النمرة طلعت غلط

شيرين هلال
شيرين هلال

أنا المذيع اللميع ، أنا اللي من صغري أسبسب شعري وأقف ادام المراية وأمسك فرشة الشعر عشان أذيع البيانات الرنانة، حفظت خطب ناصر وأنا واقف وتهتهت شوية زي السادات وأنا قاعد، طب دا انا ياما اديتهم "ايها الإخوة المواطنون" لما افتكروني مخاوي. ودخلت إعلام وجبت فيها الدرجات التمام. النهاردة أنا الأستاذ عزيز عبدالرحمن؛ أحد ألمع نجوم الإعلام العربي في المنطقة.

قريب أوي من المشاهدين، محنتف اوي في الموضوعات ، شاطر اوي في الحركات ولولبي في الأطروحات. ياما حبست دم مسؤوليين وياما حبست مجرمين. الناس ادام الشاشة عشاني متسمرين، غير نمطي وكمان صوتي جهوري ووقت اللزوم حنون وساعات رخيم. وفي استعارة عواطف الناس متمكن وعلى تحريك عواطفهم "إنني لمتحكم"، ومميز عن الباقيين: عامل خط مفتوح بيني وبين المشاهدين.

أنا بعد سنين الشغل دي إكتشفت إن اللي بيعمل للأخبارتفاعل مع القراء سواء لما كنت في الصحافة أو المشاهدين هنا في التلفزيون هو الأهم والأكثر سخونة، مراقب ومتابع للتريند أكتر من اي ظابط بيراقب جاسوس، انا لابد له لدرجة انهم سموني الرجل العنكبوت؛ بعرف اطلع من دم البرغوت في الحدوتة الف خيط وموضوع ومن هنا كنت صاحب الإكتشافات التالية:

المواطن المصري مهتم بأخبار أسعار السلع أكتر من إهتمامه بحرب بايدن وبوتين

فارقة معاه سعر تذكرة المترو وهيوصل قريب من بيته أكترمن سد النهضة

التعاطف مع الفقراء اهم من حلقات العلوم والسياسة والبنك المركزي والاستثمار

هي دي طبيعة الأشياء وهو دا الغالبية العظمى من الرأي العام

الشغل علمني كدة وعشان كدة بقيت عزيز اوي على قلوب المشاهدين وهو دا المهم عشان افضل الرجل العنكبوت ، لحد ما جات لى مكالمة من سيدة فاضلة من المتابعين لبرنامجي

-ألو عزيز عبد الرحمن مع حضرتك

-أهلا أستاذ عزيز متشكرة على تلبية حضرتك طلبي أنا دكتورة فوقية نبيه، دكتورة تحاليل

-تؤمريني يا فندم خير؟

-عندي إبني في المرحلة الثانوية، شاب طموح ومنشغل بالشأن العام أكتر من اللازم

كنت بسمع منه جمل عجيبة زي الشباب بتوع اليومين دول عن قمع المعارضين وغياب الديموقراطية وبيقول وبسمع شعارات وأسكت

-عادي يا فندم النت ومواقع التواصل ياما ضللت ولادنا وبنسمع منهم كلام كتير هما نفسهم مش فاهمين خطورته

-لا يا استاذ عزيز، اللي سمعته منه فعلا خطير، مبقتش اختلاف في وجهة نظر ولا خناقة على طريقة حكم، الموضوع طلع بيترتب له من بدري عن التاريخ اللي عيشناه ومحدش فينا إنتبه!

-تقصدي ايه يا فندم تحديدا؟

-الولد دخل يقولي:

 "إحنا انهزمنا في حرب أكتوبر والإعلام بتاعنا بيضحك علينا وكتب التاريخ بتاعة الوزارة اللي حاططها موظفين من الدولة عشان العسكر يفضل في الحكم!"

