العلاقات المصرية العمانية.. نموذج للتعاون والشراكة العربية

 العلاقات المصرية العمانية.. نموذج للتعاون والشراكة العربية
العلاقات المصرية العمانية.. نموذج للتعاون والشراكة العربية

المواقف التاريخية لا تنسى كما ان البناء عليها يضيف قوة ومتانة للعلاقات بين الدول ، والعلاقة بين مصر وسلطنة عمان تاريخية ومتجذرة، وبها الكثير من المحطات التاريخية المهمة وابرزها الموقف التاريخى لسلطنة عمان برفض المقاطعة العربية لمصر عقب توقيعها لاتفاق السلام مع اسرائيل الذى استردت من خلاله كامل ترابها فى سيناء، فلم تقطع السلطنة بقيادة سلطانها الراحل قابوس بن سعيد علاقاتها مع مصر.


وعلى مدار عقود تم البناء على هذه العلاقة المميزة وحاليا ترتبط مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى وسلطنة عُمان بقيادة السلطان هيثم بن طارق، بعلاقات سياسية قوية،حيث تواصل التشاور والتنسيق فى القضايا الإقليمية والدولية، وفى كل القضايا المطروحة فى المحافل الدولية.


وتحافظ سلطنة عمان على سياسة الحياد مع محيطها العربى، وتجمعها علاقات طيبة بكل الدول حيث تتبع مبدأ عدم التدخل فى شئون الدول الداخلية.. كما يتفق البلدان فى مواقفهما تجاه تطورات الأوضاع فى المنطقة، وفى مقدمتها الاوضاع قى سوريا وليبيا والقضية الفلسطينية،فلهما مواقف ثابتة حيث يدعو البلدان دائما لحل قضايا المنطقة بالحوار.

والدعوة إلى إحلال السلام والاستقرار إقليميا ودولياً،مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على التضامن العربى وضرورة تجنيب المنطقة المزيد من أسباب التوتر أو الاستقطاب وعدم الاستقرار..

وتؤكد السلطنة دائما أهمية الدور الذى تلعبه مصر فى قضايا المنطقة والامة العربية.. وتستمد علاقة مصر وسلطنة عمان قوتها من تعدد جوانب التعاون بين البلدين، التى تشمل المجالات التجارية والاقتصادية والإعلامية والثقافية.


محطات تاريخية
كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الى سلطنة عمان عام 2018 محطة مميزة فى مسيرة العلاقات الثنائية، فقد كانت  الأولى للرئيس السيسى منذ توليه لمنصب الرئاسة فى مصر، كما اكدت خصوصية العلاقات بين البلدين، وهناك لقاءات مهمة محفورة فى الذاكرة، فى أجندة التواصل رفيع المستوى بين البلدين حيث شاركت السلطنة بوفد عالى المستوى فى حفل تنصيب الرئيس السيسى.

وكذلك فى المؤتمر الاقتصادى الذى عُقد بشرم الشيخ فى مارس 2015، وافتتاح قناة السويس الجديدة فى 6 أغسطس 2015،.. ووفقاً للمراقبين، كان عام 2017 هو عام مصرى عُمانى بامتياز، إذ شهدت العلاقات دفعة قوية منذ بداية العام، تمثلت فى زيارة سامح شكرى وزير الخارجية إلى السلطنة.

وتبعها فى أبريل من ذات العام زيارة يوسف بن علوى الوزير السابق المسئول عن الشئون الخارجية،حيث التقى مع الرئيس السيسى، ثم جاءت زيارة سامح شكرى للمرة الثانية للسلطنة فى 14 نوفمبر من ذات العام، فى إطار جولته العربية، لتؤكد متانة العلاقة بين البلدين.


وقد اكدت وزارة الخارجية انذاك، أن زيارة شكرى إلى سلطنة عمان تستهدف بالأساس تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومتابعة برامج ومشروعات التعاون القائمة، بالإضافة إلى التشاور حول عدد من الملفات والقضايا الإقليمية التى تهم البلدين.. كما أكد البيان أن العلاقات المصرية العمانية تمثل محور ارتكاز أساسى فى المنطقة العربية يستمد قوته من البعد التاريخى وعمق العلاقات الثنائية بين البلدين وتشعبها على مختلف الأصعدة


كما أوصت لجنة الشئون العربية بمجلس النواب انذاك ، بتكثيف التعاون والتبادل التجارى بين مصر وسلطنة عمان، وسرعة تنفيذ وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين وإنشاء لجنة عليا مشتركة للتنسيق والتكامل بينهما..

