خارج النص

الشهداء ينتصرون ولو بعد نصف قرن!

د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد

أتابع بمزيد من الألم والحذر، الأنباء التى فجرها تقرير لصحيفة «يديعوت أحرنوت» حول السر الذى أخفاه الجيش الصهيونى لمدة 55 عاماً، حول مقبرة جماعية لنحو 80 من أبطال القوات الخاصة المصرية، استشهدوا فى حرب 1967، وجرى قتلهم بدم بارد، وبعضهم تم إحراقه حياً، قبل أن تجمع جثامينهم سراً وتلقى فى مقبرة جماعية أسفل أحد مواقف السيارات بمنطقة «اللطرون» قرب القدس!! .

هذه الجريمة - وفق الرواية الإسرائيلية، رغم تحفظى على تصديق كل ما يورده الإعلام الصهيوني- تُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، ليس فقط فى أسلوب قتل هؤلاء الأسرى، بل وفى طريقة التخلص من جثامينهم، وعدم إبلاغ المؤسسات الإنسانية، أو تمييز مقابرهم بطريقة تسهل التعرف عليهم، كما تقضى كل اتفاقيات القانون الدولى الإنساني، وهو ما يكشف إدراك قادة الكيان الصهيونى لحجم الجريمة التى ارتكبوها، ومحاولاتهم إخفاء معالمها، لكن دماء الشهداء انتصرت فى النهاية، ولو بعد أكثر من نصف قرن، وها هى تحاصر رقاب الجلادين! .

هذه ليست جريمة الحرب الإسرائيلية الأولى التى يُكشف عنها ضد قواتنا، بل وضد الكثير من الأبرياء العرب فى مناسبات ومناطق مختلفة، لكن العنصر المشترك دائماً بين تلك الجرائم هو الإفلات من العقاب، ولنتذكر فضيحة إعدام الأسرى المصريين على يد قوات تابعة لأرئيل شارون أحد قادة الجيش الصهيونى وبأوامر شخصية منه، وثبوت الجريمة بأدلة وشهادت دامغة وموثقة، لكن الحماية الأمريكية التى تحظى بها إسرائيل وقادتها، كانت كفيلة بأن يشغل شارون رئاسة الحكومة، بدلاً من أن يُقدم إلى محكمة مجرمى الحرب!! .

أعرف أن مثل هذه القضايا تخضع لاعتبارات المصلحة العليا للدولة، لكننى أعرف أيضا أن دولة «30 يونيو» تقدر جيداً قيمة دماء شهداء الوطن وتمجد ذكراهم، ولن تترك الأمر - إن كان صحيحاً - يمر مرور الكرام.

وأتمنى أن تكون أنباء تلك المذبحة البشعة قد وصلت إلى أسماع منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، التى تقيم الدنيا ولا تقعدها حول حوادث مختلقة، أو لا ترقى إلى أن تكون نقطة فى بحر الجرائم الإسرائيلية.. أرجو أن نسمع أصواتهم، ونرى تحركاتهم لإدانة الجناة، ولو معنويا، لكننى أثق أنهم لن يحركوا ساكنا!! .