-يااااااه دا مخه راح بعيد خالص، إحنا فين وحرب أكتوبر فين

-أنا فكرت زي حضرتك كدة تمام وسألته:

 - ولما سألته إيه دليلك على الكلام دا يا حبيبي؟ قالي اتفرجت على فيديوهات عاملاها ناس اجانب لكن "محايدين ومستقلين" مفيهمش اسرائيلين ولا مصريين، ناس محايدين تماما يا ماما. وجابو الحقيقة الكاملة اللي احنا مش قادرين نعترف بيها "إحنا شعب مهزوم وكذاب"

-ما هو دا نتاج التعليم الأجنبي يا دكتورة، الولاد بيصدقوا اي كلام مغلوط عننا

-أنا ابني مدارس حكومة، الفيديوهات مترجمة بالعربية

-حضرتك شوفتي الفيديوهات دي يا فندم؟

-للأسف شوفتها

-عبارة عن إيه؟ معلش يمكن حضرتك مكبرة الموضوع

-أنا بكلمك عشان كدة، أنا مش متخصصة في الإعلام والإتصال ومحبتش أحكم عليها، فقلت أديها للي بيفهم هو هيقدر يقولي أتصرف ازاي. أنا هبعتهم لحضرتك وانتظر رأيك.

قفلت فوفية وبعتت لي "الرزية"وكنت أنا على موعد مع صدمة حقيقية لما شغلت الأفلام المخفية!

افلام جايبة الحرب من الكاميرا الاسرائيلية بزاويا تشوف منها انتصار الجندي الاسرائيلي بالزور، وعزيمته قصاد جهل المصري وقلة إمكانياته فالطبيعي إن الاسرائيلي هو اللي يكسب لأن العلم لازم ينتصر على الجهل ... معروفة! ودا كان في سياق فكاهي مبسط، يدوب الشباب البرئ هو اللي ممكن يبلع الطٌعم ويكمل الفيديو للأخر.

الله في إيه يا جماعة الكلام دا شبه كلام أحنا بنسمعه كتير اليومين دولا .... !

إنتو هتلخبطوني ولا إيه، أنا مقرر اشتغل على "اللايت" كدة في مواضيع بتمس الناس يا واش يا واش، أنا مالي ومال السياسة لا شغلتي ولا لعبتي، في زملاء تانيين يحرقو بنزين في الموضوع دا!

أمري لله

مش هقدر أهرب ولا أعمل نفسي مش واخد بالي مينفعش ، شكلها تقدر توصل لأي زميل غيري ويجيبو سيرتي وشوفو عزيز مهتمش بالتاريخ والجغرافيا يوووووه وجع دماغ لا ... مش عزيز اللي يعمل كدة مع إني كنت طمعان أطلع أكلم عن وزارة التموين والنقل أو التضامن والتعليم ، مش المؤمرات والمخططات، انا ممكن لو مقدرتش أغطي الموضوع دا صح ابقى مسخة القنوات... التهديد جوا دماغي كان صوته عالي، نساني الوقت

ضربت حيص بيص وطلبت مج اللاتيه بالكراميل من البوفيه وقلت ابتدي اتفرج تاني كدة وأنا واخد جرعة من الكافيين عشان سكك التاريخ والمعارك عايزة دماغ صاحية مفوقة ، طَبت عليا حنين جلال  معدة البرنامج الدؤرومة مكروبة زي عادتها ودخلت في الحلقة دوغري

-يا استاذ عزيز محتاجين نراجع اسكريبت حلقة بكرة عشان الضيف من وزارة النقل مش سامح لنا غير بمحاور محدودة ومش عايزين احراج على الهوا لا لينا ولا لسيادته

وأنا مبحلق في وش حنين اللي اول مرة أخد بالي من تفاصيله وازاي ملامحها مرتبة زي ما تكون كتب مرصوصة على رف مكتبة في هولندا!! والقلم المرشوق فوق ودانها وحامل الاسكريبت اللي عليه ورق كتير

-يا استاذ عزيز حضرتك مركز معايا؟

-معاكي يا حنين في ايه صوتك عالي ودايما مستعجلة لسة الحلقة بكرة

-يا استاذ عزيز انا بشتغل اعداد لبرنامج حضرتك وبرنامج الدكتورة برديس، ودي شغلها بياخد مني اعداد كتير وحلقتها النهاردة كمان ساعتين

-مش الدكتورة برديس دي الست الكبيرة بتاعت الراديو اللي بتيجي تتكلم عن التاريخ والآثارات باين؟

-ايوة هى بس دي منجم علم يا استاذنا والله لو أخدت مساحة على الشاشة هتعمل شغل حلو جدا ومش بعيد تنافس برامج مشهورة

