«نيرون سوهاج».. حرق شقيقته وزوجها وطفلتهما لزواجها دون علمه

المتهم
المتهم

حبيبة جمال

هل تتذكرون ماذا فعل نيرون يومًا؟! كان آخر شخص في الامبراطورية الرومانية، أرسل رجاله علنًا لإشعال النار في المدينة بزعم بنائها من جديد، ثم وقف وكما تقول كتب التاريخ فوق برج عالي على تلة يغني، ورغم أنه قياس مع الفارق إلا أن الأحداث تتشابه إلى حد ما؛ بعدما حرق شاب مجنون وما هو بمجنون شقيقته وزوجها وطفلتهما الرضيعة لا لشيء سوى أنها تزوجت بدون إذنه، ثم وقف يراقب أجسادهم وهى تحترق ، القصة غريبة وأحداثها التي جرت بمحافظة سوهاج مثيرة من بدايتها إلى نهايتها.

 

بعد ثمانية أشهر على جريمة قتل بشعة بكل المقاييس، جريمة اهتزت لها مشاعر أهالي محافظة سوهاج، بطلها شاب تناسى معنى الأخوة وصلة الدم، تجرد من كل مشاعر الرحمة والإنسانية، تحول لشيطان لا يعرف سوى القتل والدم، قتل شقيقته وزوجها وطفلتهما الرضيعة والسبب أنها تزوجت دون علمه ورضاه، ليكون الإعدام هو مصيره..بلا شك جريمة تقشعر لها الأبدان.

 

كيف كانت البداية؟، تدق عقارب الساعة كنبضات القلب المضطرب لتعلن قدوم الثامنة مساء، داخل شقة بالطابق السادس في العقار رقم ٣ بحي الكوثر، التابع لمحافظة سوهاج، تقف فاطمة داخل المطبخ تحضر وجبة العشاء لزوجها أحمد بعدما عاد من يوم شاق في عمله، بينما هو يجلس أمام التلفاز يحتضن ابنته مكة الطفلة التي لم تكمل ستة أشهر من عمرها، يداعبها ويضحك معها، حتى سمع طرقات متتالية على الباب، خلعت قلبه من مكانه، وأثارت الرعب في قلب فاطمة، كل منهما ذهب عقله للأفكار السوداء وهو أن يكون أحد من أهلها عرف مكانهما، وبالفعل كان شقيقها هو الطارق، وبخطوات بطيئة ذهب أحمد نحو الباب وفتحه ليجد أمامه شقيق فاطمة، وقبل أن يتفوه بكلمة واحدة ضربه على رأسه، ثم دخل وأغلق الباب خلفه، فخرجت فاطمة على صوت الضربة التي تلقاها زوجها صارخًا، وإذ به شقيقها يضربها أيضا، وبكل قسوة وجحود يشعل النيران في الشقة وهم أحياء، دون أن تردعه صرخات الصغيرة التي لا تفقه أي شيء في الحياة وتركهم وفر هاربا. 

 

بدأت ألسنة اللهب تشتعل تأكل كل ما يصادفها من أجساد ومتاع وحوائط، ثلاث جثث لا يتحركون، النيران تقترب منهم خطوة بخطوة، شاهد الأهالي الدخان والنيران وهم في حالة من الفزع والرعب، باءت محاولاتهم لإنقاذ تلك الأسرة الصغيرة بالفشل، فالثلاثة أصبحوا جثثا متفحمة دون أي ذنب ارتكبه أحد منهم، أبلغ الأهالي مركز الشرطة، وانتقل رجال المباحث لمحل البلاغ، وتم فرض كردون أمني بموقع الحادث، وأمرت النيابة بنقل الجثث الثلاثة للمستشفى، علمت والدة أحمد بالحادث، أسرعت للمستشفى على أمل أن يكون نجلها بخير، لكنها كانت تفاصيل تلك الليلة مؤلمة على تلك الأم التي رأت نجلها وحفيدتها وزوجة ابنها جثثا متفحمة، مشهد لا يمكن أن تنساه، وعندما سألها رجال المباحث هل تتهم أحدا، قالت لا، لأنه ببساطة لم يكن يخطر ببالها أن هناك من يحمل عداوة وغدر في قلبه تجاه نجلها الذي عرف بالطيبة وحسن الخلق. 

