فرملة الغلاء| خبراء: الاتجاه للتصنيع وتطوير التشريعات الضريبية أبرز الحلول

حنان رمسيس ومحمد ماهر وياسر عمارة
حنان رمسيس ومحمد ماهر وياسر عمارة

تسعى الدولة بجميع أجهزتها الى جذب الاستثمارات المباشرة المحلية والأجنبية وإنعاش سوق الأوراق المالية، لرفع معدلات النمو الاقتصادى، وزيادة معدلات الإنتاج المحلى، وتوفير فرص عمل للشباب، وتشجيع التصدير، وزيادة التنافسية بما يسهم فى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.


و أكد عدد من الخبراء أن هناك العديد من العوامل لجذب الاستثمار متوافرة، لكن لا بد من إعطاء الأولوية لملف الإصلاح الضريبى، ومراعاة قواعد المنافسة فى الأسواق الإقليمية المنافسة لجذب الاستثمار بهدف تسهيل وتبسيط عدد من الإجراءات لزيادة عوامل جذب الاستثمارات المباشرة أو فى سوق الأوراق المصرية.


حماية المنتجات الوطنية


وأكد د.أحمد عبدالمعطى الخبيرالاقتصادى على ضرورة حماية المنتجات الوطنية، وتوظيف التشريعات لمنع إغراق السوق بالبضائع المستوردة من خلال إنتاج سلع مصرية ذات جودة عالية الأمر الذى من شأنه توفير العملة الصعبة فضلا عن إمكانية تصديرها فى المستقبل القريب.


وأشار إلى إمكانية التركيز على منتجات محددة، توفر كل مستلزمات الإنتاج لصناعتها فى مصر، لإصدار قرارات بمنع استيرادها تمامًا، مع وجود آلية لمراقبة الجودة، لافتًا فى الوقت نفسه إلى أهمية إحكام السيطرة لما وصفه بمافيا التهريب عبر القنوات غير الشرعية.


وأوضح أن القطاعات الاستثمارية مشاكلها مختلفة ومتعددة، وكل قطاع له سوق مختلفة، ويحتاج إلى قرارات مُنظمة متغيرة عن القطاعات الأخرى ولذلك من الضرورى دراسة مشكلات كل قطاع بشكل منفصل بمشاركة اتحاد الصناعات الوطنية، خاصة أن الغرف متخصصة وتعلم تفاصيل المشكلات الحقيقية على الأرض.


وأضاف أن صدور القرارات العامة لكل القطاعات الاستثمارية، وتطبيقها بشكل إلزامى لا يكون له جدوى اقتصادية، وأحيانًا يكون لها نتائج عكسية ولذلك ضرورة مراجعة تطبيق القرار بعد تنفيذه بفترة بما يسهم فى إيجاد حالة من الثقة بين المستثمر والحكومة.


الاستثمار سلعة


وقال د.محمد قرنى الخبير الاقتصادى إن الدولة تسعى لتحسين مناخ الاستثمار فى كل القطاعات، لجذب رؤوس الأموال، خاصة فى ظل منافسة أكثر من سوق عربية وإفريقية.
وأضاف أنَّ الإسراع فى اتخاذ القرار فى تخصيص الأراضى والمرافق أمر هام لأى مستثمر مصرى أو أجنبى، خاصة أنَّ رجل الأعمال يهدف فى النهاية للربح، وعامل الوقت حاسم فى إدارة دورة رأس المال بشكل عام.


وأكد على أهمية التفكير فى طرح الاستثمار كسلعة يقدمها وتتنافس عليها أسواق مختلفة، خاصة أن تقديم الفرصة الاستثمارية بأفضل تكلفة وعائد لا بد من اتخاذ خطوات جادة لتحسينها فى ظل المنافسة مع الدول الأخرى.


