صدى الصوت

رهان «سلماوى»!

عمرو الديب
عمرو الديب

لأديبنا الكبير محمد سلماوى الحق فى أن يزهو، ويعتز بأدواره المخلصة العديدة، وله أن يغتبط بشجاعته فى أيام المخاض المؤلمة التى سبقت اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو التى تظلنا هذه الأيام أجواء ذكراها التاسعة، فقد وقف سلماوي، وكان وقتها رئيسا لاتحاد كتاب مصر يتحدى عصابة الشر، وهى فى ذروة نفوذها وتمكنها ببسالة نادرة حقا،

وتصدى لجبروتهم مع المخلصين من المثقفين بقوة وإصرار على الخلاص فى ملحمة وطنية رائعة تعد من إرهاصات الثورة التى أنقذت مصرنا العزيزة من مصير الضياع والخراب، وعلى الرغم من أن الأديب الكبير محمد سلماوى قد دخل التاريخ من أبواب متعددة يبرز فى صدارتها حصاده الإبداعى الثرى ونصوصه المسرحية الجريئة وعلى رأسها مسرحيته «الزهرة والجنزير» التى واجهت ظاهرة الإرهاب، ونبهت المجتمع إلى بشاعته وأخطاره مبكرا، وهذه العلامات كفيلة وحدها بحفر اسمه فى وثائق العطاء،

ولكن أبى «سلماوى» إلا أن تكون له أدوار مؤثرة فى مسيرة وطنه، ولم يكتف بدوره كمبدع حقيقى بارز، وأيقن أن المثقف الأصيل لابد من أن يقدم إلى وطنه جهدا مخلصا فى سبيل رفعته وتقدمه، ولم يركن أديبنا الكبير إلى شعارات البعض البراقة بأنه ليس  مطلوبا من المفكرين والمبدعين سوى إنارة الأذهان والارتقاء بالوجدان، حتى ولو تحقق ذلك من أبراج عاجية، لذا رأينا «سلماوى» ينزل إلى أرض الواقع، ويشتبك مع همومه وقضاياه، ليس فقط ككاتب مقال يشخص الأدواء، ويبحث عن الدواء، ولكن أيضا كصانع للأحداث، ومحفز للطاقات ومواجه للإحباطات، وقد يشير قائل إلى أن حصول «سلماوى» على أرفع جائزة مصرية على الإطلاق وهى جائزة النيل كاف وحده لإدخال صاحبنا من أوسع أبواب التاريخ، وقد يقول آخر ان مشاركته فى لجنة وضع الدستور كفيل بذلك، ولكنى أقول أن دأب «سلماوى»، ومثابرته، وصدقه فى الدفاع عن قناعاته هو أهم الأبواب التى دخل منها «سلماوى» تاريخنا، واختياره مؤخرا ضمن الأمانة العامة للحوار الوطنى -الذى نرتقب جميعا نتائجه ومعطياته- ليس فقط بابا آخر أو سببا إضافيا يدلف من خلاله أديبنا الكبير إلى ساحة تاريخنا الحاشدة، ولكنه بالأحرى دليل على أن الصدق فى التوجه نحو خدمة الأوطان والانتماء الحقيقى للجذور هما الطريق الذهبى والرهان الرابح لبلوغ التقدير والتكريم الآن فى مصر الجديدة.. ثمرة الثلاثين من يونيو الناضجة.