 

تشكل فريق بحث لكشف لغز الواقعة، وكانت المفاجأة الصادمة للجميع، أن الحادث لم يكن قضاءً وقدر، وأن شقيق الزوجة هو المتهم في تلك الجريمة البشعة، ولكن ما هي دوافعه لارتكابها؟!

 

هروب وزواج

نرجع بالزمن لعشرين عامًا من الآن، داخل منزل بسيط بمركز أخميم، ولدت فاطمة، كانت طفلة شقية، أحبتها أسرتها، بدأت تكبر يوما بعد يوم، حتى وصلت لسن١٩ عاما، تغيرت كثيرا، بدأت تخرج من البيت دون إذن أسرتها، حتى تقدم لها شاب يدعى أحمد، كان يريد زواجها بالحلال ويكمل معها نصف دينه، لكنه عندما تقدم لأسرتها، رفضته تلك الأسرة، فانهارت فاطمة وعرف الحزن طريقه لها، بدأت تعصف بها الأفكار، حتى قررت الهروب من البيت لتتزوج بمن اختاره قلبها، أخبرت فاطمة أحمد بما يدور داخل عقلها، ووافق على فكرتها، بالفعل استغلت فاطمة نوم أسرتها وهربت في الليل، ثم تزوجت أحمد وهربت معه بعيدًا حتى لا تعرف أسرتها مكانهما. 

 

فاختارا حي الكوثر ليكون هو عش زواجهما، عاش فيه الاثنان أيام وليالي، اختلطت فيه المشاعر ما بين الفرحة والسعادة وبين القلق والخوف من أن يستدل أحد من أسرتها على طريقهما، كان الاثنان يستيقظان كل ليلة على كابوس بأن هناك من يطرق بابهما، لم يكن الاثنان يعلمان أن الكابوس واقع واقع.. مرت الأيام حتى أنجبت فاطمة طفلة جميلة أسمياها مكة، هدأت الأمور قليلا فقد فات أكثر من عام ونصف على هروبها من البيت، لكن شقيق فاطمة لم ينس ما فعلته شقيقته بهم، كان المجنون يبحث عنها كل يوم وكل ساعة، وكلما مر الوقت كلما شعر بالغليان وملأ الحقد قلبه أكثر فأكثر، فكلمات الناس كانت كالسهام التي تمزق قلبه بلا شفقة أو رحمة، فسيطرت عليه فكرة القتل، رأى أن شقيقته جلبت لهما العار بسبب ما فعلته، فكان يرى أنه لابد من قتلها هي وزوجها، مرت الأيام حتى عرف مكانهما، جلس داخل غرفته يفكر كيف ينتقم، كيف يقتلها بدم بارد، بدأ يراقبها لعدة أيام، وبعدما اختمرت الخطة في ذهنه والأسرة الصغيرة مجتمعة في البيت؛ ذهب لشقتها في حي الكوثر بعدما تأكد أن الجميع بداخله، وظل يطرق الباب، حتى فتح الزوج باب الشقة وضربه في رأسه ثم ضرب شقيقته وأشعل فيهما النيران بكل جبروت دون أن تتحرك شعرة في رأسه. 

 

تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض عليه، وأمام النيابة اعترف بتفاصيل جريمته وأنه غيرنادم على ارتكابها، وكان يرى أنها تستحق القتل ألف مرة بسبب ما فعلته بهم وجعلت الناس يتحدثون عنهم، وتحولت القضية للجنايات. 

إحالة للمفتي

وبعد ثمانية أشهر من وقوع الجريمة الشنعاء التي أتت إلينا من الجاهلية؛ أسدلت محكمة جنايات سوهاج الستار عنها، حيث أصدر المستشار محمد رفاعي عبد الحافظ رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين أحمد محمد حلاوة، وأحمد أبو القاسم محمد بإحالة أوراق المتهم لفضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه، وحدد جلسة اليوم الثاني من دور شهر يوليو للنطق بالحكم، لتكون هذه هي النهاية المنطقية للأخ الذي لم يسمع سوى لشيطانه فقط وعقله الشرير، وبدلًا من أن يذهب لشقيقته يبارك زواجها ويحتضن ابنتهامتمنيًا لهما السعادة من كل قلبه ويتدخل لإنهاء الخصام بينها وبين أسرتها، يكون وبالًا عليها، أداة شر مستطيرمرتكبًا جريمة قتل بكل قسوة دون رادع من ضمير أو وازع من دين، ويقتل طفلة لا حول لها ولا قوة.