خبير طاقة: مصر مرشحة بقوة لتكون دولة محورية لإنتاج الهيدروجيـن الأخضر

مجدى رزق
مجدى رزق

لا صوت يعلو هذه الأيام فوق صوت إنقاذ كوكب الأرض من الآثار المدمرة للتغيرات المناخية فهناك في برلين أجتمع زعماءالعالم لمناقشة قضايا تغير المناخ وفي نوفمبر القادم تتوجه أنظار العالم إلى مدينة شرم الشيخ التي تستضيف الدورةال27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ وقد تصدر لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المستشار الألمانى أولاف شولتس اهتمامات الصحافة الأجنبية العالمية الأسبوع الماضى وناقش الجانبان إمكانية تزويد مصر لألمانيا بالهيدروجين الأخضر...


بوابة أخبار اليوم حاورت خبير الطاقة الدولى مجدى رزق وهو أحد كبار المهندسين المصريين فى مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة والبترول والذى عمل لأكثر من 27 عامًا فى 15 دولة حول العالم فى مجالات صناعة النفط والغاز و صناعة الهيدروجين وحاليا يشغل منصب رئيس إدارة الآبار فى شركة سيبسا للطاقة فى مدريد بإسبانية ويمتلك خبرة عالمية فى إدارة المشاريع والاقتصاد بتطبيق التقنيات الصديقة للبيئة مع سجل حافل فى تقديم المشاريع الكبرى الناجحة بما فى ذلك الهيدروجين الأخضر.


