حكايات بين التلات خشبات

إبراهيم ربيع
إبراهيم ربيع

يسأل رجل من العوام البسطاء لماذا الرياضة في بلدنا خارج دائرة الانضباط.. لماذا هي منفلتة ومسرفة وأحيانا منحرفة رغم أنها اكثر القطاعات ارتباطا والتصاقا بالرأي العام وبأكبر شريحة جماهيرية فعالة في الكم والنوع والتنوع وفي شدة  الانفعال مع احداثها وتشابكاتها واشتباكاتها؟.

السؤال وجيه ويرتفع فوق مستوي ذهنية العوام إلي ذهنية مستويات تعليمية وثقافية اخري.. لكن الرجل البسيط من تكرار العبثية والفساد الرياضي ضغطت عليه الحالة المتردية التي يعيشها يوميا وهو يطالع الوجبات الإعلامية بكل ألوانها وشطحاتها ثم وهو يشاهد يوميا ايضا مباريات ترمي في وجهه عدة علامات استفهام جعلته ينطق بما هو أكبر من مستواه العلمي والثقافي..وبينما المتعلمون يحاولون التفسير ويصلون أحيانا إلي استنتاجات فإن العوام تغلب عليهم العصبية والتعصب وأحيانا العنصرية فيبرروا لأنديتهم ونجومهم ورموزهم العبث والفساد.

وبما أن الرياضة أقصر الطرق إلي الشهرة لمن يلعب او يدير او حتي يشجع فإن مواقعها في اي مكان هي قبلة كل من يريد أن يعوض فشلا في مجالات أخري او من يدغدغه طموح أن يجمع بين الحسنيين ..المال والشهرة.. ومن هنا أقدم لهؤلاء الحياري وجهة نظري في سبب افلات الرياضة من منظومة الضبط والربط وتركها تتفاعل مع نفسها ..لن أبني وجهة النظر علي فكرة الإنصهار بين الرياضة والسياسة ..لأنها فكرة قديمة  ولاأري فيها وجاهة كاملة..لأن من يريد أن يستغل الرياضة لخدمة السياسة لن يضيره شيئا ان تخدمها وهي منضبطة ومحترمة..ولذلك أنا شخصيا اري أن جوهر مشكلة الرياضة أنها ملتقي كل شرائح المجتمع بحيث تري في شرايينها الإدارية المنتمين لجميع اركان المؤسسات المؤثرة في المجتمع والدولة..خذ مثلا تشكيل مجالس إدارة الاتحادات والأندية..ستري فيها أعضاء في وظائف كبري داخل جهات هي التي من المفترض أن تساعد في ضبط قطاع الرياضة لكنهم مطالبين بخدمة اغراض المكان الضيق الذي أختيروا له وليس خدمة المكان الأوسع وهو القطاع كله..فهم معنيون أكثر بإرضاء جمعياتهم العمومية لاإرضاء القوانين واللوائح..ولامانع عندهم في تسهيل ركوب الخاص علي العام وبكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة..هم يستميتون في استغلال نفوذهم لتمرير مالا يجب أن يمر.. 

أضف إلي ذلك أن الرياضة شذت إداريا عن كل القواعد الدولية في خصائص العلاقة بين قمة وقاعة الهرم الإداري ..فالقانون يمنح القمة ممثلة في الوزارة واللجنة الاوليمبية واتحاد الكرة السيادة والرقابة ورسم السياسات العامة إلا أن الواقع العجيب الفريد من نوعه أن القاع او مانسميه القاعدة هي التي تفعل ذلك في الكواليس فتوجه المؤسسات السيادية الرياضية إلي مايجب فعله..

ولن يحتار القارئ في تفسير ماأقوله لأنه علي سبيل المثال علي قناعة وعلي يقين أن الحزبين التاريخيين الحقيقيين الاهلي والزمالك هما القمة والقاع معا ..وهما الواجهة الرياضية والإدارية والجماهيرية الفعلية التي ربما لانبالغ في القول أنهما من يقولون للمؤسسات الرياضية السياسية كونوا كذا فيكونون كذا !. 

هل يمكن إصلاح ذلك ؟..يمكن طبعا ..واتحدث عنه في مقال آخر..