-قصدك برامج مين بالتحديد انتي بتلقحي؟

كلامي كركب حنين اكتر ما هى مكروبة ودا اللي كنت عايزه عشان تشرحلي اكترعن قصدها وتفرد لي شوية معلومات عن برديس، كنت بفرك في ايدي وهى بتعدد لي مواهب الست الدكتورة وخليتها تحكيلي أكتر عن نوع المستمعين للبرنامج، واطمنت لما عرفت انهم شريحة اقل بكتير من المشاهدين لبرنامجي وكمان اعمار المستمعين بتوع البرنامج كبيرة يعني قليلين برضو. لكن رجعت هى كركبتني تاني لما قالت لي ان كتير من المسؤولين والأكاديميين حتى بعض الفنانيين بيتابعوها!

-انتي خريجة ايه يا حنين؟

-انا سياسة واقتصاد وعاملة دبلومات في اعداد المحتوبات الاعلامية واشتغلت في كذا محطة قبل هنا

-دا انتي من الدحيحة بفى يا حنين!

-بنتعلم من حضرتك

-طيب أنا هكلفك بمهمة سرية ترجعك لأيام الجامعة

-تحت أمرك يا استاذنا اتفضل طبعا

-دي مجموعة فيديوهات تاريخية سياسية عسكرية هتشوفيها معايا دلوقتي وتكتب لي تقرير

-يااااه كل دا .. طيب ما بدل ما ناخد وقت في الفرجة على الفيديوهات سوا، اكتب لحضرتك التقرير بعد ما اشوفها أنا على رواقة

-لا أنا عايزك تتفرجي ادامي عشان اطمن انك فهمتي واستوعبتي

ايتسمت ابتاسمة خبيثة وعينيها كانت عايزة تقولي شكلك انت اللي مش هتفهم اللي فيها لوحدك، بس عملت نفسي مأخدتش بالي

شغلت أول فيديو واتفرجت على المصايب لكن وجود حنين وتعليقاتها كانت بتضيف لي مساحات ضلمة أنا اتعمدت اطفيها من سنين

-يا استاذ عزيز الفيديوهات معمولة باحترافية شديدة، طاقم العمل فيها مكون من 48 بني أدم ومش اي بني آدمين

معاها حق حنين، دا انا بحتة بحث صغنن كدة قدرت اعرف حجم الناس المحترفة والمشهورة بتقنيتها العالية في الشغل، دول الكريمة المخفوقة بالمكسرات في المونتاج والإخراج وكتابة السيناريوهات. مش من المنطق أبدا الناس دي تشتغل ببلاش عشان تفتح عينين القطط بتوعنا على احداث من 50 سنة فاتت!

وتلحقني حنين بثورة من انفعالتها وكأنها بتكلم نفسها ومش حاسة بوجودي

-للدرجة دي احنا مستهدفين؟ للدرجة دي تاريخ إنتصارنا في 6أكتوبر واجعهم أوي وعايزين يمسحوه بأي طريقة؟  للدرجة دي التوليفة بتاعة الدين والتاريخ والأرض مترابطة وسهل تشبيكها في دماغ الأجيال الجديدة اللي معاشتش الحرب!

-عارف يا استاذنا السقطة الأزلية بتاعتهم المظلومية مش محبوكة اوي المرة دي

-ازاي يا نابغة وهما كسبانيين بيها كل حاجة على طول الخط

-ما هو بالعقل : منين إنت بتظهر إنك منتصر وعامل فيديوهات بتبين مدي تفوقك وفي نفس الوقت بتظهر انك مغلوب على أمرك وتم سحلك وتعذيبك وقهر إرادتك على أيد المصريين؟

-حنين دا كلام، لكن لما نفرده في حلقة هيكون قديم ودفاع عن حدث حصل من نص قرن

-مع احترامي لرأي حضرتك بس في تكنيكات في الشغل واللعب على تيمة المظلومية مملة ومكشوفة يعني:  جايب ممثلين طالعين بدور أسرى الحرب في سجون مصر العسكرية وبكائيات وكربلائيات ودموع وشحتفة جايبة آخر الكوكب، ومدخل الدين على الخط

