مصر لديها الإمكانيات الهائلة كوجهة أساسية للاستثمار الأخضر

مدير بـ«فيتش» للتصنيف الائتماني: الحكومة المصرية حافظت على الانضباط المالي

كريسجانيس كروستينز المدير بوكالة فيتش للتصنيف الائتماني
كريسجانيس كروستينز المدير بوكالة فيتش للتصنيف الائتماني

 كتبت: مى فرج الله 
 

أكد كريسجانيس كروستينز المدير بوكالة فيتش للتصنيف الائتمانى أن التأثير الأساسى للحرب الروسية الأوكرانية يتمثل فى تعطيل إمدادات الطاقة والغذاء والعديد من السلع الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع التضخم على مستوى العالم وتباطؤ النشاط الاقتصادي، سواء بشكل مباشر أو عن طريق إجبار البنوك المركزية على اتباع وتيرة أسرع لرفع أسعار الفائدة.


وقال كروستينز فى حواره مع «أخبار اليوم» إن ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء فى منطقة الشرق الأوسط تسبب فى الضغط على الميزانيات الحكومية، حيث يتم دعم هذه السلع فى كثير من الأحيان، فضلاً عن تفاقم عجز الحساب الجاري، وفى مصر نشهد ارتفاعًا فى تكاليف الميزانية لدعم البنزين والقمح.

مما سيجعل خفض العجز المالى أكثر صعوبة، ويقلل من مساحة الإنفاق الداعم للنمو ضمن الهدف الاولى الفائض المستهدف من قبل الحكومة، وإلى حد ما، فإن ارتفاع أسعار القمح والطاقة يتحول إلى التضخم، مما يؤدى إلى تفاقم الضغوط من انخفاض سعر الصرف.

والضغط على البنك المركزى لرفع أسعار الفائدة، مما يضعف النشاط الاقتصادي. وأشار الى أنه بخصوص تجارة الطاقة فى مصر فإنها تقترب من التوازن، لذا سيكون التأثير على العجز التجارى الناجم عن أسعار الطاقة ضئيلًا نسبيًا.

وقد ساعدت الاحتياطيات الاستيراتيجية من القمح فى بداية الازمة الروسية الاوكرانية فى تخفيف الضغوط على استيراد الغذاء، ولكن مصر ستعانى بالطبع من ارتفاع تكاليف استيراد المواد الغذائية، وبخصوص القطاع السياحى فقد تسببت الحرب بالطبع فى بعض الخسائر فى التدفقات السياحية الروسية والاوكرانية، وعلى الرغم من أن عجز الحساب الجارى يتحسن بالفعل، وما زلنا نتوقع أن يتقلص فى العام المالى المقبل المنتهى فى يونيو 2023.  


مشاركة اكبر للقطاع الخاص 

ويقول كروستينز إن قطاع البناء فى مصر شهد تطورا هائلا، فقد ركزت الحكومة بشدة على البنية التحتية والبناء كمحرك للنمو والاستقرار المالى منذ أن شرعت البلاد فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الطموح المدعوم من صندوق النقد الدولى فى عام 2016.

وقد توسعت شبكة الطرق فى مصر، وكذلك قدرات إنتاج الطاقة والبنية التحتية للموانئ بسرعة، مدفوعاً بالنمو السكاني، والرغبة فى زيادة الصادرات، والجهود المبذولة للاستفادة من الموقع الاستراتيجى للبلاد فى قطاعى للتجارة والسفر.

وينبع جزء كبير من الطلب المتزايد على قطاع البناء إلى تزايد عدد السكان، والرغبة فى عدم اتخاذ القاهرة كمركز للكثافة السكانية، وهذا بدوره أوجد الحاجة إلى بنية تحتية إضافية لا سيما فى المدن الجديدة، بما فى ذلك العاصمة الإدارية الجديدة، وهناك عدد كبير من المشاريع العملاقة فى البلاد بمشاركة القطاع الخاص، والذى سيكون له أهمية متزايدة لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 . 


