كرم جبر يكتب: الحوار الوطنى .. بداية الانطلاق

كرم جبر
كرم جبر

الأجواء مهيأة لانطلاق الحوار الوطنى نحو القضايا الرئيسية، عند استئناف جلساته يوم 27 أغسطس الجاري، على قاعدة المبادئ التى أعلنها الرئيس، وأهمها الدستور والانتماء للوطن واحترام مؤسسات الدولة واستكمال المسيرة الإصلاحية، وإطلاق روح جديدة لتحديد أولويات العمل الوطنى المشترك.

حوار مبنى على مكونات الأفكار الجديدة التى ترسخت خلال السنوات الثمانى الأخيرة، والأهم احتواء الدولة المصرية لجميع أبنائها، دون إقصاء أو إبعاد، فالجميع يتمتع بنفس الحقوق وعليه نفس الواجبات تحت مظلة الدولة المصرية العادلة.

لم يكن أشد المتفائلين يتصور، أن مصر يمكن أن تخرج من الأزمات والتحديات التى واجهتها، بعد أحداث يناير بهذه السرعة الكبيرة، وكانت كلمة السر هى إعلاء رئيس الدولة للمقومات المصرية الأصيلة، وإصراره على استعادة مكانتها ورفع قامتها بين الأمم.

تصالحت مصر مع نفسها، وتسلحت بروح متسامحة ونفس راضية، فتغلبت على دعاوى الثأر وتصفية الحسابات، لأن الدولة التى تتطلع إلى المستقبل، لا يمكن أن تدفن نفسها فى أحقاد الماضي، ورفعت شعار سيادة القانون، وفتحت الأبواب لكل المصريين، إلا من قتل أو ارتكب عنفاً أو حرض عليه.

ولم تكن الروح الجديدة مجرد شعار، وإنما سياسات راسخة ظهرت ملامحها فى الإفراج المتتالى عن السجناء، واستخدم الرئيس صلاحياته القانونية، ليعودوا إلى أسرهم ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، وارتسمت البسمة على وجوه الجميع.

حرية الرأى والتعبير «أيضاً» أرضية مشتركة ينطلق منها الحوار الوطني، أياً كانت الاتجاهات والانتماءات السياسية، طالما كانت فى إطار احترام الدستور والقانون، والحفاظ على هيبة الدولة ومؤسساتها، لأنها المظلة التى يلتقى تحتها الجميع.

حوار وطنى ينطلق من النعمة التى منحها الله لمصر وهى تلاحم النسيج الشعبى الذى يجب الحفاظ عليه، والتمسك به وعدم السماح باختراق قانونه الراسخ فى وجدان الأمة، وانعكس فى أسلوب حياة هادئة توحد المصريين فى الشدائد والأزمات، وتجعلهم روحًا واحدة فى جسد واحد، كما تقول الحكمة الفرعونية القديمة، ضد كل صنوف الصراعات القبلية والمذهبية والعرقية والدينية، التى مزقت دولًا وأفنت شعوبًا.

شعب متجانس فى طباعه، متسامح فى حياته، فقد وحدهم الخير الذى تتمتع به بلادهم، واكتسبوا تجانسًا وانسجامًا وتعاونًا وسلامًا، ولم يحدث على مدى التاريخ، أن دخل المصريون حروبًا ضد بعضهم البعض، كما فى معظم الدول والشعوب، وكانت حروبهم ضد أعدائهم والغزاة، صونًا للاستقلال والكرامة والعزة، وحفاظًا على وحدة التراب الوطنى.

حوار وطنى يحترم الثوابت، فيحمى البلاد ويصون الاستقلال ويحفظ أمن المصريين وسلامتهم، وترسخ هذا المفهوم ثبوت الجبال، بعد 25 يناير وما تلاها من أحداث، حدث مثلها فى دول مجاورة، فمزقتها وأوقعتها فى أتون صراعات مهلكة، أما مصر فقد خرجت من المحنة سالمة، بأقل قدر من الخسائر، بفضل شعبها الذى حمى نفسه وأنقذ بلاده من الانهيار، وشكل حائط صد للذود عن سلطات الدولة وأهمها الجيش والقضاء والشرطة.