الشيخ عبدالرحمن رضوان : نتصدى للفتاوى الضالة التى تحرض على العنف والكراهية

الشيخ عبدالرحمن رضوان
الشيخ عبدالرحمن رضوان

 حوار ــ عامر نفادى

أكد الشيخ عبدالرحمن رضوان، مدير الدعوة بمديرية أوقاف القليوبية، أن المديرية نجحت فى التصدى للإرهاب ومواجهة الأفكار الهدامة التى كانت تبثها الجماعات المتطرفة، لافتا إلى أن تجديد الخطاب الدينى يستلزم العودة إلى ما كان عليه الأمر فى عصر النبوة، بأن يتسم بالمرونة والسعة التى تسع الناس جميعا بعيدا عن الغلو والتطرف، وأن التجديد لا يعنى المساس بثوابت الدين، وإنما المقصود به اجتهاد العلماء فى المسائل الفقهية التى يسمح بالاجتهاد فيها.

وأشار إلى أن مواجهة موجات التشدد التى أطلقتها الجماعات المنحرفة لإثارة الفتن داخل المجتمع تستلزم عرض الإسلام على أنه مجموعة من التكاليف والأحكام الشرعية التى من شأنها الارتقاء بسلوك البشر.

ونوه إلى أن مساجد المديرية شهدت طفرة غير مسبوقة من إحلال وتجديد المتهالك منها وفرش ما يحتاج منها لفرش، وأن القليوبية بها العديد من المساجد الجامعة التى تشتمل على أنشطة متعددة من مقارئ قرآنية ومدارس علمية وفصول لمحو الأمية.

ووجه رسالة للشباب الذين أصابتهم آفة التشدد بأن يطهروا عقولهم من كل ما علق بها من دنس الجماعات المتطرفة، وأن يثقوا فى قيادتهم الرشيدة، ويضعوا مصلحة وطنهم الحبيب مصر فوق كل اعتبار، وإلى نص الحوار:

> ما هو دور مديرية أوقاف القليوبية فى محاربة الإرهاب والتطرف؟

 تقوم المديرية بدور فعال فى محاربة الإرهاب والتطرف، والتصدى للأفكار الهدامة التى كانت تبثها الجماعات المتطرفة، وكذلك الشائعات المغرضة التى كان يحاول أصحابها إثارة الفتن والاضطرابات فى البلاد، وذلك بتفنيد جميع فتاوى أصحاب الضلالات والفكر المنحرف كدعاوى التكفير والقتل باسم الدين، وقد قمنا بعقد الندوات واللقاءات الفكرية، وإلقاء الخطب والدروس فى المدارس ومراكز الشباب والرياضة، والكليات المختلفة بالجامعة، والمجالس المتخصصة كالمجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للسكان، ومركز النيل للإعلام، لتوعية الناس بصحيح الإسلام الوسطى المعتدل الذى تربينا عليه من خلال القرآن والسنة وأقوال العلماء المعتدلين من أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم، وبيان خطورة التطرف، وأثره السلبى على البلاد والعباد، وأن الدين الإسلامى الحنيف دعا إلى الوسطية ونبذ كل مظاهر الغلو والتشدد.

التصدى للشائعات

> وماذا عن دور المديرية مع مبادرات الرئيس السيسى؟

كان للمديرية دور كبير فى مبادرات الرئيس السيسى حيث شاركت فى حملة ١٠٠ مليون صحة من أجل الارتقاء بصحة الشعب المصرى بحث الناس على الخروج وإجراء التحاليل التى توفرها الحملة، وبيان مدى أهمية هذه المشاركة على صحة المواطنين وتيسيرا عليهم من أنفاق الكثير من الأموال وأن هذا كله يصب فى مصلحة المواطن، كما شاركت فى حملة الاستفتاء على الدستور بحث الناس على النزول والمشاركة فى الاستفتاء، وبيان مدى أهمية نزولهم فى تحقيق الاستقرار للمجتمع، ودوره فى تحقيق التقدم والازدهار للوطن للحاق بركب الدول المتقدمة، إضافة إلى مشاركتها فى مبادرة حياة كريمة وحث المواطنين على المشاركة فيها.

