علي جمعة: «الخوف الحقيقي المشبع بالحب» من أنواع الهيبة والرهبة والقداسة

علي جمعة
علي جمعة

كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية السابق، عن بعض الروايات التي تتحدث عن مخاوف الأنبياء والصحابة والتابعين ومن بعدهم كثيرة.


ولفت علي جمعة، إلى أن منها ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به, وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به. قالت: فإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا مطرت سري عنه (سنن البيهقي), وورد أنه عليه السلام كان إذا دخل في الصلاة يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل. (صحيح ابن خزيمة).

وأوضح علي جمعة، أن مما ورد في القرآن عن صالحي قوم موسى عليه السلام قول الله تعالى: (قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة:23]. وقد ورد مثل ذلك عن الصحابة والتابعين وأولياء الله الصالحين.

وبين علي جمعة أنه ليس المطلوب من خوف العبد من ربه أن يصل إلى حد الفزع والرعب الذي يبعده منه; بل ينبغي أن يكون الخوف من الله سبحانه مشبعا بحبه, أما الرعب والفزع فيأتي من الخوف من الأذية والله سبحانه رحمان رحيم بر جميل, ولذلك فإن كثيرا من الناس إذا فهموا الخوف بمعنى الفزع من الله فإنهم يملون, حتى ترى العلاقة بين الإنسان وربه مع هذا الملل تؤدي إلى الاضطراب وتبدأ العلاقة في التراجع, في حين أنه لو فهم الخوف بأنه مليء بالحب لأدى ذلك إلى علاقة إيجابية تؤدي إلى التقوى وإلى السكينة والطمأنينة والركون إلى رحمة الله تعالى.

وقال علي جمعة، إن الخوف الحقيقي المشبع بالحب هو نوع من أنواع الهيبة والرهبة والجلال والقداسة وكلها معان تؤدي إلى مزيد الطلب وإلى دوام السير في طريق الله، وهذا هو الذي يساعد الإنسان على أن ينهى النفس عن الهوى, ويشعر بلذة في صدره وقلبه فيزداد من التقوى, ويزول شعوره بالحرمان والمنع, وهذا هو الفرق الكبير بين من جعل العلاقة بينه وبين ربه مبنية على الرعب والفزع, ومن جعلها مبنية على الرحمة والحب. فاللهم اهدنا إلى الخوف منك بمعرفتك والإيمان بصفاتك, واجعل عاقبتنا خيرا, فأنت الموفق والمستعان.

اقرأ أيضا

«صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوها».. علي جمعة يوضحها