات تعاون بين وزارة الثقافة وبعض منظماته ومؤسساته الجادة، وذلك كله فى إطار المنظور المرن للصياغة التى تسمح باستيعاب كل صور التعاون المستجدة.
اقرأ ايضا
عائشة المراغى تكتب: مثقفو الوطن العربي يحتفون بجابر عصفور في بيته
