كاملة أبو ذكرى: لهذا السبب قررت الاعتزال

المخرجة كاملة أبو ذكرى
المخرجة كاملة أبو ذكرى

كتب: أحمد سيد

مخرجات قادرات على صناعة الإبداع، مؤمنات بأهمية القوة الناعمة في تغيير الواقع للأفضل، مدافعات عن حقوق المجتمع عامة، والمرأة خاصة، كنْ ومازلنْ داعمات للوطن، حققن نجاحات منشودة خلف الكاميرا، دفعن المجتمع للانحياز إلى قضايا المرأة بهدوء وقوة، خلقن روحًا جديدة فى مجال الإخراج من خلال أعمال أضاءت ومضات جمالية استثنائية، فأحدثت طفرة فى وعي الجمهور، صنعن فارقًا فى تاريخ السينما والدراما المصرية، صنعن معجزات، بتمردهن على الأطر النمطية فى المعالجة الدرامية من خلال أعمال مختلفة بها متعة بصرية ودرامية.

 

وعلى الرغم من الصعوبات والمتاعب التى تواجه المخرجات في الوسط الفني، لكن استطعن ترك بصمة حقيقة فى عالم السينما والدراما، لا يتنازلن بسهولة عن أحلامهن.. إبداعهن لا حدود له، أفكارهن متجددة، وطموحهن لا يموت رغم التحديات الحالية، خلقن حالة خاصة تبعث على الأمل والإصرار في تقديم كل ما هو جديد في عالم الفن.

 

اقتحمن عالم الإخراج بحرفية شديدة، وضعن لأنفسهن ضوابط لصناعة النجاح، وهذا سر خلطة النجاح، حتى حصلن على أكبر التكريمات والجوائز داخليًا وخارجيًا، وشاركن في المهرجانات العالمية بأعمالهن المميزة، لهن مواقف تنطق أشعارا، وساهمن فى ترويض الأفكار لواقع ممكن.. أخبار النجوم تحاور في هذا الملف، مجموعة من المخرجات، يروين قصة كفاحهن، وأسرار الرحلة، والصعوبات التى واجهتهن.

 

منذ بداية السينما والدراما التليفزيونية في مصر، وهناك أسماء في عالم الإخراج تجعلك مطمئن أنك أمام عمل جيد حتى قبل معرفة قصته أو مشاهدة لقطة واحدة منه، أغلب تلك الأسماء هي لمخرجين، لكن هناك استثناءات نسائية قليلة، أبرزها كاملة أبو ذكري، التي صنعت لنفسها أسما مميزا في عالم الدراما والسينما جعلها واحدة من أبرز الأسماء الموثوق بها لدى الجمهور المصري والعربي.. في السطور التالية تتحدث كاملة لـأخبار النجوم عن تجربتها الفنية، وأسباب قرار الاعتزال الذي أعلنت عنه مؤخرا، وأيضا تفاصيل تكريمها بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته المقبلة.

ماذا عن كواليس تكريمك وحصولك على جائزة فاتن حمامة للتميز بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته المقبلة؟ 

بعد الإنتهاء من مسلسل “بطلوع الروح”، قررت الحصول على راحة بسبب الإرهاق الذي تعرضت له أثناء التصوير، ومنذ أيام تلقيت اتصال من المخرج أمير رمسيس - المدير الفني المهرجان – أعتقدت أنه تم اختياري كعضو لجنة تحكيم بالمهرجان، لكن فوجئت بإختياري ضمن المكرمين في الدورة الجديدة، وتحديدا لجائزة “فاتن حمامة للتميز”، وكانت مفاجأة بالنسبة لي، وبكيت أثناء المكالمة، وشعرت بأن أمير أيضا أصيب بالخوف من رد فعلي، وفي نفس المكالمة تحدث معي النجم حسين فهمي - رئيس المهرجان - وتسبب حديثه معي في دخولي أيضا في هيستريا من البكاء. 

