حلقات قليلة ومتعة كبيرة.. مسلسلات المنصات تهزم دراما الـ30 حلقة

ريفو
ريفو

شريف عبد الفهيم

بعد أن استطاعت المنصات الرقمية أن تسحب عدداً كبيراً من جمهور الفضائيات بسبب عدم فرضها وقتاً معيناً على الجمهور لمشاهدة الأعمال الدرامية التى يرغبون فى متابعتها فى أى وقت من اليوم، استطاعت هذه المنصات أن تفرض على الوسط الدرامى كله نوعية جديدة من الأعمال أصبحت تهدد الأعمال الدرامية وموسم الدراما الرمضانى ككل.


فبعد أن انتشرت خلال السنوات الماضية ظاهرة عودة المسلسلات ذات الـ15 حلقة لتفرض نفسها بقوة فى سباق دراما رمضان، استطاعت المنصات الرقمية أن تعيد السباعيات والـ10 حلقات للساحة من جديد لتصبح مصدر خطر كبيرا على مسلسلات الـ30 والـ45 والـ60 حلقة، والتي أثبت الأخيران فشلهما الذريع.

خلال الفترة الماضية عرضت إحدى المنصات الرقمية الشهيرة ثلاثة مسلسلات لم يزد كل منها على 10 حلقات إلا أنها استطاعت جذب العديد من الجمهور لينصرف عن مشاهدة مسلسلات الفضائيات. ليصبح الحديث عنها فى الصحافة والإعلام هو حديث الساعة، وهى مسلسلات «ريفو»، «وش وضهر»، و«الثمانية».

ريفو وعودة للتسعينيات
مسلسل «ريفو» عند عرضه، وحتى قبل عرضه، كان الكلام عنه أنه يتحدث عن فرقة موسيقية فى فترة التسعينيات، وهى الفترة التى اختلفت فيها الموسيقى فى مصر لتصبح مزيجاً بين الجماهيري، الذى يتابعه الغالبية العظمى من الشعب المصري، والنوع الثانى وهو الخاص بفئة معينة اتجهت فى غفلة من الزمن إلى سماع الموسيقى الغربية سواء الروك أو الجاز أو الريجى أو حتى الراب قبل أن يصبح فناً شعبياً يناطح موسيقى البوب بكل أنماطها المتعارف عليها.

إلا أن المتعمق فى جوهر المسلسل سيجده يدور حول شيئين، يعانى منهما الكثيرون فى تلك الفترة، وهما الفقد والشغف، أو بمعنى أدق وكما أطلق عليه وقتها فقدان الشغف.

يلعب مسلسل ريفو على وتر بارع من الانتصار للفن على حساب كل شيء، وكأنما يخبر العالم بأن ما يحدث من شر مقترن بعمل فنى أو بنوع فنى لا علاقة له من قريب أو بعيد بالفن ذاته، فأفراد باند ريفو الذين كرهوا الموسيقى بسبب الظلم الذى تعرض له زميلهم الفنان الحقيقي، خسروا حيواتهم بأكملها، خسروا أجمل ما فيها؛ الموسيقى، سر وجودهم ذاته والتى جعلتهم يظنون أن لهم القدرة على أن يكونوا أبطالاً.

البحث عن التعمق فى الذات
من ناحيته أكد الناقد الفنى كريم المصري، أن مسلسل «ريفو» هو خطوة درامية على الطريق الصحيح، فهو يمثل تلك الحالة التى يبحث عنها جمهور المنصات، الذى لا يبحث عن عمل تجارى لكن يبحث عن أعمال بها فلسفة وأعمال مختلفة تحتوى على الأسئلة والتساؤلات طوال الوقت، تلك هى الحالة التى صنعها مسلسل ريفو، وتلك الحالة التى صنعها صناع العمل.

وتابع المصرى: «ريفو هو سيناريو رائع لمحمد ناير يمثل حالة الصراع الدائم بين واقعية الحياة وما تفرضه علينا وخيال الفنان الحقيقى الذى يكون بالنسبة له مثل النداهة فإن تركت الفن ضل الطريق، كاتب يقرر أن يكتب فيلمًا عن باند موسيقى ظهر فى التسعينيات واختفى بعد أن حقق نجاحًا ملحوظًا، وتم حل الفريق لينطلق أعضاء الفريق كلٌ فى طريقه، ولكن يتوفى لتقرر ابنته أن تكمل سيناريو الفيلم».

وأكد أن يحيى إسماعيل مخرج أدار كل هذا بحرفية شديدة بجانب إحساسه العالى بالكادر واللحظة، ولم يفته أن يشعرنا طول الوقت ببساطة حياة التسعينيات وانطلاقه والرتم الحالى لإيقاع الحياة المليء بالسرعة والتوتر والضغط».