ولن تنسى مصر مقولة السلطان الراحل قابوس، خلال كلمته التى ألقاها بمناسبة العيد الوطنى الـ14 للسلطنة فى سنة 1984،حيث قال: لقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس فى بناء الكيان والصف العربى. وهى لم تتوان يوما فى التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام. وأنها لجديرة بكل تقدير.


علاقات وثيقة اقتصاديا
يتخذ البلدان خطوات متبادلة للدفع بالعلاقات  التجارية والصناعية والاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، وأشارت الاحصائيات العمانية إلى أن صادرات سلطنة عمان للسوق المصرية تبلغ حوالى 16.8 مليون ريال عمانى، فى حين تصل الواردات من مصر الى 48 مليون ريال عمانى بنهاية عام 2016،علما بأن الريال العمانى يعادل 46.9 جنيه..

وأهم الصادرات المصرية لـسلطنة عمان منتجات الألبان، والمنتجات الزراعية، وبعض الالات والمعدات الكهربائية، واللدائن الاصطناعية، ومنتجات الخزف، والمستحضرات الدوائية، والزيوت العطرية والمنتجات الكيماوية والنحاس ومصنوعاته.


والواردات المصرية من عُمان هى الحديد وصلب الفولاذ ومنتجاته، والأسماك والقشريات، وبعض الآلات والاجهزة والمعدات والمنتجات الكيماوية العضوية،والبترول ومنتجاته ووقود معدنى، وزيوت معدنية..

وهناك تعاون ملحوظ بين رجال الأعمال المصريين والعمانيين، فعدد من الشركات المصرية الكبيرة تقوم بمشروعات ضخمة فى سلطنة عمان فى مجالات البنية التحتية ومشروعات الطرق والصرف الصحى والاستثمار العقارى السياحى مثل شركة بتروجت وشركة المقاولات المصرية وشركة المقاولين العرب..

وهناك رغبة من الحكومة العُمانية فى استثمار علاقاتها المتميزة مع مصر فى تنشيط الجانب الاقتصادى منها، باعتبار أن السوق المصرية من الأسواق الواعدة، حيث تمثل مصر للسلطنة إحدى المحطات المهمة التى يمكن من خلالها إعادة التصدير للبلدان الأفريقية المجاورة.


كما ان هناك رغبة فى زيادة الصادرات العُمانية إلى مصر، خاصة من الشركات المتخصصة فى أسماك السردين و التونة والبسكويت والمكرونة والمنظفات والعصائر ومعجون الطماطم والرخام والأخشاب والموبيليا وخراطيم البلاستيك والمراتب والأدوية ومنتجات الألبان وغيرها.. وتقدر الاستثمارات العُمانية فى مصر بـ 77.5 مليون دولار،حيث تتواجد  92 شركة عمانية فى مجالات الصناعة والسياحة والإنشاءات والزراعة، فى حين تبلغ الاستثمارات المصرية بالسوق العمانى 680 مليون دولار تقوم بها  142 شركة متخصصة فى مجالات البنية التحتية ومشروعات الطرق والاستثمار العقارى.. وتشكل الاستثمارات العمانية جزءا مهما من الاستثمارات الخليجية والعربية فى مصر، كما ان هناك تعاونا ملحوظا بين رجال الأعمال المصريين والعمانيين.


تقدير متبادل
ساندت سلطنة عُمان مصر بشكل قوى بعد ثورة٣٠ يونيو، كما حافظ البلدان على الأسس الراسخة لعلاقاتهما، بفضل السياسة الحكيمة التى اتبعتها قيادتى البلدين، وهى عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، ورأت السلطنة أن الشعب المصرى هو من يقرر مستقبله.

وفى هذا الإطار جاءت زيارة يوسف بن علوى بن عبد الله الوزير المسئول عـن الشئون الخارجية السابق إلى مصر عام 2013، حيث استقبله المستشار عدلى منصور الرئيس السابق، وخلال الزيارة وجه بن علوى رسالة إلى العالم بضرورة مواصلة دعم الأمن والاستقرار فى مصر والتضامن معها.. كما يقدر المسئولون العمانيون على كل المستويات الدور الذى تلعبه مصر فى حل الصراعات والنزاعات فى المنطقة وقد قامت مصر بالمبادرة فى هذا الشأن فى موضوعات مثل مكافحة القرصنة البحرية. 


يلعب الأزهر دورا رياديا فى القطاع الدينى بسلطنة عُمان، فهناك بروتوكول موقع بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والشئون الدينية العُمانية، ويلتقى ممثلوها فى إطار اللجنة المشتركة بين البلدين.. كما تمتلك مصر ثقلا ثقافيا وإعلاميا ملموسا ومقدرا فى سلطنة عمان.

اقرأ ايضا | سفير مصر في عُمان: علاقات القاهرة ومسقط «ضاربة في عمق التاريخ»