ثائر وشاهد

صالح الصالحي
صالح الصالحي

ذكرى ثورة يونيو حية فى الأذهان.. نعشق تكرارها على أنفسنا لنستعيد مجداً حققناه ونصراً عزيزاً علينا، شارك فيه جموع المصريين من كل الفئات والأعمار.. فى مواجهة جماعة ظلامية لا تعترف بحدود الأوطان ولا تقدر تراب الوطن الذى روته دماء المصريين الطاهرة على مر العصور منذ مطلع التاريخ.

ومثلى مثل ملايين المصريين الذين خرجوا صبيحة ٣٠ يونيو فى مشهد يفتخر به التاريخ على مر العصور.. مشهد سوف نقف أمامه كثيراً للدراسة والتحليل.. فلم يحدث فى التاريخ الإنسانى أن خرج ٣٠ مليون مواطن فى ثورة بيضاء تزينها الأعلام المصرية وفى خلفيتها أجمل الأغانى الوطنية التى كتبت فى حب الوطن ورددناها فى مناسبات عزيزة وغالية.. ومن قبلها فى حروب خاضها المصريون لتحرير أرضهم، فلم تعرف بلادنا تخاذل مصرى، ما أن تناديه البلاد يسارع بتلبية دعوتها فى عزة وأنفة غير عابئ بروحه أو حتى أرواح أولاده أغلى ما يملك.. فتراب الوطن عند المصرى أغلى من ولده، يقدمه شهيداً يعلم أن مثواه الجنة يشيعه بالفرحة والزغاريد مستبشراً بمن يأتون من بعده فرحاً بما آتاه.

ولن أنسى ذلك اليوم المشهود الذى امتلأت فيه الشوارع والميادين بالمسيرات الداعمة والتى تردد شعارات طرد الإخوان وتطالب بتطهير البلاد من حقدهم وإرهابهم.. اختلطت الجموع فى مسيرات هندسية لا تعتدى إحداها على الأخرى ولم يخرج منها ما يعكر صفوها.. الكل حريص على وطنه غير عابئ بصيحات الإرهاب التى كان يطلقها الإخوان والتى حملت تهديداً بأن الدماء ستملأ الشوارع.. وقبلها بفترة ليست بقليلة انبرى المصريون فى توقيع استمارات تمرد لإبعاد الإخوان عن الحكم وإخراجهم من البلاد ليوثقوا بذلك رفض الشارع ونبذه لهم، وإن كانت المسيرات الحاشدة الدليل الأكبر على ذلك، لكن للأمانة استخدم المصريون كل الوسائل لإنجاح ثورتهم فى مشهد ملأت السعادة وجوه المصريين والتى كانت تزداد بمرور ساعات هذا اليوم وأصبح الجميع فى انتظار جيشهم الذى ما إن وجد إرادة الشعب واضحة مما لا يدع مجالاً للشك حتى انحاز للشعب.. ولن أنسى مشهد المواطنين وهم يستقبلون مدرعات الجيش التى بدأت فى النزول لحماية الثائرين وكيف كانوا يعتلونها فى حب جيش من أبنائهم، حتى انعقد الاجتماع الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى ودعا فيه ممثلى القوى الوطنية والحزبية فى البلاد والتى سبقتها بيانات صادرة عنه محاولاً رأب الصدع وتفادياً لنشوء حرب أهلية تحيل البلاد لبحور من الدماء.
عاشت ثورتنا.. وعاش قائدنا الذى أنقذ البلاد فى لحظة فارقة غيرت مسارات التاريخ الإنسانى كله.. تسلم الأيادى وتحيا مصر.