إجازة الصيف بدون مرتب.. المعلمون ضحية جشع المدارس الخاصة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب: أحمد جمال

فى الوقت الذى ينتظر معلمو المدارس الحكومة انتهاء امتحانات نهاية العام للحصول على الإجازة السنوية والتى دائما ما تشهد تراجعًا على مستوى الانتظام فى عملية الحضور والتواجد بشكل مكثف داخل المدرسة على مدار أيام الأسبوع، يختلف الوضع بالنسبة لمعلمى المدارس الخاصة التى تبقى إجارة الصيف بالنسبة إليهم هاجسًا يخشونه مع اتخاذ بعض المدارس قرارات بقطع رواتب معلميها أو تخفيضها إلى النصف بحجة عدم انتظام الدراسة.

 

تأخذ مشكلة قطع المرتبات لفترة قد تصل إلى ثلاثة أشهر أو حتى منح المعلمين جزءا منها، أبعاداً عديدة، فهناك بعض المدارس تضع ذلك الشرط فى العقود التى تبرمها مع المعلمين عند التعاقد معهم، وأخرى تُجبر المعلمين على تخفيض الراتب أو اقتطاعه وألا يكون المصير فسخ التعاقد لأسباب مختلفة، وهناك مدارس أخرى تلجأ إلى وسيلة أخرى تمكنها من عدم تحمل رواتب معلميها فى شهور الإجازات الصيفية من خلال توقيع عقود سنوية تنتهى بانتهاء العام الدراسى ويجد المعلمون أنفسهم فى مأزق بين الانتظار لتوقيع عقد آخر جديد عند بداية العام أو البحث عن مدرسة جديدة.

 

تلقت «آخرساعة» العديد من الشكاوى التى تضمنت تأكيداً على عدم قدرتهم الحصول على حقوقهم، حتى إن قدموا شكاوى لمكتب العمل فإنهم يدركون بأنهم لن يستمروا طويلاً فى أماكنهم وقد يفقدون وظائفهم، تحديداً أن بعض المدارس لا تقدم كشوف معلميها إلى نقابة المهن التعليمية، كما أن بعض المعلمين غير مؤمن عليهم، وبالتالى يصُعب عليهم الحصول على حقوقهم.

 

يقول رأفت محمود، معلم أول لغة عربية بإحدى المدارس الخاصة بمدينة نصر: إن مدرسته قامت بمنح المعملين شهر إجازة مدفوع الأجر مع انتهاء امتحانات النقل مطلع يونيو الماضى، فيما أجبرتهم على التنازل عن راتب شهرى يوليو وأغسطس، على أن يعودوا مجدداً فى شهر سبتمبر براتب نصف شهر، وهو ما تسبب فى بقاء أكثر من 150 معلما فى منازلهم دون أن يحصلوا على مرتباتهم الشهرية فى ظل أوضاع صعبة يحتاج فيها كل منهم للاستعداد للعام الجديد وكذلك الاستمتاع بإجازة الصيف.

 

إقرأ أيضًا

التعليم: وصول مدارس التكنولوجيا التطبيقية لـ46 مدرسة وتطوير الدبلوم التجاري

ويوضح أن رواتب المعلمين بالأساس لا تزيد على 2000 جنيه، كما أن القرار تم تطبيقه على كافة المعلمين سواء الذين تنص عقودهم على تخفيض المرتبات فى الإجازة الصيفية أم لا، مشيراً إلى أن ذلك الأمر يتكرر كل عام، وحينما توجه أحد المعلمين العام الماضى إلى الإدارة التعليمية لشكوى المدرسة تعرض للفصل، وبالتالى فإن الجميع يتخوف من الحديث ويُفضل أن يحافظ على مكانه الوظيفى.

وشدد على أن هناك مشكلة أخرى تواجه معلمى المدارس الخاصة تتمثل فى تأخر صرف مكافأة الامتحانات لما بعد بداية العام الدراسى الجديد وضعف قيمتها التى لا تتجاوز 2500 جنيه.

