براءة متهم بعد الحكم بسجنه ثلاث سنوات بتهمة الإتجار في الحشيش..تفاصيل

براءة متهم بعد الحكم بسجنه
براءة متهم بعد الحكم بسجنه

كتبت: منى‭ ‬ربيع

‭ ‬” ‬قد‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬حكمًا‭ ‬تصدره‭ ‬المحكمة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ببراءة‭ ‬متهم‭ ‬من‭ ‬الإتجار‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬بعد‭ ‬الحكم‭ ‬بحبسه،‭ ‬وقد‭ ‬يظن‭ ‬أنه‭ ‬لخطأ‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬أو‭ ‬ماشابه،‭ ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬أكدت‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬بالقانون‭ ‬قائلة‭ ‬“‭ ‬إن‭ ‬إفلات‭ ‬مجرم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬لايضير‭ ‬العدالة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يضيرها‭ ‬الافتئات‭ ‬على‭ ‬حريات‭ ‬الناس‭ ‬والقبض‭ ‬عليهم‭ ‬بغير‭ ‬حق”، ما‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬محكمة‭ ‬تنتصر‭ ‬للحريات‭ ‬وتحافظ‭ ‬عليها،‭ ‬بأحكام‭ ‬القضاء‭ ‬والقانون،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬التعرض‭ ‬لحريات‭ ‬الاشخاص‭ ‬أو‭ ‬تفتيشهم‭ ‬بدون‭ ‬اذن،‭ ‬وأن‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬قد‭ ‬كفلها‭ ‬القانون‭ ‬لمأمور‭ ‬الضبط‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬معينة، تفاصيل‭ ‬حكم‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬الهامة‭ ‬نرويه‭ ‬في‭ ‬السطور‭ ‬التالية‭ ‬“

 

ترجع‭ ‬الواقعة‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬وكما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الأوراق‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬3‭ ‬من‭ ‬إبريل‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬قسم‭ ‬المطرية‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬المتهمين‭ ‬وتم‭ ‬اتهامهما‭ ‬بإحراز‭ ‬الحشيش‭ ‬بقصد‭ ‬الإتجار‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬الأحوال‭ ‬المصرح‭ ‬بها‭ ‬قانونًا‭ ‬وكذلك‭ ‬إحراز‭ ‬سلاح‭ ‬أبيض‭ ‬بغير‭ ‬ترخيص‭ ‬وتم‭ ‬إحالتهما‭ ‬لمحكمة‭ ‬جنايات‭ ‬القاهرة‭ ‬لمحاكمتهما‭ ‬طبقًا‭ ‬للقيد‭ ‬والوصف‭ ‬الواردين‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬الإحالة‭ ‬وبعد‭ ‬عدة‭ ‬جلسات‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬حضوريًا‭ ‬بمعاقبتهما‭ ‬بالسجن‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬وتغريمهما‭ ‬مبلغ‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬جنيه‭ ‬عما‭ ‬أسند‭ ‬اليهما‭ ‬ومصادرة‭ ‬المضبوطات‭.‬

 

ليقوم‭ ‬أحد‭ ‬المتهمين‭ ‬بالطعن‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬ليؤكد‭ ‬دفاعه‭ ‬أن‭ ‬ادانة‭ ‬موكله‭ ‬باحراز‭ ‬الحشيش‭ ‬بقصد‭ ‬الإتجار‭ ‬حيازة‭ ‬سلاح‭ ‬ابيض‭ ‬قد‭ ‬شابه‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬ودفع‭ ‬ببطلان‭ ‬القبض‭ ‬والتفتيش‭ ‬لانتفاء‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬بما‭ ‬يستوجب‭ ‬نقض‭ ‬الحكم‭.‬

 

وبعد‭ ‬أن‭ ‬استمعت‭ ‬المحكمة‭ ‬للمرافعة‭ ‬واطلعت‭ ‬على‭ ‬الأوراق‭ ‬وبعد‭ ‬المداولة‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬الطعن‭ ‬استوفى‭ ‬الشكل‭ ‬المقرر‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬وقالت‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ ‬إنه‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الدعوى‭ ‬أثناء‭ ‬مرور‭ ‬معاون‭ ‬مباحث‭ ‬قسم‭ ‬شرطة‭ ‬المطرية‭ ‬لتفقد‭ ‬الحالة‭ ‬الأمنية‭ ‬تلقى‭ ‬معلومة‭ ‬تفيد‭ ‬إتجار‭ ‬المتهم‭ ‬وآخر‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬الحشيش‭ ‬المخدر‭ ‬فقصد‭ ‬محل‭ ‬تواجدهما‭ ‬ورآهما‭ ‬يستقلان‭ ‬سيارة‭ ‬خاصة‭ ‬يستخدماها‭ ‬في‭ ‬تجارتهما‭ ‬فطلب‭ ‬من‭ ‬مصدره‭ ‬السري‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬إليهما‭ ‬ومعه‭ ‬200‭ ‬جنيه‭ ‬مميزة‭ ‬لشراء‭ ‬المخدرات‭ ‬وعاد‭ ‬المصدر‭ ‬بقطعة‭ ‬حشيش‭ ‬فتوجه‭ ‬اليهما‭ ‬وبضبطهما‭ ‬وتفتيشهما‭ ‬عثر‭ ‬مع‭ ‬المتهم‭ ‬الاول‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬قطع‭ ‬حشيش‭.‬