وأضاف: «كل تلك المقومات جعلت المسلسل يحظى بنسبة مشاهدة عالية كما أصبح مؤشراً لاكتساح المسلسلات ذات الحلقات القصيرة الساحة فى الفترة القادمة وأظن أن القنوات الفضائية سوف تلجأ قريباً لتلك النوعية من الأعمال لمواكبة العصر وأعنى عصر المنصات الرقمية».

«الثمانية» الخروج يعنى الموت
مع بدء عرضه عبر إحدى المنصات الشهيرة تصدر مسلسل «الثمانية» محركات البحث، ليحظى بنجاح كاسح وليدق ناقوس الخطر لمسلسلات الحلقات المطولة.

ولأن المُسلسل يعتبر جديداً على نوعية الدراما العربية وصنع بشكل جيد كان لابد من تلقيه إشادات واسعة بمستواه الفني.

ماجدة خيرالله: حرفية صناعتها تمثل خطراً على الأعمال المطولة

الناقدة الفنية ماجدة خيرالله قالت عن المسلسل: «عندما شاهدت الحلقتين الأولى والثانية من مسلسل (الثمانية) علمت أننى سأكون أمام عمل مثير، تجتمع له كل عناصر التسلية الممتعة».

وأضافت: «المخرج أحمد مدحت والذى أبدع من قبل فى مسلسل (اختفاء) يعود بقوة ليقدم مسلسل غموض وحركة فى قالب بوليسي، عن منظمة إجرامية تعمل فى تجارة السلاح وأفرادها ثمانية لم يلتقِ أى منهم بالآخر، ولها قوانين صارمة، الخروج عنها يعنى الموت».

وأضافت الناقدة ماجدة خيرالله: «حرفية الأعمال القصيرة والتى أصبحت تبهر المشاهدين مثل مسلسل الثمانية وريفو وغيرهما أصبحت تمثل خطراً كبيراً على الأعمال المطولة فقلة عدد الحلقات ينزع الملل والمط والتطويل منها وعرضها بدون فواصل إعلانية وإمكانية مشاهدتها فى أى وقت وأى مكان يجعل المشاهدين ينصرفون عن التلفزيون الذى لابد أن يظلوا متسمرين أمامه حتى يستطيعوا مشاهدة العمل».

وتابعت: «أظن أن المستقبل سوف يكون للمسلسلات ذات الحلقات القصيرة، فهى بالنسبة للممثلين لا تجهدهم كما فى الأعمال ذات الحلقات المطولة، وبالنسبة للمشاهد فهى استطاعت أن تجعله فى حالة اندهاش وشغب للمتابعة دون أن تقطع ذلك الشغف أى فواصل إعلانية تعكر المزاج».

إقرأ أيضًا

سقوط شاشة عملاقة على راقصين في حفل موسيقي لفرقة هونج كونج| فيديو

وش وضهر
استطاع المسلسل أن يتصدر قائمة الأعمال الدرامية الأكثر مشاهدة فى مصر عبر المنصات الرقمية خلال الحلقات الأولى من عرضه، وسط إشادات عديدة من النقاد والمشاهدين.

طارق الشناوى: خلال فترة قليلة ستزيح المسلسلات الطويلة

الناقد الفنى طارق الشناوى أكد أن المسلسل استطاع أن يجذب المشاهد منذ اللحظة الأولى، حيث تقف مشدوهاً أمام كل تفصيلة تتسلل إلى وجدانك، بداية من الأغانى الصوفية التى تنطلق من كاسيت ميكروباص، يتنقل داخل شوارع طنطا، ويستقر بميدان مسجد السيد البدوي، لتذوب بين الأجواء الروحانية ومحلات بيع الحلوى الشهيرة هناك، مروراً بتصاعد سريع للأحداث ليرفع بداخلك جرعة الأدرينالين، قبل أن تدخل فى أجواء العمل وتعيش مع شخوصه دون أن تدري.

وأضاف الشناوي: «هذه النوعية من المسلسلات استطاعت فى وقت قصير أن تجذب المشاهد لمتابعتها لعدة أسباب، أولها: أن العرض دائماً يكون على المنصات الرقمية، وهو ما يعنى عدم وجود قطع للتواصل الكيميائى بين المشاهد والعمل، وثانيها: أن قلة عدد الحلقات جعل الحبكة الدرامية مكثفة لأبعد حد ما يجعل المشاهد لا يستطيع أن يغلق عينيه خوفاً من أن يفوته مشهد أو حتى جزء من مشهد، أما ثالث الأسباب فإنه يتعلق بالعاملين فى العمل الفنى أنفسهم فهم يقدمون أفضل ما لديهم لعدم الشعور بالملل والإرهاق من طول فترة التصوير».

وأضاف الشناوي: «أظن أنه فى خلال فترة قليلة من الزمن سوف تزيح المسلسلات ذات الحلقات القليلة الأعمال الدرامية المطولة ولا أستبعد أن يأتى موسم رمضانى نجد فيه القناة الواحدة تقدم أربع سباعيات طوال الشهر».