مشاركة اجتماعية

> حدثنا عن الدور الاجتماعى الذى تقوم به المديرية فى المجتمع المدني؟

الدور الاجتماعى الذى تقوم به مديرية أوقاف القليوبية لا يخفى على أحد، وذلك من خلال مشاركة المديرية وقياداتها فى كافة الأمور التى تتعلق بالشأن الاجتماعى فى المجتمع القليوبي، حيث نقوم بتوزيع لحوم صكوك الاضاحى تحت رعاية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إضافة لتوزيع بعض السلع الغذائية على المستحقين، وكذلك تقديم بعض المساعدات المالية للفقراء والمحتاجين والأسر الأكثر احتياجا بصفة دورية وفى المناسبات والأعياد، إضافة الى دور المديرية فى المشاركة فى حل الكثير من المشاكل الاجتماعية التى يعانى منها المواطن القليوبي.

تجديد الخطاب الدينى

> من وجهة نظركم ما الذى يجب أن يتجدد فى الخطاب الديني؟

تجديد الخطاب الدينى يستلزم عودة الخطاب الدينى إلى ما كان عليه الأمر فى عصر النبوة، وعصر نزول الوحى، بحيث يتسم بالمرونة، والسعة التى تسع الناس جميعا، دون تضييق عليهم، أو حملهم على الأشد من أقوال العلماء، كما كان يفعل النبى عليه الصلاة والسلام فى خطابه للناس جميعا، حيث يقول: «بعثت بالحنيفية السمحة» وقوله: «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» وقوله للناس فى الحج: «افعل ولا حرج» وما خير عليه الصلاة والسلام بين أمرين إلا اختار أيسرهما» وفى هذه الأيام يختار البعض للأمة أعسر الأشياء، وأشقاها، ويحاولون فرضه عليهم على أنه الدين الذى جاء به الوحى، وليس على أنه مجرد رؤى واجتهادات توصلوا إليها.

التمسك بالثوابت

ومفهوم التجديد لا يعنى إلغاء ثوابت الدين، فالأحكام الشرعية قسمان: قسم ثابت لا يمكن تغييره، ولا تبديله، وهو ما يعرف بالثوابت، مثلما شرعه الله من الأحكام المتعلقة بأركان الإسلام كالصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، وتحريم الربا، والزنا، والقتل، والسرقة، وغير ذلك مما اتفقت عليه الشرائع السماوية، وهناك قسم ثان متغير، يبنى على حسب تغير الزمان والمكان والشخص والحادثة، وهذا النوع من الأحكام المرجع فيه إلى الفقهاء فى كل عصر ومصر، يجتهدون فى اختيار ما يناسب حال الناس وظروفهم، وبيئتهم، مثلما فعل الإمام الشافعى عندما غير مذهبه القديم بالعراق، إلى الجديد بمصر، لتغير أعراف الناس وعوائدهم، ولهذا يقول الشاعر : والعرف فى الشرع له اعتبار، لذا عليه الحكم قد يدار».

هذا النوع من الأحكام هو ما يمكن أن يناله التجديد بما يلائم حال الناس، ويخرجهم من الضيق إلى السعة، ومن الغلو والتشدد، إلى المرونة والسعة، بحيث يختار العلماء من الأقوال أيسرها، وأكثرها ملاءمة لحال الناس، وظروفهم.

ويجب أيضا مخاطبة الناس باللغة التى يفهمونها، والتى تصل بسهولة إلى عقولهم وقلوبهم، فكما ورد فى الحديث: «أمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم، وفى صحيح البخارى عن على:»حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله»، وما جاء فى صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: «ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» ومعنى ذلك أن العالم أو الداعى والمتحدث باسم الدين لابد أن يراعى حال الناس، ومقتضى حالهم، واللغة التى تناسبهم، حتى يتنزل كلام الدين على قلوبهم غضا طريا، يحقق هدفه المقصود، وأمله المنشود، أما التقعر فى الحديث، واستخدام الألفاظ المهجورة التى تحتاج إلى جوارها قواميس لفك طلاسمها فهذا غير ملائم لحال العامة، وبعض هؤلاء يعيش فى أيامنا هذه بعقول من يعيش فى الخيمة والصحراء قديما، مستخدما لغتهم، ومفرداتهم وطريقة حياتهم، ظانا بذلك أن هذا هو الدين، وان هذا عبث لا يليق، فعلى العالم أن يعيش زمانه، ولغته، وأن يتعرف أسلوب دعوته المناسب، وأن يطلع على أحوال الناس، ويتعرف على الأسلوب الأمثل الذى يخاطبهم به.

