فى الصميم

أمريكا وروسيا والممرات الآمنة!!

جلال عارف
جلال عارف

ما أن تم توقيع اتفاق الممرات الآمنة فى البحر الأسود الذى يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية حتى بدأت أسعار القمح فى التراجع السريع. ورغم أن الكميات المحتجزة ليست كبيرة (٢٠ مليون طن من الحبوب ربعها فقط من القمح) إلا أن تأثير الاتفاق كبير، والكل يأمل أن يكون بداية لما هو أفضل.. سواء بالنسبة لأزمة الغذاء العالمى، أو لأزمة الحرب كلها.


بالنسبة لأزمة الغذاء.. الانفراجة هامة والكميات المحتجزة من القمح والذرة يحتاجها العالم بشدة.. وتصريفها بسرعة مهم لأوكرانيا حتى تستطيع مخازن الحبوب بها استقبال المحصول الجديد وتصدير ما تستطيع منه حتى وإن قل عن السنوات الماضية حيث كانت أوكرانيا تصدر ١٨ مليون طن من القمح تحتل بها المرتبة الخامسة عالمياً.


هام أيضاً هنا الإشارة إلى أن روسيا كانت قد ربطت الاتفاق بتسهيلات مطلوبة لرفع القيود المفروضة على اسطولها التجارى ليتمكن من نقل إنتاجها من القمح.. علماً بأنها المصدر الأول فى العالم، وأنها أعلنت عن توافر ٢٥ مليون طن للتصدير الفورى يمكن مضاعفتها فى الشهور القادمة.


لهذا كانت استجابة الأسواق العالمية للاتفاق فورية، وكان الانخفاض السريع لأسعار القمح.. وكانت ايضاً النظرة السياسية للاتفاق باعتباره الخطوة الأولى الإيجابية على طريق التهدئة منذ بداية الحرب. صحيح أن التصعيد مازال هو اللغة السائدة فى خطاب الجانبين، وأن الاتفاق نفسه وقعه كل فريق على وثائق خاصة به، وأن أمريكا حرصت على الاعلان عن صفقة سلاح جديدة لأوكرانيا فى نفس اليوم، وأن القتال على الارض مازال مستمراً.. لكن الصحيح أيضاً أن هناك اتفاقاً ما كان ليتم دون موافقة أمريكية، وأن الامم المتحدة قد اصبحت حاضرة فى الأزمة، وأن العالم لم يعد يحتمل المزيد من آثار الحرب، وأن أوروبا نفسها بدأت تشهد تمرد بعض دولها على قرارات المقاطعة التى اتعبت أوروبا بقدر ما تعانى منها روسيا.


بدون الإغراق فى التفاصيل. الممرات الآمنة تتيح للعالم كميات من القمح والحبوب المحتجزة، وهى - فى نفس الوقت - تفتح طريقاً كانت مغلقة منذ بداية الحرب بين موسكو وواشنطون. فهل بدأت رحلة البحث عن تسوية.. وإزالة الألغام من طريقها؟!