فى البداية سألته... ما هو الهيدروجين الأخضر وأسباب تسابق الدول على إنتاجه؟
الهيدروجين الأخضر هو وقود خال من الكربون ومصدر إنتاجه هو الماء من خلال فصل جزيئاته عن نظيرتها من الأوكسجين بواسطة كهرباء يتم توليدها من مصادر طاقة متجددة والمزايا الكبرى للهيدروجين الأخضر كحامل للطاقة أنه وفير فى مصادره ونظيف جدا فى استخدامه ولا ينبعث عنه ملوثات للهواء ولا غازات دفيئة تتسبب في زيادة الاحتباس الحرارى وتهدد مناخ الأرض ولا مخلفات صلبة أو خطرة وهذه المزايا الكبرى للهيدروجين تؤهله بجدارة للحلول محل الغاز الطبيعى والفحم عند نضوبهما لأنه يمتاز بتجدده المتواصل كما أنه عنصر هام فى جهود إزالة الكربون من البيئة وجميع مؤتمرات المناخ تناقش التوسع فى الصناعات المنتجة له والدراسات تشير إلى أن الهيدروجين الأخضر قادرعلى تلبية 25 % من احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050 بحجم مبيعات سنوية تصل إلى 770 مليار دولار، ويتوقع مجلس الطاقة العالمى أنه بحلول عام 2025 يمكن أن تغطي استراتيجيات الهيدروجين الوطنية البلدان التى تمثل أكثر من 80٪ من الناتج المحلى الإجمالي العالمي منه لذلك تتسابق دول العالم على إنتاجه.
هل مصر قادرة على القيام بمشروعات رائدة فى مجال صناعة الهيدروجين الأخضر؟
مصر مرشحة بقوة لتكون دولة محورية فى جنوب المتوسط وأفريقيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره لأوربا المتعطشة للطاقة النظيفة وهى بالتالى تنضم فى موقع متقدم إلى نادى الدول التى تدخل عصر الهيدروجين فى المنطقة كالسعودية والإمارات المتحدة... وهى دول لاتزال على بداية طريق الهيدروجين كحامل للطاقة وهناك استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار فى الهيدروجين الأخضر قبل عام 2030 فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وتريد مصر أن تصبح المحور الرئيسى لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته ولتحقيق ذلك تخطط لإطلاق خطة صناعة هيدروجين وطنية بقيمة 40 ألف مليون دولار فى الأشهر المقبلة لأنه وقود المستقبل.
لماذا يرى البعض أن الهيدروجين طاقة مكلفة للغاية ولا يمكن الاعتماد عليها؟
- تكمن مشكلة الهيدروجين الأخضر فى الضرائب والرسوم المفروضة على الكهرباء المستخدمة بواسطة منشآت المحلل الكهربائي التي لا ترتبط مباشرة بمحطات الطاقة المتجددة. وسنحتاج إلى الهيدروجين الأخضر للوصول إلى صافى انبعاثات صفرية ومع ذلك، فإن صناعة الهيدروجين تحتاج إلى كفاءة الطاقة الكهربائية والنمو المتسارع لتوليد الطاقة المتجددة. بمجرد تحقيق ذلك سنكون فى وضع يسمح لنا بتوسيع قدرة الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر القادر على المنافسة وإزالة الكربون من القطاعات التى يصعب تخفيفها بأقل تكلفة إضافية.
هل تستطيع مصر تقديم نفسها كقوة واعدة لموارد الطاقة النظيفة علاوة على كونها دولة ممرا لعبور الطاقة النظيفة إلى قارة أوروبا؟
- هناك تدفق معلن من المستثمرين الأجانب للاستثمار فى مصر بمجال الهيدروجين الأخضر وذلك مع العديد من العوامل الإيجابية، التى تمتلكها مصر، بما فى ذلك موقع الدولة وقناة السويس التى تشهد نحو 12 % من جميع الشحنات المنقولة بحرًا فى العالم والبنية التحتية للغاز الطبيعى ومحطات الإسالة والموانئ البحرية وغيرها، فضلًا عن إمكاناتها المرتفعة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. كما أن مصر قريبة من أسواق مثل الاتحاد الأوروبى والشرق الأوسط، قد تشهد طلبًا كبيرًا على الهيدروجين فى السنوات المقبلة، بالإضافة إلى استفادة السوق المحلية، خاصة قطاع الزراعة، ومصر لديها كل المقومات الطبيعية والكفاءة البشرية والإرادة السياسية لتقديم نفسها كقوة واعدة فى صناعة الهيدروجين الأخضر لكن من الصعوبة أن تمضى أى دولة بمفردها لذلك فهناك تعاون مصرى أوروبى فى هذا المجال والنهج الناجح الذى تستخدمه مصر فى تشجيع القطاع الخاص الاستثمارى الوطنى والأجنبى للاستثمار فى الطاقة خاصة فى وجود حزمة فعالة من التشريعات والإجراءات الحافزة يقدم حلا ناجعا لهذا التحدى.
الرئيس السيسى دائم الاهتمام بتوطين تكنولوجيا الطاقة النظيفة وقد وجه مؤخرا الحكومة لإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين... كيف ترى أهمية تلك الاستراتيجية لمستقبل الطاقة فى مصر؟
مصر مؤهلة لاستقطاب 10 % من سوق الهيدروجين العالم ومن المهم أن مصر أعلنت عن التزامها بأهداف حماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحرارى والتنافس على صناعة الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر وليس على استخدامها فقط،وأوصى بتفعيل التعاون مع ألمانيا وأسبانيا للاستفادة من التجربة الحالية في البلدين وخاصة فى كيفية تطبيق خارطة الطريق ووضع السياسات الصناعية المنظمة للصناعة الوليدة. أيضا يمكن الاستعانة بالتجربة المغربية فى صناعة الهيدروجين الأخضر الأخضر وإنتاج الطاقة الكهربائية وخاصة فى مجال تحلية المياه ومصر قادرة على المشاركة في تحقيق أهداف قمم المناخ الدولية بالوصول إلى انبعاثات صفرية للملوثات والغازات الدفيئة كما أن الهيدروجين الأخضر مرشح بقوة ليكون بديلا للوقود فى قطاع النقل العالمى كله فى السنوات العشر القادمة... فمن الزاوية البيئية يمثل الهيدروجين أنظف حامل طاقة صديقا للبيئة والمناخ ظهر حتى الآن على وجه الأرض ولا يرقى للمنافسة معه فى هذا الخصوص سوى محطات القوى النووية.
كيف يمكن الاستفادة من الموقع الاستراتيجى لقناة السويس لكى تصبح منطقة عالمية رائدة وجاذبة في هذه الصناعة؟
- من خلال تعظيم التعاون مع المملكة العربية السعودية وخاصة فى المشروع العملاق نيوم الذى يهتم بالطاقة المتجددة وصناعة الهيدوجين الأخضر، فمن أهم محاور التعاون الاستثمار فى البحث العلمى والصناعة المشتركة وإنتاج معدات منخفضة التكاليف لصناعة الهيدروجين، أيضا إيجاد حلول علمية لرفع كفاءة التخزين للهيدروجين ومنطقة قناة السويس يمكن أن تصبح بمنزلة مركز لوجستى عالمى لتموين السفن بالوقود الأخضر.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا