احتفالات يوم الاستقلال تنتهي بمجزرة في شيكاغو.. تفاصيل مأساوية

 المتهم روبرت كريمو
المتهم روبرت كريمو

دينا جلال

 يوم جديد صادم ودموي، يمتزج مع احتفالات الأمريكيين بيوم الاستقلال في 4 يوليو من كل عام، ولكن كعادة هذا العام تزداد الامور سوءًا حيث تشير الإحصائيات إلى وقوع حادث إطلاق نار يومي في كافة انحاء الولايات المتحدة الامريكية ووقوع حادث جماعي صادم بمعدل اسبوعي لهذا العام، وشهدت أمريكا حتى الآن 15 حادث قتل جماعي خلال هذا العام فقط.

 

في حوالي الساعة العاشرة صباحا، في ضاحية هايلاند بارك وهى إحدى المناطق الشهيرة بالهدوء والرقى فى مدينة شيكاغو بولاية الينوى، اعتلت اصوات طلقات النار المتتالية ليتنبه الجميع نحوها في خوف وصدمة، المحيطون بموقع الحادث فوجئوا بشاب فى العشرينات من عمره يحمل بندقيته نحو موكب الاحتفال بيوم الاستقلال الوطني ليطلق النار بعشوائية تامة مستهدفًا الآمنين دون تردد، ويروي احد الشهود المشهد الصاخب الذي تحول إلى مجزرة لسقوط الضحايا وهروب المحتفلين وهم يتلقون طلقات سريعة تسبق هرولتهم للنجاة من الحادث، حيث اختار الجاني بندقية حديثة تطلق الرصاص سريعًا خلال لحظات قليلة بصوت مفزع يعلن انتصار حادث إرهابي جديد مروع على احتفالات يوم الاستقلال ويحيله إلى ذكرى للخوف والهلع، وتحتفل امريكا بهذا اليوم كعطلة فيدرالية منذ اعتماد وثيقة إعلان استقلالها في 4 يوليو في عام 1776 عن بريطانيا، ويرتبط الاحتفال بالمسيرات والألعاب النارية وحفلات الشواء والرحلات والحفلات الموسيقية لجمع شمل العائلة تبعا للتقاليد الأمريكية.

 

قتل ومطاردة

انتهى حادث شيكاغو بمقتل ستة أشخاص، وإصابة ما يقرب من 24 شخصًا تم نقلهم إلى اقرب مستشفى، ووصف كريستوفر كوفيلي المتحدث باسم فرقة مكافحة الجريمة الرئيسية في المنطقة؛ مرتكب الحادث بشاب أبيض مسلح يحمل افكارًا خطيرة، وكشفت التقارير أن الشاب المسلح كان يطلق النار بشكل عشوائي من مكان مرتفع ثم هرب في سيارة هوندا فارهة، وبعد ساعات كشفت السلطات عن هوية الجاني؛ وهو روبرت كريمو الثالث، 22 سنة، الذي تم اعتقاله بعد مطاردة استمرت ثمان ساعات تحولت إلى فترات عصيبة لأهالى الحى الهادئ حيث تكررت تحذيرات السلطات الأمنية من خطورة الجاني على كل من حوله وطلبوا من السكان البقاء في منازلهم لضمان تأمين محيط منطقة وسط مدينة هايلاند بارك، ويروي الشهود قصتهم قائلين؛ «اعتقدنا نحن سكان ضاحية هايلاند بارك ان العنف المسلح نادر جدا في منطقتنا» ويبلغ عدد سكانها حوالي 30 ألف شخص كما يرتفع دخل الفرد فيها بشكل ملحوظ عن باقي سكان امريكا، ويضيف احد الشهود قائلا؛ كنا نشعر بالأمان لنضطر بشكل مفاجئ إلى الجرى بعيدا والبحث عن ملجأ يحمينا من وابل الرصاص خاصة وقت مطاردة الجاني لساعات قبل إلقاء القبض عليه.

 

  بعد اعتقال الجاني انكشفت عدة مفاجآت حول قصته وخلفياته السياسية؛ فالمتهم روبرت إي كريمو ليس نموذجًا فريدًا أو استثنائيًا لشاب أمريكي متعصب قرر تطبيق افكاره على ارض الواقع ولكنه اصبح نموذجًا لآلاف الشباب الأمريكيين ممن يحملون نفس الافكار بل ونفس الخطط لتطبيقها على ارض الواقع، هم فقط ينتظرون اللحظة المناسبة لشن هجمات الإرهاب الداخلي على أمريكا.

 

مغني ثري

كشفت الصحف الأمريكية المزيد من التفاصيل عن روبرت كريمو وهو، مغني راب لديه 16 ألف متابع على تطبيق موسيقي شهير ولا يعاني من الفقر أو البطالة حيث يفتخر بجمع مائة ألف دولار خلال فترة قصيرة من نشر اغانيه عبر التطبيق، ووالده رجل اعمال يمتلك شركتين وترشح لمنصب عمدة المدينة أما والدته فهى معالجة في الطب البديل لضحايا التشدد والعنف، وكشفت التقارير ايضا أن روبرت هو احد المؤيدين للرئيس الاسبق دونالد ترامب حيث شارك في عدد من المظاهرات المؤيدة له.

الامر المحرج للسلطات الأمريكية هو علم الشرطة بطبيعة المتهم روبرت كريمو حيث كان معروفًا لدى سلطات إنفاذ القانون ولم يخف ميوله الإرهابية المتطرفة حيث داوم على نشر لقطات من حوادث إطلاق النار ضمن مقاطع الفيديو الموسيقية الخاصة به، وكذلك أرفق موسيقاه برسوم له وهو يطلق النار على أشخاص عبر الإنترنت وعرض لنفسه فيديو كارتوني وهو يطلق الرصاص على فصل دراسي مرتديًا درعًا في سخرية من حوادث إطلاق النار في المدارس خاصة الحادث الاخير، وتناول روبرت الانتحار كموضوع مكرر له فى فيديوهاته آخرها عرض فيديو لمسئول بولاية بنسلفانيا انتحر على الهواء مباشرة في الثمانينات وتمنى ان يلقى السياسيون نفس المصير.

ذكرى حرجة

تحولت تلك المنشورات أو البوست الخاصة بروبرت إلى علامات استفهام خاصة بعد تأكيد السلطات الامريكية أنه معروف لدى بعض الجهات بسبب نشر مواد عنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقاطع فيديو موسيقية ولكن مر الامر دون تعامل مباشر معه أو مساءلته.

لم يخف الرئيس الأمريكي جو بايدن صدمته في خطاب أطلقه تعليقًا على الحادث؛ ليشير إلى أن ذكرى عيد الاستقلال تحل في لحظة حرجة ليعتقد البعض أن هذا البلد يتراجع إلى الوراء، وتناقلت الصحف مقولة بايدن «لا يوجد شيء مضمون بشأن ديمقراطيتنا، أعلم أن الأمر يمكن أن يكون مرهقًا ومقلقا، لكننا سنجتاز كل هذا، إنها دعوة لأمريكا للمضي قدما بجرأة وبدون خوف» وتعهد مرة أخرى بمواصلة محاربة وباء عنف السلاح.

تشير التقارير إلى تزايد العنف المسلح  في مدينة شيكاغو خاصة في عطلات نهاية الأسبوع، وفي عام 2021 لقى أكثر من مائة شخص مصرعهم بالرصاص وقُتل حوالي 17 خلال عطلة نهاية الأسبوع الخاصة بعيد الاستقلال في مدينة شيكاغو العام الماضي، ويأتي حادث إطلاق النار الاخير بعد شهر واحد فقط من حوادث إطلاق النار المميتة في مدرسة أوفالدي بولاية تكساس، وبعد أسبوع واحد فقط من تمرير الكونجرس الأمريكي أهم قانون فيدرالي يفرض قيود على حيازة السلاح منذ ما يقرب من 30 سنة بطلب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في إتفاق وتعاون نادر بينهما.