معلمون: دور سلبى لنقابة المهن التعليمية وعدم توثيق العقود يضيع حقوقنا

وذهب (أ - ع)، معلم طلب عدم ذكر اسمه، بإحدى المدارس الخاصة بالسادس من أكتوبر، للتأكيد أن مدرسته قررت تخفيض الرواتب بنسبة 60% مع بدء إجازة نهاية العام، بحجة أنها لا تحتاج للكم الكبير من المعلمين خلال الأشهر الثلاثة (يونيو ويوليو وأغسطس)، فى حين أن مصروفات الطلاب تتضمن بنودا تشير لكونها مخصصة لرواتب المعلمين وكذلك الوضع بالنسبة لمكافأة الامتحانات، وهناك زيادات مضطربة كل عام فى المصروفات لكن دون أن ينعكس ذلك على أوضاع المعلمين.

 

وقالت (ر. أ)، وهى معلمة بإحدى المدارس الخاصة بمحافظة سوهاج، إن مدرستها اعتادت خلال السنوات الماضية خصم جزءا من راتب شهور الإجازة الصيفية، والأمر يختلف من معلم إلى آخر على حسب حاجتها إليه خلال تلك الفترة، دون أن يكون للأمر أى علاقة بالعقود التى وقعها المعلمون مع المدرسة، مشيرة إلى أن اتجاه المدرسة للاستثمار فى «الدروس الصيفية» هذا العام اضطرها لإبقاء معلمى المواد الأساسية بأجر كامل.

 

الأكثر من ذلك أن المعلمة التى تحدثت مع «آخرساعة» رفضت مدرستها منحها إجازة وضع وأرغمتها  على التخلى عن راتبها لمدة شهر نظير عدم حضورها إلى المدرسة، مشيرة إلى أنها وجدت نفسها فى مأزق خلال تلك الفترة التى كانت أثناء عملية الدراسة واضطرت للتنازل عن راتبها فى حين أن ذلك يعد حقًا أصيلاً بالنسبة لها خوفًا من أن يطالها مكروه إذا علمت المدرسة بتقديمها شكوى للإدارة التعليمية أو مكتب العمل، مشيرة إلى أن دور نقابة المعلمين سلبى للغاية ولا تساند المعلمين مع تقديم شكاوى إليها.

مصدر بالتعليم: على المعلمين الذهاب لمكتب العمل والابتعاد عن المدارس سيئة السمعة

وبحسب مصدر مسئول بوزارة التربية والتعليم - تحدث مع «آخرساعة» شريطة عدم ذكر اسمه - فإن المعلمين الذين يتعرضون لمشكلات من هذا النوع عليهم الذهاب مباشرة إلى مكتب العمل لتقديم شكوى ضد إدارة المدرسة، مشيراً إلى أن الأزمة تتمثل فى أن غالبية معلمى المدارس الخاصة غير مؤمن عليهم وليسوا أعضاء بنقابة المهن التعليمية، ولا يوجد قاعدة بيانات عنهم بوزارة التربية والتعليم..

 

وشدد على أن بعض المعلمين يوقعون عقودا تتضمن بنودا بعدم حصولهم على الراتب فى فصل الصيف ويكون ذلك بالتراضى بينهم وبين إدارات المدارس، كما أن أغلبهم يوافق على ألا يكون لديه ملف تأمينى ويعتمد دخله بالأساس على الدروس الخصوصية، وناشد المعلمين بالابتعاد عن العمل فى المدارس سيئة السمعة التى تقوم بتغيير معلميها مع نهاية كل عام دراسى.

 

وأشار إلى أن المعلمين الذين لديهم عقود موثقة هم فقط من يستطيعون الحصول على حقوقهم من مكتب العمل، فى حين أن الباقى يجدون صعوبة فى الحصول على حقوقهم لكن عليهم الذهاب إلى الإدارات التعليمية التى تتولى مهمة التحقيق مع المدرسة.
وكانت نقابة المهن التعليمية أطلقت مبادرة فى عام 2020 لتوثيق وتسجيل عقود معلمى المدارس الخاصة فى الإدارات التعليمية، لكن دون أن تطبق تلك المبادرة بشكل فعلى على أرض الواقع.