ويضيف كروستينز أن القطاع الخاص سيكون له دور بارز عن طريق نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، فمن خلال تمويله لعدد من مشاريع البنية التحتية سيقلل حاجة الحكومة إلى الإقراض السيادي.

وتخفيف العبء على الميزانية، وفى ضوء التحديات التى تواجة الاقتصاد العالمى بشكل عام والاقتصاد المصرى بشكل خاص فإن القطاع الخاص سيحتاج إلى لعب دور أكبر، خاصة ان الوباء والحرب الروسية الاوكرانية قللت من قدرة الحكومة على تمويل المشاريع الكبيرة على المدى القصير . 


خطوات جريئة من البنك المركزي 

وأوضح كروستينز أنه من المفترض أن تساعد خطوات البنك المركزى لرفع أسعار الفائدة والسماح بمزيد من مرونة سعر الصرف فى التخفيف من الاختلالات الخارجية فى مصر، واستعادة ثقة المستثمرين، على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الخطوات كافية من حيث الحجم، مضيفا: من وجهة نظرى فإن رفع أسعار الفائدة الأمريكية من حيث المبدأ يضغط على البنك المركزى المصرى لرفع أسعار الفائدة فى الفترة المقبلة أيضًا، وذلك للحفاظ على الجاذبية النسبية لأصول الجنيه، واستعادتها مثل «الدين الحكومى المقوم محليًا بالجنيه».  


وقال كروستينز إن الحكومة المصرية حافظت على تركيزها على الانضباط المالى من خلال التمسك بهدفها الأساسى للفائض، حتى مع زيادة بعض بنود الميزانية للتعامل مع آثار الصدمات التى ضربت مصر.

ويساعد هذا فى تقليل المخاوف بشأن المستوى المرتفع للدين العام فى مصر، وهو نقطة ضعف رئيسية للحفاظ على تصنيفها B + مستقر، وستؤدى خطوات الحكومة لتأمين المزيد من التمويل، لا سيما من دول مجلس التعاون الخليجى وصندوق النقد الدولى إلى تقليل مخاطر السيولة الخارجية بشكل كبير فى فترة ارتفاع عجز الحساب الجاري، وآجال استحقاق الديون الكبيرة.


ويؤكد كروستينز انه على المدى المتوسط إلى الطويل قد يتطلب تحسين الوضع الخارجى لمصر إصلاحات هيكلية، لتحسين القدرة التنافسية لقطاعات التصدير، وجاذبية الاقتصاد المصرى للاستثمار الأجنبى المباشر، ولا يزال هذا العمل قيد التقدم، ومن المرجح أن يكون موضع تركيز رئيسى فى مفاوضات برنامج صندوق النقد الدولي.


استضافة قمة المناخ 

وقال كروستينز إن الطاقة الشمسية وتحلية المياه وأمن المياه والحفاظ عليها من المجالات الرئيسية ذات الأولوية لمصر، نظرًا لاحتياجاتها المتزايدة من الطاقة والمياه، فى ظل ندرة المياه بها، لذلك فإن قدرة مصر على جذب التمويل المناخى فى السنوات الأخيرة سيعزز من نجاحها فى استضافة مؤتمر قمة المناخ «Cop27» بشرم الشيخ بنهاية العام.

فقد ساعد الاستقرار الاقتصادى الذى وفره إنتاج الغاز فى ترسيخ مصر كوجهة أساسية للاستثمار الأخضر، هذا بالاضافة الى هناك العديد من العوامل، فمثلا حوالى 27% من التمويل متعدد الأطراف للمناخ فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يستهدف مصر، هذا بالاضافة الى نجاح طرح سندات خضراء سيادية بقيمة 500 مليون دولار، جيث تجاوز الاكتتاب بها 7 مرات عند إصدارها فى عام 2020 ونجاح مصر فى جذب الاستثمارات الاجنبية الخضراء. 

اقرأ أيضا | الزراعة: خطة للتوسع في زراعة النخيل بالوادي الجديد وأسوان