اسمع معايا كدة صوت الممثلين بيصرخ بنبرة تمثيلية مونوتون خايبة:

"هما بيعملو كدة عشان إحنا عايزين دولة لليهود، الدين اليهودي بيتحارب على أرضه! هو مش سيدنا موسى اتولد في مصر وبدأ منها ليه بيحاربونا لو قلنا أننا عايزين نمارس الشريعة اليهودية على أراضينا هو مش المسيح اتولد على أرض اليهود في فلسطين إحنا وجودنا شرعي وأحفاد فرعون بيحاربونا هو مش ربنا كلم موسي في الوادي المقدس على أرض سيناء ليه شايفين إنها أرضهم نرجع للدين كلنا لشرع ربنا"

-واضحة يا استاذ عزيز ، ورش الإعداد اشتغلت جامد، دا اسكريبت انا مش تايهة عنه

إبتديت أفهم مدى الخطورة اللي كانت بتتكلم عنها الدكتورة فوقية، ساعتها حضر أدامي مشهد أمير كرارة من مسلسل "الإختيار" لما كان بيقول هما عينيهم على سيناء عايزين سيناء من زمان .

لكن الأروبة حنين هى اللي عرفت تربط ما بين اللي بيحصل من زمان للي حاصل اليومين دول

-لا بقى دا الشغل عٍلي واللعب حلي وهنتسلطن وننجلي

-تقصدي إيه بالكلام دا؟

-شوف يا استاذنا ... في خمس أدوات هنا عاملين خلطة وبيتكرروا معانا

الأول: الشباب

التاني: الإعلام

الثالث: الدين

الرابع: السلطة

الخامس: الأرض

-لا افرديهم  لي كدة براحة تقصدي ايه

-اوكي هشرحهم بالتفصيل في التقرير اللي حضرتك عايزه ... مش دي حلقة لسة مش دلوقتي؟ .. احنا مسكنين موضوعات الشهر دا حتى الفقرات المنوعة خلصنا شغلها.

-لا اديني ملخص اللي في دماغك كدة مبسط

وهنا البللورة في دماغ حنين لمعت ونورت وكأنها بتدور توزع النور وانا دماغي تلف وراها ، بذلت مجهود رهيب عشان ميبانش عليا التوهان

-كدة أنا خلصت اللي حضرتك عايزه ومفيش وقت لازم أروح للدكتورة برديس، احنا طالعين هوا في خلال ساعة

-أنا عايز أقابل الدكتورة برديس يا حنين من فضلك... خدي لي منها معاد بعد الحلقة

- حاضر هبلغها وأاكد على حضرتك

ومن وقت ما مشيت حنين لحد ما قابلت الدكتورة برديس وانا قطعت الأوضة رايح جاي، لكن أول ما دخلت عليا الدكتورة برديس قمت وقفت بكل الثبات الإنفعالي وسلمت عليها بذوق وخشونة في نفس الوقت.

-أهلا أهلا بالدكتورة العظيمة بتاعتنا منورة المحطة ومنورة عقولنا ولو إني عاتب جدا على حضرتك.

-أهلا بحضرتك نجم الفضائيات العربية الكبير ... يا خبر ليه بس

-يا فندم ازاي حضرتك بتتكلمي عن التاريخ المصري ليل ونهار ونسيتي تغطي حدث هام جدا في تاريخ المصريين وهو حرب أكتوبر .... ازاي بس

-حرب اكتوبر بنتكلم عنها كل سنة في ذكراها وياما اتعمل عليها مواد فنية عظيمة

-مش كفاية يا فندم الولاد ميعرفوش تاريخ بلدهم الحديث، مش هنفضل كل شوية نقولهم كٌنا وكان يا فندم... تصوري حضرتك أنا دخل عليا إبني يقولي

"إحنا انهزمنا في حرب أكتوبر والإعلام بتاعنا بيضحك علينا وكتب التاريخ بتاعة الوزارة اللي حاططها موظفين من الدولة عشان العسكر يفضل في الحكم!"