وأشار إلى توافر الأيدى العاملة فى السوق المصرية بأسعار مقبولة جدًا على مستوى العالم، وحاجتها للتدريب البسيط، إضافة إلى أهمية تثبيت الضرائب، وعدم إرهاق المستثمر بالمتغيرات الضريبية المتعددة، موضحًا أن أى مستثمر يقوم بحساب تكلفة الضرائب، والجمارك، ومستلزمات الإنتاج، والأيدى العاملة، ليختار فى النهاية أى سوق أنسب لنشاطه قبل أنَّ يقوم بضخ الأموال.


تطوير الضرائب


وأوضح أن الملف الضريبى بشكل عام يحتاج إلى إعادة نظر من الدولة تجاه المستثمرين الأجانب ورجال الأعمال المصريين، خاصة أن مصر تتبع ما أطلق عليه نظام الضرائب المركبة مثل ضريبة توزيع الأرباح وبالتالى تمثل عبئا إضافيا لأى مستثمر، إضافة إلى الضرائب على المنشآت التجارية.


وأشاد بقرار وزارة المالية بإعفاء المصانع من الضريبة العقارية على المنشأة لمدة ٣ سنوات الأمر الذى من شأنه خفض الأعباء الضريبية على المنشآت الصناعية.
وأضاف أن جذب الاستثمار يعتمد على عدة عوامل، أهمها سعر فائدة متوازن خاصة أن الدولة تستهدف تقديم أسعار فائدة مرتفعة لجذب المستثمرين للاستثمار فى أذون الخزانة بدون مخاطر تقريبًا، لكنه فى الوقت نفسه يقلل فرص الاستثمار المباشر فى القطاعات المختلفة.


وأشار إلى أن البنك المركزى يسعى للحفاظ على سعر فائدة بنسبة مرتفعة، لتقديم حافز للمستثمر الأجنبى لشراء أوراق تمويل الدين الحكومى، وللحفاظ على هامش الربح للمودعين، وهو ما يسبب ايضا أزمة للحكومة فى تمويل عجز الموازنة.


وأوضح أن المستثمر فى أوراق الدين الحكومى يبحث عن ثلاث معلومات فقط: وهى حدود تذبذب سعر الصرف، ومعدل التضخم المحلى، ومرونة سعر الفائدة.


الاستثمار المباشر


وأشار إلى أن المستثمر طويل الأجل يبحث عن المناخ المستقر من كل النواحى التشريعية، والائتمانية، إضافة إلى توافر البنية التحتية والأيدى العاملة المُدربة التى تساعد على تقليل نفقات الإنتاج إلى جانب سهولة إجراءات التصدير، وآلية خروج ودخول الأموال.


وأضاف أن التحدى الحقيقى، هو جذب هذه الأموال فى استثمارات طويلة الأجل ومستدامة، لأنها تنعش الاقتصاد المصرى على المدى الطويل، وتسهم فى خلق فرص عمل بشكل مباشر وغير مباشر.


تطوير البورصة


ومن جانبه أوضح محمد ماهر، رئيس جمعية الأوراق المالية أن هناك إجراءات جيدة تم اتخاذها لتنشيط البورصة أبرزها إنشاء وحدة خاصة بهيئة الاستثمار؛ لتسريع وتيرة الإجراءات لزيادة رأس المال أو اعتماد القوائم المالية، ومحاضر مجلس الإدارة.


وأضاف أنَّ سوق الأوراق المالية تحتاج إلى إجراءات أخرى عديدة لتتعافى بشكل أسرع، أبرزها ضرورة تسهيل إجراءات قيد الشركات الجديدة، وتخفيف قواعد متطلبات القيد خاصة التكاليف المالية.


وأشار إلى إمكانية تبسيط قواعد رقابة المالية، وتقليل المصاريف والرسوم التى تُفرض على عمليات الاستحواذ والشراء، وكذلك يجب فى البداية اتخاذ خطوات ضرورية لدفع الاستثمار المباشر، بتسهيل الحصول على الأراضى الصناعية، وتبسيط إجراءات الحصول على الرخص الصناعية حتى يحدث دفعة فى الاستثمار غير المباشر المتمثل فى البورصة.