وسطية الإسلام

> برأيك كيف نواجه موجات التشدد التى حرفت بها الجماعات المتطرفة عقول بعض الشباب وحولتهم إلى آلات قاتلة؟

تصحيح المفاهيم الخاطئة ومواجهة موجات التشدد التى أطلقت وابلها علينا الجماعات المتطرفة لإثارة الفتن والاضطرابات داخل مجتمعاتنا تحتم علينا عرض الإسلام على أنه مجموعة من التكاليف والأحكام الشرعية التى من شأنها الارتقاء بسلوك البشر، نحو الأفضل وأنها موضوعة للابتلاء والاختبار من الله سبحانه وتعالى، وليست لتعذيب البشر، أو إيقاعهم فى الحرج والمشقة، وهذه أولى الخطوات التى نسير عليها لعلاج هذه الظاهرة، أما الأمر الثانى فلابد له من تأسيس مفهوم غاية فى الأهمية، وهو قبول الآخر، وحقه فى المخالفة، وأن وجهات النظر يمكن أن تتعدد فى مسائل كثيرة من الشرع، أما مسألة أحادية الرأي، وأحادية الفكرة، وعدم قبول الآخر، ولا رأيه، باب خطير، وشر مستطير يفتح باب التشدد والتكفير على مصراعيه، ويؤسس لفكرة استباحة الدماء، بما تحمله من قتل، وإرهاب، إذا فالخطاب الدينى الذى نحتاجه الآن هو الخطاب السمح المستنير الذى لا يبحث فى النوايا ولا القلوب، ولا يكفر الناس بغير بينة ولا دليل، فأمر القلوب موكول إلى رب القلوب، وإنما المطلوب منا أن نقبل الظاهر، والله يتولى أمر السرائر ويحاسب عليها دون غيره من بنى البشر.

> هل حققت الخطبة الموحدة النتيجة المرجوة على أرض الواقع؟

بالفعل أنتجت الخطبة الموحدة مخزونا علميا كبيرا لدى الأئمة والدعاة، حيث كان الإمام فى السابق يعتمد على عدد من الخطب الثابتة التى لا يحيد عنها ولا يجدد فيها، مما أحدث عقما فكريا وعلميا لدى المتحدث والمستمع، إلى أن تم إقرار الخطبة الموحدة من قبل الوزارة، التى أحدثت ثورة علمية وفكرية هائلة، فمن كان يتخيل أن تتناول خطب الجمعة الحديث عن موضوع ضبط الأسواق، وندرة المياه، والمواطنة، والتكفير، وفروض الكفايات، حقا لقد كانت فكرة عبقرية لوزير صاحب فكر واع ومستنير ملم بقضايا وطنه مدركا ما يدور فى فلك الدعوة إلى الله، وما تحتاجه من أساليب وأفكار مستحدثة تجيب المسلم على ما يحتاجه من إجابات فقهية عصرية مع ما تشهده المجتمعات من ثورات متقدمة فى كافة مناحى الحياة، ذلك الأمر الذى يستلزم منا كدعاة أن ندرك هذا التغير الشامل والوصول إلى طرق مستحدثة نستطيع من خلالها مسايرة هذا التغير ، لهذا يتم متابعة الأمر بكل جدية، والحق أن الالتزام بها كان فوق المتوقع بما يؤكد نجاح الوزارة فى هذا المجال.

تدريب الدعاة

> وماذا عن الاهتمام بالداعية فى القليوبية؟

اهتمام مديرية أوقاف القليوبية بالداعية هو اهتمام وزارة الأوقاف حيث تعقد وزارة الأوقاف الدورات التدريبية بشكل دورى لاطلاع الأئمة على مستجدات الأمور ومتغيراتها حتى يكون الإمام مواكبا لقضايا العصر من حوله، وفى سبيل ذلك قام د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بإنشاء أكاديمية الأوقاف لتكون منارة عالمية وإشعاعا حضاريا علميا على مستوى العالم، وإيفاد عدد من الأئمة للحصول على درجة الماجستير بالمعهد العالى للدراسات الإسلامية، وإيفاد عدد آخر للتدريب بالأكاديمية الوطنية التابعة لرئاسة الجمهورية، وذلك لإعداد الدعاة مهنيا وثقافيا وعلميا حتى يكونوا قادرين على أداء دورهم الدعوى بشكل عصرى فى ضوء التقدم والتطور المجتمعي، ونحن بدورنا نحرص فى المديرية على عقد دورات تدريبية بشكل دائم للأئمة والدعاة لتوعيتهم بالقضايا العصرية المستجدة على الشارع القليوبى وتوعيتهم بكيفية حلها والتفاعل معها.