 

وأخذت‭ ‬المحكمة‭ ‬بدفع‭ ‬الطاعن‭ ‬ببطلان‭ ‬القبض‭ ‬والتفتيش‭ ‬لانتفاء‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬دفاعه‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬الحرية‭ ‬الشخصية‭ ‬حق‭ ‬طبيعى‭ ‬وهي‭ ‬مصونة‭ ‬لا‭ ‬تمس‭ ‬وفيما‭ ‬عدا‭ ‬حالات‭ ‬التلبس‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬تفتيشه‭ ‬أو‭ ‬حبسه‭ ‬او‭ ‬تقييد‭ ‬حريته‭ ‬بأي‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬منعه‭ ‬من‭ ‬التنقل‭ ‬إلا‭ ‬بأمر‭ ‬تستلزمه‭ ‬ضرورة‭ ‬التحقيق‭ ‬وصيانة‭ ‬أمن‭ ‬المجتمع‭ ‬ويصدر‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬القاضى‭ ‬المختص‭ ‬أو‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬وذلك‭ ‬وفقا‭ ‬لأحكام‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬التلبس‭  ‬والتى‭ ‬نص‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬وقوعها‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬سواء‭ ‬بمشاهدتها‭ ‬بنفسه‭ ‬أو‭ ‬إدراكها‭ ‬بإحدى‭ ‬حواسه‭ ‬ولا‭ ‬يغنيه‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬نبأها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الرواية‭ ‬أو‭ ‬النقل‭ ‬عن‭ ‬الشهود‭.‬

 

وأكدت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬حيثيات‭ ‬حكمها‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي‭ ‬نبأ‭ ‬الجريمة‭ ‬من‭ ‬الغير‭ ‬لا‭ ‬يكفى‭ ‬لقيام‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬مادام‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬أثرًا‭ ‬من‭ ‬آثارها‭ ‬ينبئ‭ ‬بذاته‭ ‬عن‭ ‬وقوعها‭ ‬قبل‭ ‬إجراء‭ ‬القبض،‭ ‬كما‭ ‬إنه‭ ‬اتضح‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي‭ ‬لم‭ ‬يشاهد‭ ‬عملية‭ ‬البيع‭ ‬والشراء‭ ‬بين‭ ‬المصدر‭ ‬السري‭ ‬والمتهم‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تحت‭ ‬بصره‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬حالة‭ ‬تلبسه‭ ‬بالجريمة‭.‬

 

مما‭ ‬يؤكد‭ ‬بأن‭ ‬القبض‭ ‬باطل،‭ ‬وبالتالى‭  ‬فلا‭ ‬يعتد‭ ‬بشهادة‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بهذا‭ ‬الإجراء‭ ‬الباطل‭  ‬وانتهت‭ ‬المحكمة‭ ‬بأن‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬لذا‭ ‬فيتعين‭ ‬الحكم‭ ‬ببراءة‭ ‬المتهم‭ ‬من‭ ‬التهم‭ ‬الموجهة‭ ‬اليه‭.‬

ولكافة‭ ‬تلك‭ ‬الاسباب‭ ‬أصدرت‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬حكمها‭ ‬برئاسة‭ ‬المستشار‭ ‬نبيه‭ ‬زهران‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬وعضوية‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المستشارين‭ ‬احمد‭ ‬الخولى‭ ‬ومحمد‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬ومحمد‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬نواب‭ ‬رئيس‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬بقبول‭ ‬الطعن‭ ‬شكلا‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬بنقض‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬وبراءة‭ ‬المتهم‭ ‬مما‭ ‬أسند‭ ‬اليه‭ ‬ومصادرة‭ ‬المخدر‭ ‬المضبوط‭.‬

 

وأرست‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحكم‭ ‬أربعة‭ ‬مبادئ‭ ‬قانونية‭ ‬حيث‭ ‬أعطت‭ ‬محكمة‭ ‬الموضوع‭ ‬سلطتها‭  ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬وأكدت‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬صفة‭ ‬تلازم‭ ‬الجريمة‭ ‬لا‭ ‬شخص‭ ‬مرتكبها‭ ‬وأن‭ ‬توافره‭ ‬يتيح‭ ‬لمأمور‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭.‬

 

كذلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬والقبض‭ ‬والتفتيش‭ ‬بغير‭ ‬إذن‭ ‬فإن‭ ‬محكمة‭ ‬الموضوع‭ ‬لها‭ ‬سلطتها‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬الدليل‭ ‬وأن‭ ‬افلات‭ ‬مجرم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬لا‭ ‬يضير‭ ‬العدالة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يضيرها‭ ‬الافتئات‭ ‬على‭ ‬حريات‭ ‬الناس‭ ‬والقبض‭ ‬عليهم‭ ‬بغير‭ ‬وجه‭ ‬حق،‭ ‬ايضا‭ ‬ان‭ ‬تلقي‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬نبأ‭ ‬الجريمة‭ ‬من‭ ‬الغير‭ ‬لا‭ ‬يكفى‭ ‬لحالة‭ ‬التلبس‭ ‬وأخيرًا‭ ‬طالما‭ ‬ثبت‭ ‬بطلان‭ ‬التفتيش‭ ‬فالمحكمة‭ ‬لا‭ ‬تعول‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬مستمد‭ ‬من‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬او‭ ‬شهادة‭ ‬منه‭ .‬