 لماذا قررت إعلان إعتزالك مؤخرا، وتحديدا بعد شهر رمضان الماضي؟ 

السبب الرئيسي كان مسلسل “بطلوع الروح”، فهي تجربة صعبة سواء في تحضيرها أو تنفيذها، حيث قمنا بتصوير العمل خارج مصر - تحديدا في لبنان بمدينة بعلبك - على مدار 4 شهور، وكان هناك شخص من فريق عمل المسلسل – لا أرغب في ذكر اسمه – أتخذ موقف ضدي رغم أنه من المقربين لي، وموقفه كان بسبب بعض القرارات في العمل، وهو أمر أستوقفني كثيرا، وجعلني أراجع نفسي، هذا بجانب حالة الإرهاق التي أصابتني أثناء التصوير، وتسببت في أزمة صحية لي، خاصة أنني أبتعدت عن أبنتي وزوجي لفترة طويلة، وذلك أثناء حمل أبنتي، ووجدت أن مهما قدمت من تضحيات ستجد حالة من عدم التقدير، مما أصابني بضيق، وقررت الابتعاد، وفكرت وقتها لماذا أحترف هذه المهنة الصعبة ذات الضغوط الكثيرة والتي تجعل المخرج يتحمل كل المسئولية؟، وفي هذه اللحظة قررت الاعتزال، وتحدثت مع أبنتي التي رأت أنني محقة في قراري، خاصة أنني قدمت أعمالا نالت إعجاب الجمهور، وهذا يكفي، ورغم هذه الصعوبات إلا أن العمل حقق نجاحا كبيرا على مستوى الجماهيري والنقدي. 

 ما الذي تغير بعد إعلان تكريمك بمهرجان القاهرة السينمائي؟ 

شعرت بعد مكالمة النجم حسين فهمي والمخرج أمير رمسيس، أن هذه “رسالة ربانية”، ولابد من التراجع عن قرار إعتزالي، وسألت نفسي “كيف أترك المهنة التي أحببتها؟”، خاصة بعد تقدير أكبر مهرجان في وطني لأعمالي، وجاء ذلك بعد غياب التقدير في مسلسلي الأخير “بطلوع الروح”، لذلك أشعر الآن أنني أملك المزيد من القدرة على تقديم الأفضل. 

 ماذا كان رد فعل أبنتك بعد أن قررت العدول عن الإعتزال؟ 

عندما قررت الإعتزال أو التراجع عن القرار، وجدت حالة من التشجيع داخل أسرتي، وأبنتى تحديدا، والتي قالت أنني صاحبة القرار في حياتي المهنية، وليس لأحد حق فرض رأيه، رغم أنها كانت غاضبة للضغوط التي تعرضت لها في مسلسل “بطلوع الروح”، وكانت ترى أن الأنسب الإعتزال وقتها، لكن بعد التكريمات ونجاح العمل، قالت أنني لابد أن أعود للعمل.

 ما الصعوبات التي واجهتك بشكل عام في حياتك المهنية؟ 

هي صعوبات خاصة بأسلوب العمل الفني، على سبيل المثال فكرة تأخر تصوير الأعمال الرمضانية، وهو الأمر الذي يسبب ضغط على فريق العمل، خاصة الإخراج، الذي يتحمل المسئولية الأكبر، ويدفع ضيق الوقت لتصوير عدد ساعات أكبر، وهو ما ينال من حالتنا الذهنية والبدنية، ولو حدث تأجيل أو تأخير في التصوير، فأن المسئول الأول يكون المخرج، وعليه أن يجد الحلول، وكأنه يملك “عصا موسى”، ولو لم يجد الحل يصبح مذنب، وهذا الأمر صعب للغاية، خاصة بالنسبة لمخرجة مثلي لا تقبل بالتسرع على حساب مصلحة العمل، الأمر الآخر هو أن أغلب الوسط الفني يعتمد على فكرة المصالح الشخصية لا الصداقات، فأنا ليس لدي أصدقاء من الوسط باستثناء مديرة التصوير نانسي عبد الفتاح، وهذا الأمر عكس ما عاصرته في بداية إحترافي العمل الفني، أتذكر مثلا أن المخرج الراحل محمد خان قام بإنتاج فيلم لصديقه المخرج الراحل عاطف الطيب حتى يقدمه للجمهور، هذه “المنافسة الصحية” قدمت لنا سينما رائعة، وهو أمر لا نجده الآن، فبعد أي عمل أنتظر التحية من أصدقائي لكن لا أجد ذلك، و”مفيش حد حتى بيقولي مبروك”، باستثناء المخرجة مريم أبو عوف.

 هل أصبحت السوشيال ميديا سببا رئيسيا في هذه الحالة داخل الوسط الفني؟ 

بالتأكيد لها دور في هذا الأمر، فهي تصنع أبطالا في لحظات، وفي لحظات أخرى تدمر مشوار كامل لفنان، وفي الماضي كان تقييم الأعمال حق أصيل للنقاد، وكان هناك نجوم في عالم النقد، على رأسهم سمير فريد وسامي السلاموني وكمال رمزي وطارق الشناوي، لكن في عصر السوشيال ميديا هناك حالة من الفوضى والتقييمات غير المدروسة، وضغوط السوشيال ميديا أصبحت مرعبة. 

