بدون تردد

الحوار وثورة ٣٠ يونيو

محمد بركات
محمد بركات

أحسب أنه لا مبالغة فى القول بأن الدعوة إلى الحوار الوطنى الشامل والجامع، الذى يجرى الاعداد والترتيب لبدء انعقاده خلال الأيام القادمة، ما كان يمكن أن تقوم أو يكون لها وجود على أرض الواقع، دون قيام ثورة الثلاثين من يونيو، ونجاحها فى إنقاذ البلاد من الأوضاع بالغة السوء والبؤس، التى كانت قائمة فى ظل سيطرة جماعة الإفك والضلال والإرهاب على الحكم، وفشلها المزرى فى إدارة شئون البلاد والعباد.


بالقطع ما كان يمكن أن تكون هناك دعوة للحوار حول رؤية مجتمعية استراتيجية متوافق عليها بين مكونات الجماعة الوطنية، باختلاف وتعدد وتنوع مستوياتها الفكرية والثقافية وتوجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فى وجود حالة من الاحتقان الشديد بين الجميع، وشيوع الانقسام والفرقة وانتشار العنف والتطرف، وتسلط الجماعة ومرشدها على كافة المواطنين وكل الدولة وعموم الناس وخاصتهم.
وبالتأكيد لم يكن هناك أدنى إمكانية لتوجيه دعوة للحوار، فى ظل جماعة لا تؤمن بغير نفسها، ولا تريد مشاركة أحد على الاطلاق فى أى أمر من أمور الدولة فى الحاضر أو المستقبل.
كما لم يكن هناك أى فرصة أو إمكانية لأى حوار، نظرًا لعدم وجود أى استعداد أو رغبة أو اعتقاد أو إيمان، من جانب الفئة الضالة المُسيطرة على الحكم والقابضة على رقاب العباد والبلاد بفكرة أو مبدأ الحوار على الاطلاق، وذلك لإيمانهم الكامل بأنهم وحدهم المالكون للحقيقة المطلقة، وأن رأيهم ورؤيتهم فقط هى الصواب، وكل ما عداهما خطأ وخطيئة.


هذه مُسلمات يجب أن ندركها، وتلك حقائق يجب أن تكون واضحة ومعلومة لنا جميعًا، ونحن نستعد لبدء الحوار الوطنى الشامل، ساعين بكل الجدية والصدق للاستماع ولمناقشة كل الأفكار وكافة الاجتهادات الخاصة بالرؤية المستقبلية للمسيرة الوطنية فى المرحلة المقبلة، والرؤى المتصلة بالأسس والمبادئ التى تقوم عليها الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى نتطلع إليها ونسعى لقيامها.
كما يجب أن تكون ماثلة أمام أعيننا ونحن نسعى بإخلاص وجدية من خلال الحوار، إلى التوافق حول الخطوط العامة التى يجب أن تتضمنها خارطة الطريق الواضحة والمحددة للوصول إلى شكل ومضمون الدولة التى نسعى إليها فى ظل الجمهورية الجديدة التى تعبر تعبيرًا صحيحًا وعادلًا عن ثورة الثلاثين من يونيو وإرادة الملايين التى فجرتها، والتى بدونها ما كان يمكن أن يكون هناك حوار ولا دولة ولا وطن.