 تصوري حضرتك خطورة الكلام دا ايه على باقي الأجيال... ابن الإعلامي عزيز عبدالرحمن ميعرفش تاريخ بلده، وصلوا ازاي لإبني ... على فكرة يا دكتورة احنا اكيد مستهدفين بالأسماء ... لازم نتحرك

-طيب ما دا موضوع كويس ممكن حضرتك تبدأ بيه سلسلة حلقات دسمة

-لا التاريخ دا لعبة حضرتك

-شوف يا استاذ عزيز أنا تخصصي آثار وتاريخ قديم عشان كدة: باخد المستمعين في رحلة للتاريخ المصري الملموس من خلال الآثر يعني المعابد والجوامع القديمة ممكن اتكلم عن العادات في أزمنة سحيقة واربطها بالحديث لكن الكلام عن التاريخ الحديث ممكن يجرفني لمنطقة السياسة ودي مدخلتهاش قبل كدة

-أنا بكلم حضرتك عن ربط التاريخ الحديث بالواقع الحالي يا دكتورة مش عادات يومية وجمادات

-مش بقول لحضرتك دا كلام سياسة خارج المضمون التاريخي اللي بقدمه

-استفيدي من فريق الإعداد عندنا المحطة مليانة معدين أنا بختارهم بنفسي على فكرة ولازم يكونو مدربين في كذا برنامج قبل كدة

-ايوة ما انا معايا حنين اللي ماسكة برنامج حضرتك

-حنين واحدة من فريق الإعداد، حضرتك عارفة البرنامج مدته 3 ساعات هوا لازم فريق كبير وبرضو انا بعمل أغلب المتابعات بنفسي، مقدرش اعتمد على حد

-مفهوم طبعا

-طيب أنا هعمل مع حضرتك "دييل" كويس ، ممكن يخلينا نقدم رسالتنا  بضمير يا فندم

-انا يشرفني التعاون مع حضرتك بس يعني ايه مش فاهمة

-انا هسيب لحضرتك المادة اللي جمعتها وافكاري عن الحلقة وتقدميها باسلوبك في برنامجك المتخصص بشرطين

-شرطين ايه

-الإشارة لبرنامج "كل مصر" في أول الحلقة وآخرها

-دا اكيد طبعا لازم انسب الحق لأصحابه وايه تاني؟

-تتنفذ الحلقة الجاية وهكون مشرف بنفسي على الإعداد، اسف يا دكتورة حضرتك فاهمة طبعا اهتمامي بالتفاصيل عامل ازاي، وبعدين مش هتندمي ويمكن دا يكون بداية تعاون بينا.

-الحلقة الجاية واللي بعدها ملغية عشان ماتشات البطولة الأفريقية، خليها الإسبوع اللي بعد اللي بعده.

-مفيش مشكلة نخليها الإسبوع اللي بعد اللي بعده

-بس انا ليا طلب معتقدش هيكون صعب على حضرتك

-اتفضلي

-محتاجة تكثيف للدعاية في السوشيال ميديا للحلقة دي بالخصوص

-مفهوم مفهوم حاضر هكلم لك الإنتاج.. أظن كدة متفقين

-طبعا متفقين

فسحتها في دماغي وعشمتها بالشغل معايا عشان اطلع طاقتها وتديني افضل ما عندها بحماس ودخلت حنين مكروبة علينا زي عادتها وقبل ما تفتح بوقها وتدلدق الكلام سبقتها

-قبل ما تاخديني في دوامة، أنا اتفقت اعمل لك أنا الإعداد بتاع الحلقة الجاية من برنامج الدكتورة برديس

-هو حضراتكم ناويين تستغنوا عني ولا ايه؟

-لا يا حنين يا حبيبتي متقوليش كدة أنا برضو استغنى عنك، طيب دا انتي بتطلعي بيانات مش سهل تتوجد مع كتب كلية آثار.

-طيب يا دكتورة أنا مش هعطل حضرتك عارف وراكي جامعة وطلبة وبرامج ولقاءات كان الله في عونك وان شاء الله لنا لقاء قبل الحلقة.

وجينا لليوم الموعود بعد ما حضرت مع حنين الحلقة باهتمام كانت مستغرباه، لكن عرفت اطلع منها اللي محتاجه واحطه على لسان برديس اللي هى كمان اخدت مني مجهود عشان اطلع منها إلقاء حماسي يتناسب مع الموضوع.

