«هو فيه إيه» ؟!

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

هل اصيب البشر بالجنون، ولا أقصد بالطبع الجنون العقلى الذى يصيب خلايا المخ بالتلف،ويفقده الإدراك .. بل الجنون السلوكى والانحراف الأخلاقى، الذى جعل ذبح البشر مثل ذبح الدجاجة.
ما كل هذا الغل والحقد الذى أصبح يملأ القلوب، ويحرك الأيدى بالأذى القاتل.

هل هو فيروس جديد، أصاب الماء أو الهواء، وجعل الأبناء يهونون على آبائهم ، والأباء على ابنائهم، والحبيب على حبيبه، بل وجعل النفس تهون على صاحبها بالانتحار .

الجرائم مفزعة، والجنازات حارة، والأسباب واهية، تافهة .
أجمل تعليق قيل لى حول حادث فتاة المنصورة، جاءنى من خبير النفس البشرية دكتور يسرى عبد المحسن،قائلا: «الحب الحقيقى الذى يجب أن نعلمه لأبنائنا ، هو المودة والرحمة، التى جعلها الله رباطا مقدسا يجمع بين الرجل والمرأة ، المودة والرحمة، تعنى الإيثار والتواصل الوجدانى والتفاهم العميق،والاحترام المتبادل، وهذه هى مواصفات الحب الحقيقى الذى يبنى ولا يهدم»
قال لى أيضا: «ابناؤنا فى خطر، هناك مشكلة فى البيوت، قد لا تكون إهمالا فى التربية، ولكن خلل وجهل،فكثير من الأهالى أعطوا كل اهتمامهم للتعليم، وأصبح تقييم ابنائهم يرتبط بتفوقهم الدراسي، ونسوا فى غمرة مشكلات التعليم والدروس،والتابلت، والأوبن بوك، بناء تفكير وثقافة وأخلاق ووجدان ابنائهم،فالأهم من بناء طالب متفوق، هو بناء إنسان سوى».

قال لى أيضا: «المخدرات ليست أخطر ما يهدد أبناءنا، فالفراغ أخطر،وعدم انشغال المراهق أو الشاب باهتمامات رياضية أو ثقافية أو فنية، يدفعه لتوجيه فكره ووقته لأشياء أخرى، كالمخدرات والجنس، والعنف ، فالأمراض الاجتماعية معدية كالأمراض الجسدية،العدوانية والسيكوباتية معدية ، والانحرافات الأخلاقية والجنسية أيضا معدية».

كلام د.يسرى عبد المحسن يؤكد أن الخطر داخل بيوتنا،وأن الأحوال الاقتصادية، ليست الشماعة الحقيقية، فالجرائم الشاذة لم تفرق بين الأغنياء والفقراء.
والمخدرات أيضا ليست السبب الوحيد، فمرتكب جريمة المنصورة مثلا ، كان دمه نظيفا،وعقله حاضرا.

حتى السوشيال ميديا التى نرميها بكل التهم، ليست السبب فيما أصابنا، فهى فى رأيى لها ما لها من مكاسب ومزايا، وأنا من المؤمنين بأهمية السوشيال ميديا، التى أصبحت تحرك شعوبا وحكومات،كرقيب لا يهدأ ولا ينام.

وأخيرا، هل نستطيع النجاة من فيروس الجنون السلوكى الذى أصاب عقولنا وقلوبنا وأعصابنا،هل نستطيع استعادة الهدوء والسكينة بعيدا عن سوء الظن والتهور، وعدم التماس الأعذار للآخرين؟
بداية الإصلاح من داخل بيوتنا،كما قال أستاذنا د.يسرى عبد المحسن.