عبلة الرويني تكتب: كيرة والجن (٢)

عبلة الرويني
عبلة الرويني

ينشغل المخرج مروان حامد، فى كل أفلامه، بسؤال جمالى ولغة سينمائية تقنية متطورة، ‏وحساسية بالغة فى اختيار وإدارة الممثلين. كثيرة هى الشخصيات فى فيلم (كيرة والجن) بعضها شخصيات ثانوية، وبعضها لم تحظ بعناية درامية فى صياغة شخصياتها، فلم تمنح للممثل المساحة المناسبة لإبداع الأداء، (روبي، إياد نصار، سلوى محمد علي، سلوى عثمان، محمد عبدالعظيم)... ولأن الشخصية الدرامية ليست مجرد حوار مكتوب بعناية، كان صمت تامر نبيل (عاذر شقيق هند صبرى بالفيلم) محمل بإحساس عميق بالوجع والحزن الثقيل.. صمت آخر لأحمد كمال (والد الجن) مشحون بالمشاعر وممتلئ بالأسى وحب الوطن.. حين يشارك فى التظاهرات بزيه العسكرى القديم، ويرفض تقديم التحية للضابط الإنجليزي، يتم إطلاق الرصاص عليه، ليكون موته بداية المقاومة لابنه (الجن).. دور صغير لكنه أداء محمل بالبطولة...

لا مجال للمفاضلة بين كريم عبد العزيز (كيرة) وأحمد عز (الجن)، كلاهما أبدع فى أداء متنوع، وتقديم صورة مختلفة للمقاوم، (كيرة والجن شخصيتان حقيقيتان فى حركة المقاومة الوطنية المصرية)... رؤية الفيلم للمقاومة والعمل السياسى الوطني، تتسم بالبساطة والطبيعية، الحس الوطنى جزء من الهوية دون هتاف ولا مبالغة ولا مزايدة.. يمكن التعبير عنه بنظرة عين، كما فعل فتوة الحى أحمد عبد الله محمود (التروماي).. وبأداء هادئ بسيط ومعبر(أحمد مالك، على قاسم).. صحيح بدت هند صبرى أكثر أفراد المقاومة صرامة، وأداء أقرب للحدة والانفعال الزائد، لكنه أداء أمين فى التعبير عن شخصيتها فى الفيلم.. كفتاة صعيدية محافظة، تعيش بمفردها فى القاهرة، تعمل مدرسة، وتشارك وسط رجال المقاومة..

رزان جمال (الفتاة الإنجليزية التى أحبها كيرة) أداء مناسب وعذب فى التعبير عن الشخصية.. سيد رجب أبدع كممثل فى مشهد التحقيق معه... الإنتقال من المقاوم الصلب العنيد، إلى الوشاية السريعة برفاقه والخيانة (رغم ضعف التبرير الدرامي)!!... كيمياء العلاقة بين كريم عبد العزيز وأحمد عز على الشاشة، أكملت المساحات الناقصة فى تطور العلاقة بينهما، من حدة الصراع فى البداية، الى الثقة والتقارب بينهما.