 هل كانت بداياتك مفروشة بالورود، أم واجهت صعوبات؟ 

بداية عملي كانت صعبة، وعملت لفترة طويلة كمساعدة حتى أحصل على فرصة أن أكون مخرجة تتحمل مسئولية عمل فني، وكان لدي قرار أن أكون مخرجة قبل أن أكمل عامي الـ30، وهو ما تحقق بالفعل، حيث قدمت “سنة أولى نصب” – أول فيلم من إخراجي - عام 2004، وبعدها توالت الأعمال، لكن هذا لا يعني أنني عبرت المرحلة الصعبة في حياتي المهنية، بالعكس أنا لازالت أعيشها.

 هل اختلفت الأمور بالنسبة لك كمخرجة مشهورة الآن مقارنة ببداية عملك؟ 

في بعض الأمور، مثل أنني أحصل على عروض كثيرة لإخراج أعمال مقارنة بالبدايات، لكنني مازالت أعاني بسبب لقب “مخرجة”، فلو كنت “مخرج” أعتقد أن الأمور ستكون أسهل، والدليل أن لدي فيلم أرغب في إنتاجه منذ 4 سنوات ولا أجد المنتج الذي يتبنى التجربة، وهذا يجعلني مع كل تجربة جديدة أكون أشبه بمخرجة مبتدئة في بداية طريقها، وأعتقد أن الأمر له علاقة بأنني امرأة أولا، وثانيا أنني لا أملك “شلة” في الوسط الفني، ولا أحب السهرات والحفلات، “وأصدقائي معروفين بالعدد”. 

 لكن شاهدنا مؤخرا مواهب نسائية كثيرة سواء مخرجات أو مؤلفات حصلن على فرص حقيقية وكان لهن تأثير قوي على الساحة.. ما رأيك في ذلك؟ 

بالتأكيد هناك مواهب حقيقية، على رأسهم مي زايد التي قدمت فيلم “عاش يا كابتن”، وحصل على جوائز بـ”القاهرة السينمائي”، وأيضا هالة جلال التي قدمت فيلم “من القاهرة”، وحصل أيضا على جائزة بـ”القاهرة السينمائي”، لكنهم يتعرضوا لمصاعب في تنفيذ مشاريعهن السينمائية، مثلا توقعت أن هالة جلال بموهبتها أن تقدم 20 فيلما في مسيرتها. 

 هناك كثير من الأعمال المميزة في مسيرتك الفنية.. أيا من تلك الأعمال هي الأقرب إلى قلبك؟ 

فيلم “ملك وكتابة”، لأن شخصية البطلة – التي جسدتها هند صبري - تشبهني، وقصتها تشبه حكاياتي، كما أن العمل كان يتحدث عن كواليس العمل الفني، وأن السينما علاج لبعض الأزمات النفسية والإجتماعية.

 ما أصعب الأعمال التي قمت بإخراجها؟ 

مسلسل “بطلوع الروح” و”واحة الغروب”، لكن “بطلوع الروح” الأصعب، حيث كان لدي ظروف أسرية خاصة أثناء التحضير له وتصويره، بالإضافة أن العمل احتاج لتحضيرات معقدة، ويكفي أنك تعيش وسط أجواء “داعشية” لمدة 4 شهور، يوميا كنت أشاهد أفلام تسجيلية عن الحياة في دولة “داعش” المنهارة، مع مشاهد دموية صعبة أصابتني بإكتئاب، هذا الأمر جعلني لا أستطيع النوم لأيام، وكنت أستعين بالموسيقى لكي تساعدني على النوم، وكنت أشعر تماما بنفس ما كانت تشعر به “ملك” في حياتها وسط “داعش”. 

 لماذا هذا التوافق بينك وبين نيللي كريم والكاتبة مريم نعوم؟ 

العلاقة التي تجمعني بنيلي ومريم قائمة على التفاهم والثقة، كما أن أفكارنا متشابهة، وهذا لا يمنع وجود اختلاف في وجهات النظر كثيرا ما يحدث وقت التحضير أو التصوير، لكن دائما ما تكون في أمور فرعية، لكنني سعيدة بـ”مثلث الرعب” الدرامي الذي يحقق نجاحات متواصلة. 

 ماذا عن أعمالك المقبلة؟ 

هناك مسلسل مازال في مرحلة التحضير، عن رواية للكاتب إحسان عبد القدوس، لكن ملامحه لم تتضح بعد.