وطلبت الدكتورة فوقية وفتحت اسبيكر الصوت من العربية عشان اخد نصيبي من الشكرانية والدعوات باعلى صوت، اعلق اعلان جديد باني شاركت في انقاذ البلد، وقلت:

-دكتورة فوقية مع حضرتك عزيز عبدالرحمن

-عارفة حضرتك أهلا

-تقدري تفتحي الراديو وتسمعي حلقة الدكتورة برديس، أنا اشرفت على المادة بنفسي في برنامج متخصص ودا تلبية لإستغاثة حضرتك.

-معقول الإهتمام دا كله، طيب انا هسمع الحلقة وعايزاك تشوف اللينك دا من عندي هدية، مش هتندم، ميرسي وعن إذن حضرتك اسمع الحلقة.

فتحت اللينك وشوفت المفاجأة شاب وسيم مستضيف ابطال الحرب، اللي لواء واللي صف ظابط والل مجند، كلهم اول مرة يظهروا في فيديوهات، جابهم منين دول؟

دول بيردوا على كذب الإسرائلين في الفيديوهات بنفسهم، الحوار تلقائي وياخدوا لقطات من الفيديوهات ويعلقوا عليها بسخرية مضادة بإثباتات وصور من الواقع.

وفي اخر الفيديو طلع الشاب وقدم خطاب اوعر بكتير من تقطيع برديس وحشرجة صوتها كان فحواه

 وبعد ما خلصنا الشهادات الحية من اصحابها؛ عندنا عناصر 5 لازم نبروزهم

الشباب وصغار السن من المراهقين ودول لو ركزنا هنلاقيهم متصدرين المشهد في كل احداث الحراك السياسي من أيام ثورة 1919 ولحد 30يونيو هما وقود الحركة السياسية سواء طلبة في المدارس والجامعات أو شباب أحزاب أو حتى شباب الجماعة المحظورة. مش بس كدة الشباب هما العكاز اللي بيتسند عليه أي تنظيم أو حركة أو حتى مؤسسة وعشان كدة هما المستهدفين بالتجنيد في كل الحالات فطبيعي لما قوى داخلية أو خارجية تستهدفك هتجندهم هما الأول. ما هو معلش يعني: الشباب دماغه طازة وفاضية وبيكون سهل إدهاشها وبالتالي تجنيدها بكل سهولة، دا غير إن إيده طارشة وطاقته جامحة ممكن توجيهها بمجرد السيطرة عليها، دا غير إن الشباب يعني الأفكار والإبداع وأخر حاجة هو إستثمار طويل الأجل؛ لو قدرت تسيطر عليه في أي بلد يبقى إنت إتحكمت في العمدان اللي شيالاه وكمان سيطرت على مستقبله.

ونخص بقى بالذكر شبابنا الجميل اللي بصراحة عاني الأمريين من أول التعليم اللي مكانش بيحقق له مميزات ولا بيقدم له أي إندهاش ولازم يرمح في سبق أطول من سباقات الخيل في لندن عشان يعدي منه ويلاقي مكان في جامعة دا غير إنه بعد التعليم بيدخل في دوامات إضافية عشان يقدر يلاقي وظيفة وبالتبعية مبتكونش مجزية ودي أسهل طريقة لتحضير شاب محبط بائس جميل جدا وملائم لإيدين أي جهة حابة تسيطر عليه وتقدم له اللي ناقصه.

العنصر التاني وهو الإعلام وهنا نحدث بقى ولا حرج، إعلامنا تمام وزي الفل يا فندم عندنا نايل سات وفي الهنا نبات وعندنا فضائيات يا اخواتي من دا هات ومن دا هات وعندنا مدينة انتاج اعلامي آه ياني ياني ياني وعندنا اعلاميين بالآلافات كتابة وإذاعة وتلفزيونات وخد وهات عايزين مسرحيات وأوبريتات موجود يا فندم وفي زيادات عايزين قنوات لأ بزيادة ملهاش حتميات.

