محمد الرزاز يكتب: أن تحب «مراثى أوفيليا»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أوفيليا.. ارتحلتُ كثيراً وسحتُ فى البلاد أقصاها وأدناها. مئات المدن عرفتنى، فمنها ما احتوتنى وما أعرضت عنى. حفظت آلاف الأمكنة فى ذاكرة القلب، وما زلت أضل طريقى كلما أتيت لأراك! فقط أردت أن أطرق بابك الحجرى المطلسم بسر الموت الأعظم، وأن أترك لك ثمرة قطفتها بأيدٍ دامية من عوسج الفؤاد، فصيّرتها كلمات. وهل أملك سوى الكلمات منذ رحيلك؟
أوفيليا..
قطعت نصف الكون بحثاً عنك
ولما كان الكون دائم التمدد
فقد صار الوصول مستحيلاً.
نصف الكون ونصف العمر
فلا الشوق يطوى المسافة 
ولا العشق يهوّن الوَحشة.

بعدما أصابتنى الحمّى
وهالنى بريق النجوم
ريثما أغمضت عينى منهزماً
رأيتك!
عبر سُدُم البُعد وجحيم الشُّهُب
رأيتك.
أهكذا يجب أن ألتقيك
داخل ثنايا القلب 
وأنا على أهداب المجرة؟
أوفيليا..
أنصت إلى موسيقى الأجرام
فتصير صدى لرفيف أهدابك
وأتأمل مصابيح السماء
فتطالعنى من كل قنديل نظراتك
بعد أن أسبلتِ جفنيك 
منذ ألف عام
ألم أقل لك أن الحب عطب كونى؟
أنا، يا حبيبتى، جُرمٌ صغير
إذا اقترب احترق
وإذا ابتعد ما انعتق
وقد كنت ذات عُمرٍ 
أسلك مدارات الحنين 
فى فُلك شمسٍ بعيدة
ثم أغوتنى إيماءة منك
فمخرت عباب الكون الرحيب إليك
وامتصنى ثقب عذريتك الأسود
ألا حبيبتى، حنانيك
رفاتى صنيعة يديك.

هنا، 
على ضفاف نهر المجرة
أقضى كنجمة انطفأت جمرتها 
أنقّب عن أنقاض معبدك القديم
هنا،
حيث وشيش الجداول الفضية
أبحث عن جَرّة تحمل اسمك
أو طوطم به نقش لوجهك
هنا، 
أفتش عن مكامن السحر
فى خرافتك 
فإما أن أقطع دابر الغواية
أو أصير إلهاً مثلك
أو أفشل مجدداً
فأترك حطامى مقصداً لأجيال الأمد.

اقرأ ايضا | إبراهيم محمد عامر يكتب: زوجة العم آكلة الطماطم