تقليل البيروقراطية


ومن جهتها قالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، إنه لا بد من اتخاذ خطوات إيجابية لتقليل البيروقراطية الإدارية، موضحة أن هذه الخطوة تمثل حجر الزاوية فى إمكانية المنافسة على جلب استثمارات أكثر خصوصًا مع الأسواق العربية المُنافسة للسوق المصرية.


وأضافت حنان رمسيس أن استغلال أدوات الرقمنة لعرض الفرص الاستثمارية فى مصر ضرورة لا يمكن المضى قدمًا فى تحسين الاستثمار المباشر بدونها، موضحة أهمية تدشين تطبيق لطرح مميزات الاستثمار فى مصر، إلى جانب تمكين المستثمر من اتخاذ خطوات حقيقية عبر التطبيق لتقليل الوقت الذى يقضيه رجال الأعمال فى مكاتب الجهات المُختلفة.


شراكة لتطوير الصناعات


وأشارت إلى إمكانية تنفيذ شراكات مع المستثمرين الأجانب بدون تملك الأراضى، موضحة ضرورة إحياء صناعات مثل الغزل والنسيج، والحديد والصلب، إضافة إلى القطاع الصحى، عبر شراكات مع مستثمرين متخصصين فى هذه المجالات، بحيث توفر الحكومة المصرية الأراضى والخدمات والمرافق، ويقوم المستثمر بضخ الأموال إلى جانب الخبرات، ليتحقق الربح لجميع الأطراف، بجانب خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة.


وأكدت حنان رمسيس تطبيق هذا النموذج فى عدد من الاقتصاديات الصاعدة، أبرزها أن السعودية فرضت على المستثمرين توطين الصناعات قبل نهاية عام 2024، وهذا القرار سيطبق على الجميع مهما كانت حجم الاستثمارات.


وأشارت إلى أن البورصة تعانى لأسباب مختلفة أهمها، قلة عدد الشركات المصرية المقيدة فى سوق الأوراق المالية، خاصة أنَّ قيد 225 شركة فقط فى مصر، برأس مال 731 مليار جنيه يعتبر رقمًا ضئيلًا، مقارنة بالأسواق الأخرى، ضاربة المثل بالبورصة السعودية التى يصل رأس المال فيها إلى 9 ترليونات ريال.. وأضافت أن زيادة الشركات المطروحة فى السوق بشكل عام، سيسهم بطرح مزيد من الخيارات للمستثمر، إضافة إلى تصوير انعكاس حقيقى لحجم وقيمة الفرص الاستثمارية المُتاحة فى مصر.


ومن جانبه قال ياسر عمارة خبير أسواق المال، إن المحفزات الاستثمارية من قِبل الحكومة كافية للغاية، معتبرًا أن الخلل يكمن فى عدم طرحها واستعراضها فى وسائل الإعلام بالشكل الكافى.


وأضاف أن السبب فى ارتباك سوق الأوراق المالية فى الفترة الأخيرة، يرجع إلى قيام عدد ممًّن وصفهم بغير المختصين بالقيام بتحليلات خاطئة أدت إلى تقييم خاطئ للبورصة المصرية، ما جعلها تشهد انخفاضًا غير مبرر.

وأشاد عمارة بقرار الهيئة العامة للرقابة المالية بإصدار تعديل تشريعى على قانون سوق رأس المال لحظر وتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة بالبورصة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعى.

واصفًا التعديل بأنه يحقق ردع المتلاعبين الذين يقومون بإصدار ونشر توصيات واستشارات مضللة للتلاعب بصغار المستثمرين.

وأكد أن المحفزات التى طرحتها الحكومة المصرية؛ لزيادة استثمار مباشر، أكثر من المطلوب خاصة أنَّ الإصلاح الاقتصادى حقق طفرة فى ثقة المستثمر الأجنبى لدخول السوق المصرية.


وأشار إلى أهمية توجيه الاهتمام بتقديم حوافز إضافية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها قاطرة التنمية فى الاقتصادات المتقدمة.

اقرأ ايضا | رويترز: توقعات بنمو الاقتصاد المصري وتراجع التضخم تدريجيًا