الإعلام كان زيه زي الشعوب مش مستعد للمفاجئات، دا من ناحية، ومن ناحية تانية مش قادر يواكب غول جديد إسمه السوشيال ميديا دخلت على الخط في نفس توقيت الثورات والازمات ولقى نفسه محتاس ما هو كان طول عمره بتاع تمام يا فندم هنيجي دلوقتي وعايزينه يقول لأ وآه طب إمتى وإزاي وهيقاوم إزاي شباب غضبان وحملات تشكيك من برة وجوة وسيل بيانات وتحليلات ووجوه جديدة بتتكلم لغات مش معلومة وحاجات إشي خيال يا ناس، طب حقيقي بقى صٍعب عليا الإعلام

العنصر التالت: الإكتشاف السحلاي أو فانوس علاء الدين

الدين : أفيون الشعوب

إتهندس على حسه كمية مؤمرات وإترسم بيه خطط وإتفرقع عشانه دول وقارات. عايزينه يمين نبقى متطرفين عايزينه إسلام قاعدة وداعش ولو عايزينه مسيحي يبقى صليبين وجيش الرب وغيره وغيره

طب ولو عايزينه يسار نقول ملناش فيه، أحبوش أنا ملحد، لا أنا لا ديني، لا الأديان خدعة، لا أساطير الأولين وكله على حسب ما يخدم خطة التمكين من العقول.

بص يا ابني على الخريطة وهاتلي أي بلد وقعت من القرن الماضي واعزف لي من أول النوتة الموسيسقية وسمعني من أول سقوط الإتحاد السوفيتي ولحد سوريا وليبيا واليمن وغيره وغيره مش كله كان الدين من الأطباق الرئيسيىة وجنبه الطائفية ونحلي بالحرية على نغم الديموقراطية.

البند الرابع: السلطة

مفيش سياسة ولا خطط من غير البحث عن سلطة ومفيش حركة بتقوم من غير ما يكون هدفها الوصول للسلطة بغض النظر عن شكل السلطة سواء مدنية ولا عسكرية ولا دينية ولا حتي بتنجانية فهي في الأخر سلطة. محدش بيعمل سياسة في الفراغ.

أثبتهالك: كل من دعا لتغيير مجتمعي إتولى السلطة نبدأ من هتلر لأ بلاش هتلر كان نازي. طيب ناخد مين خد عندك يا سيدي كدة على السبحة:

كل الأباء المؤسسين أبراهم لينكولين، جمال عبدالناصر، كوامي نيكروما واللستة تطول كلهم حكموا واخدوا السلطة حتى لو كانوا زعماء مخلصين أو أصحاب رسالة سامية بنت نادية بنت عمة شعب أبو الطيب.

وندخل على البند الخامس: الأرض

الأرض أو الموارد اللي على الأرض. الدوامة اللي كلنا داخلينها واللي ابتدت باللعب في أيدولوجيتنا كانت في الأساس عشان تعمل من أصحاب الأرض والثروة تابعين ضعاف مخلصين وتقدر تستغل أدمغتهم لتسهيل مهمتها في سرقتهم واستغلال مواردهم. عشان كدة كان لازم يكفروا بتاريخهم وينسبوا الفشل والهزيمة لأجدادهم. كان لازم العم السام يبقى المنتصر القوي وصاحب الأمجاد وأحنا أصحاب الرايات المنكسة والأعلام المنخفضة.

ودي البونبوناية اللي هيطلع بيها المخطط الأعظم من كل ما سبق وما لحق!

وتظهر سيدة أربيعينة تحضن الشاب وتمسك على أيده جامد وهى بتقول :

نمسك جامد على ولادنا ونعرف بيدخل إيه جوا دماغهم ومين بيحاول يعبيها ومين بيحاول يوظفها لمصلحته.

الصوت دا أنا سمعته قبل كدة، دا صوت فوقية!

فتشت في تاريخ الفيديو مكملش 24 ساعة وواخد ميتين ألف مشاهدة على قناة الشاب اللي تقريبا مكنتش هتتعرف لولا الفيديو دا، وحلقة برديس معملتش عشرتلاف استماع رغم الدعاية!

كانت بتطلب مني اعمل حلقة ليه وكانت عايزة أيه!

ولقيت التليفون بيرن بنمرة فوقية رديت بكل برود:

-افندم يا دكتورة حضرتك سمعتي حلقة الدكتورة برديس؟

-انا طالباك عشان اقول لك: أسفة انا طلبت النمرة من شهر تقريبا وطلعت النمرة غلط!