شىء من الأمل

تسييس الأخبار!

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

لأن ثمة ترحيبًا رسميًا مصريًا بعمليات الاستحواذ من قبل غير المصريين على أصول مصرية للمساهمة فى توفير قدر من النقد الأجنبى الذى نعانى فيه نقصا سعى البعض لترويج خبر عن مفاوضات تجرى بين مصر والصين حول استحواذ الصين على موانى مصرية مقابل نحو ثمانية مليارات من ديوننا الخارجية المستحقة لها..

بل تمادى البعض وقال إن قيمة الأصول المصرية التى سوف تستحوذ عليها الصين قد تصل الى ثمانية عشر مليار دولار.

ووسط صمت رسمى مصرى على ما يتردد ويقال كان من المفترض أن يخضع اعلاميا وصحفيا ذلك الكلام  للفحص والتمحيص والتدقيق للتأكد من صحته، خاصة أن هناك الكثير مما شاب هذا الخبر ويطعن فى سلامته.

دعنا من أن من بادر بإذاعة الخبر موقع معروف منذ إنشائه أنه يرفض ما حدث فى مصر منذ الثالث من يوليو عام ٢٠١٣ الذى أنقذنا من حكم الإخوان الفاشى، فهذا ليس هو المهم فى الأمر..

إنما المهم هو المصدر الأول  لهذا الخبر الذى تلقفته كل منابر الإخوان الإعلامية لترويجه..

فهذا المصدر الأول هو أيمن نور الذى قال إن أحد العاملين فى أحد الفنادق السويسرية اتصل به تليفونيا ليقول له إن هناك مفاوضات تجرى بين وفدين مصرى وصينى الآن فى الفندق، وتدور حول استحواذ الصين على أصول مصرية مقابل إسقاط ديون مصرية مستحقة للصين بثمانية  مليارات دولار ! 

والمثير أن لا أحد سأل نفسه وهو يروج لهذا الخبر الأسئلة البديهية مثل: لماذا تجرى المباحثات المصرية الصينية فى سويسرا ولا تجرى فى القاهرة أو بكين؟.. وكيف لموظف فى فندق أن يعرف بأمر وتفاصيل ما يدور فى مفاوضات تجرى بين وفود فى الفندق؟..

ولماذا اتصل تحديدا بأيمن نور ليبلغه بذلك؟!.. ولماذا لم يسأل أحد مسئولا مصريا حول هذا الأمر والمسئولون المصريون يتحدثون عن  تفاصيل عمليات استحواذ تمت وتتم. 

أما السؤال الأهم من تلك الأسئلة البديهية فهو: هل تشكل ديوننا المستحقة للصين مشكلة لمصر حاليا، مثلما شكلت لبعض الدول الافريقية التى تعثرت فى سداد أقساطها وفوائدها، بينما خريطة الديون الخارجية المصرية تبين أن أكبر دائنين لنا هم أعضاء نادى باريس وتليهم المؤسسات الدولية والإقليمية، ثم الدول العربية؟ ..

لكن كل هذه الأسئلة تم تجاهلها والتغاضى عنها إعلاميا وصحفيًا فى سبيل ترويج أوسع لهذا الخبر، لأنه حينما تظهر السياسة تختفى المهنية دوما وتسييس الأخبار صار سمة صحفية وإعلامية الآن فى عالمنا!